أحسنت جريدة الرياض صنعاً حينما أبرزت شكوى المواطن السعودي ناصر الشهري الذي أضاعت جواز سفره إحدى شركات التوصيل الذي يفترض أن يكون سريعا ، وعدم اكتراث الشركة بالموضوع واعتبارها لنفسها خالية المسؤولية ولا تتحمل تبعات ما أحدثته من ضياع مستند رسمي سعودي مهم وحرمان شاب صيدلي من حضور مؤتمر مهم .
الحقيقة التي اشرنا إليها كثيراً هي أننا في وضعنا الحالي غير جاهزين لتولية الشركات مصائر المواطنين والمقيمين طالما أننا لم نضع بعد اتفاقيات منصفه للطرفين ، تضمن حقوق الطرفين وتتضمن عقوبات مغلظة على الطرف المقصر وتعويضات ضخمة للطرف المتضرر ، بدلاً من الاتفاقيات الموجودة حالياً والتي تعد من قبل الشركة المقدمة للخدمة وابرز عبارتها إخلاء مسؤوليات الشركة من كل شيء.
في مجال التأمين على السيارات عانينا الأمرّين وضاعت حقوق آلاف السائقين لان شركات التامين كانت إما وهمية أو متلاعبة بإمضاء المستفيد على اتفاقيات مصوغة من طرف واحد .
في مجال شركات التأمين الصحي حدث ولا حرج فبوليصة التامين تصب في مصلحة شركة التأمين على حساب المريض ولعل القادم من الأيام في مجال التامين الصحي ينذر بمزيد من القصور في هذا الصدد فستجد شركات التأمين الصحي مجالاً واسعاً لاستثناء أمراض ورفع الرسم على حالات كثيرة ، وتحميل المريض مالا يطيق من أعباء مادية في ظل إدارة فاقد الشيء لا يعطيه، فمن حمل مريض السرطان تكلفة علاج أضرار العلاج الكيميائي عندما تساقطت أسنانه لا تتوقع منه أن يحمي المريض من استغلال شركات التامين الصحي .
ضمانات الأجهزة والأدوات والسيارات هي الأخرى تجسد صورة من صور التخلي عن المسؤولية فالعميل مجبر على توقيع شروط ضمان تمت صياغتها من طرف واحد، هو الوكيل أو الشركة المصنعة ، ومع ذلك فعندما تحدث مشكلة فإن الوكيل يتملص من كل التزاماته بحجة سوء الاستخدام ، وهي حجة واسعة ومفتوحة التفاسير ، ولعل أجهزة الهاتف المحمول وهي الأكثر انتشاراً ومشاكل أصحابها مع الضمانات الوهمية المضخمة اكبر دليل .
إن من الضروري جداً أن تتولى جهة قانونية حكومية صياغة كل اتفاقيات الشركات مع العملاء بصيغة تحدد حقوق وواجبات كل طرف وبطريقة منصفة بحيث لا تتمكن شركة توصيل بريدي من إخلاء مسؤوليتها عن فقدان ما أوتمنت عليه واستلمت أجر نقله مثلما حدث مع المواطن الذي فقد جواز سفره مع أن أمثلة إهمال هذه الشركة كثيرة جداً وتشتمل على وصول طرود تالفة أو مكسورة ومسؤوليتها دائماً خالية لأن الاتفاقيات صيغت بطريقة خالية الدسم.
استاذي محمد لاقد لامس قلمك معاناة الكثيرين ومنهم محدثك حين تم ابتعاثي لاستراليا تقدمت بطلب الفيزا وكانت المفاجأة ان جوازي سيغادر البلاد من دوني وللأسف الحكومة لم تحرك ساكنا لوقف مثل هذه الجريمة فلك ان تتخيل لو انا مسافرا اتجه لبلد ما من دون جواز سفرة فهل سيتم السماح له بالدخول فكيف يسمح للجواز من دون صاحبة وهما رفقاء السفر الذين لايفترقان ولم يمكن فصلهما عن بعض.
في القوانين الدولية هناك عرف يسمى المعاملة بالمثل لا ادري اين مشريعنا واصحاب القرار عندنا من العمل بهذا المبدأ وحين التوجه لسفارة استراليا فستردك بكل بجاحة بححجة ان عملها هنا فقط لرعاية مصالحها ومواطنيها.
اما الجانب الآخر الذي تطرقت الية بالنسبة لطريقة العقود التي للأسف كلها يطلق عليها قانونيا “عقود الاذعان” اي تكون من طرف واحد وللأسف هذا الطرف دائما هو الطرف الاقوى في العلاقة بين المتعاقدين فهو من يفرض شروطة ويبني العلاقة على مصالحه فقط بينما تحد انه في بعض الدول الغربية خصوصا تكتب العقود بطريقة اذعانية اي لايمكن تغيير اي شرط او بند واخراجه منها ولكن في نفس الوقت تكفل حق الضعيف وحتى تجد انها تبين له حقوق ربما كان يجهلها قبل التعاقد.
كلي اسف على الاطالة ولكن موضوعك رائع كعادتك استاذي الكريم.