فرق كبير بين أداء الواجب والتفاني في أداء الواجب.
أداء الواجب أمر يستحق إبداء الرضا والشكر على أساس أن ثمة تميزاً عمن لا يقوم بواجب الوظيفة أو يقوم بالحد الأدنى منه .
أما التفاني في أداء الواجب فيستحق التقدير البالغ والثناء والإشادة.
نحن نبالغ في تقدير بعض صور أداء الواجب الذي يجيد أصحابه تضخيمه وتسليط الضوء الإعلامي عليه ورفعه إلى درجة الاتجار سواء كان طبياً أو هندسياً أو علمياً أو رياضياً رغم أنه لا يستدعي أكثر من أداء شخص أو عدة أشخاص لواجبهم الوظيفي الذي لا يستوجب جهداً كبيراً يفوق الراتب ولا مجازفة ولا خطورة على من يؤديه.
وإذا كان الأمر كذلك فإن من المتوقع منا جميعا مواطنين وأجهزة حكومية وقطاعاً خاصاً وأجهزة إعلامية أن نقف وقفة رجل واحد احتراما وتقديرا وثناء ومكافأة لأبطال الربع الخالي من رجال حرس الحدود الذين تمكنوا بجهد خارق وتفان كبير من تحطيم عصابة تهريب المخدرات بعد مطاردة في صحراء الربع الخالي امتدت ل 700كلم وشهدت اشتباكا وتبادلا لإطلاق النار واستشهاد الجندي البطل فلاح سالم القحطاني.
نعم إن إحباط تهريب قرابة طنين ونصف الطن من المخدرات أمر يعني حماية الوطن من إرهاب المخدرات ، والوطن ليس وزارة الداخلية فقط أو الأجهزة الحكومية فقط لذا فإن شكر ومكافأة وتقدير أبطال وشهداء الواجب في كل شأن أمني يجب أن لا تقتصر على الدولة أو أجهزتها الحكومية المعنية بل يفترض أن نسهم بها جميعا ويتفاعل معها القطاع الخاص ويتحمل مسؤوليته في هذا الصدد فإلى متى ستقتصر مشاركات القطاع الخاص على الجوانب الدعائية والتي تتعلق بلاعب كرة قدم أو فريق رياضي؟! ومتى سيسهم القطاع الخاص في تكريم اللاعب الحقيقي لإسعاد هذا المجتمع وهو رجل الأمن ؟!
شهيد الربع الخالي أحد شهداء الواجب بلا أدنى شك وأبطال الربع الخالي هم من أنصع وأوضح أمثلة التفاني في أداء الواجب ، فيجب أن لا يغيب عن أذهان من يقيّم هذا الإنجاز أن ثمة فرقاً واضحاً بين أن يأتيك الواجب في مكانك وتؤديه وبين أن تقطع 700كم في رمال صحراء الربع الخالي بحثا عن أداء الواجب، فهذا في نظري هو التفاني الذي لا يعادله إلا جهاد المحارب دفاعا عن حياض الوطن.
وإحقاقا للحق فإن وزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية تستحق لقب الوزارة السباقة، فهي السباقة في تكريم أبطال الوطن، وهي الأكثر عدلا ورزانة ومنطقية في التكريم، وهي السباقة في التعامل مع الإعلام بشفافية وبتحديد متحدث رسمي للوزارة ولكل جهاز يتبعها،وهي السباقة لإدخال الحاسب الآلي في التعاملات الحكومية (الحكومة الالكترونية) وهي جديرة بأن تكون صاحبة الأولوية في الاستفادة من إسهامات رجال الأعمال في تكريم رجالها وأبطالها وعلى القطاع الخاص بكل فئاته وأنشطته أن يدرك أن وزارة الداخلية تلعب الدور الأكبر في نجاحاته وحماية ممتلكاته وعناصره وأفراده من كل أنواع الشرور، ورجالها هم اللاعبون الحقيقيون المستحقون للتكريم بمشاركة القطاع الخاص.