Site icon محمد سليمان الأحيدب

غسلها الرب فلا تدنسوها بالأنانية

استجاب الرحمن الرحيم لدعاء العباد وتضرعهم واستسقائهم فمطرنا أمطاراً لم نشهدها منذ عقود وسالت شعاب وأودية طال جفافها، وغسلت أنقى أنواع المياه أنقى بقاع الأرض فازدادت سعادة هذا الوطن السعيد أهله برؤية أمواج الأودية والشعاب وهي تغسل الأرض وتطهرها وتقذف بالزبد ليذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيبقى في الأرض.
وما بقي في الأرض من أنقى أنواع المياه على الإطلاق سيجعل الأرض تهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج، وسوف نشهد أو يشهد من يحييه الله منا هذا العام، اكتساء الأرض بالعشب وأنواع الزهور وواحدة من آيات الله تتمثل في إحياء الأموات بإحياء أرض كانت ميتة.
هذه النعمة، وتلك الآية الإعجازية، جديرة منا كمسلمين مؤمنين، أكثر من غيرنا بإحترامها والإبقاء عليها طاهرة نقية نظيفة متاحة للجميع.
علينا أن نقلع عن العادة السيئة بترك مخلفاتنا من بقايا أطعمة وأشربة وأكياس ومحارم ورقية وحفاظات وعلب ونفايات في روضة أو فيضة يفترض أن يستمتع بها الجميع، الجميع دون استثناء ولا حجر.
ومن الأنانية وحجب نعمة الله عن الآخرين أن بعض من يريد أن يستمتع بالعشب والربيع مرة واحدة أو زيارة واحدة يعمد إلى ترك مخلفاته في مكان النزهة ليحرم غيره من التمتع بها، وهو لا يقل جهلاً وأنانية عن من يريد أن يستمتع بها كل المدة فيحرم غيره منها، فكلاهما يحرم الخلق من نعمة هي من آيات الخالق فقد استشهد سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم بإحياء الأرض بعد موتها وإخراجها لنبات مختلف ألوانه في الرد على من يشكك في بعث الموتى.
نريد فقط من كل من شارفت نزهته على الانتهاء وتوديع الأرض والروضة أن يشعر ويقدر ويدرك أن الاستمتاع بها لغيره أمر مشروع ومستحق وكل ما عليه أن يحمل مخلفاته إلى حاويات النفايات التي تؤمنها البلديات في “الريضان” القريبة، أما تلك البعيدة البكر فكل ما عليك هو جمع نفاياتك في حفرة النار التي أشعلتها وتحويلها إلى رماد تذروه الرياح.
أما النوع الثاني من أنانية الاستحواذ ووضع العوائق فعلاجه المنع القاطع دون استثناء.
نسأل الله العلي العظيم المتفرد بالعظمة والكبرياء أن يغسل النفوس مثلما غسل الأرض عل النفوس تهتز وتنبت حباً وإخلاصاً وتسامحاً وتواضعاً وبعداً عن كل أشكال الأنا.

Exit mobile version