Site icon محمد سليمان الأحيدب

مسؤولية خالية الدسم

أحسنت جريدة الرياض صنعاً حينما أبرزت شكوى المواطن السعودي ناصر الشهري الذي أضاعت جواز سفره إحدى شركات التوصيل الذي يفترض أن يكون سريعا ، وعدم اكتراث الشركة بالموضوع واعتبارها لنفسها خالية المسؤولية ولا تتحمل تبعات ما أحدثته من ضياع مستند رسمي سعودي مهم وحرمان شاب صيدلي من حضور مؤتمر مهم .

الحقيقة التي اشرنا إليها كثيراً هي أننا في وضعنا الحالي غير جاهزين لتولية الشركات مصائر المواطنين والمقيمين طالما أننا لم نضع بعد اتفاقيات منصفه للطرفين ، تضمن حقوق الطرفين وتتضمن عقوبات مغلظة على الطرف المقصر وتعويضات ضخمة للطرف المتضرر ، بدلاً من الاتفاقيات الموجودة حالياً والتي تعد من قبل الشركة المقدمة للخدمة وابرز عبارتها إخلاء مسؤوليات الشركة من كل شيء.

في مجال التأمين على السيارات عانينا الأمرّين وضاعت حقوق آلاف السائقين لان شركات التامين كانت إما وهمية أو متلاعبة بإمضاء المستفيد على اتفاقيات مصوغة من طرف واحد .

في مجال شركات التأمين الصحي حدث ولا حرج فبوليصة التامين تصب في مصلحة شركة التأمين على حساب المريض ولعل القادم من الأيام في مجال التامين الصحي ينذر بمزيد من القصور في هذا الصدد فستجد شركات التأمين الصحي مجالاً واسعاً لاستثناء أمراض ورفع الرسم على حالات كثيرة ، وتحميل المريض مالا يطيق من أعباء مادية في ظل إدارة فاقد الشيء لا يعطيه، فمن حمل مريض السرطان تكلفة علاج أضرار العلاج الكيميائي عندما تساقطت أسنانه لا تتوقع منه أن يحمي المريض من استغلال شركات التامين الصحي .

ضمانات الأجهزة والأدوات والسيارات هي الأخرى تجسد صورة من صور التخلي عن المسؤولية فالعميل مجبر على توقيع شروط ضمان تمت صياغتها من طرف واحد، هو الوكيل أو الشركة المصنعة ، ومع ذلك فعندما تحدث مشكلة فإن الوكيل يتملص من كل التزاماته بحجة سوء الاستخدام ، وهي حجة واسعة ومفتوحة التفاسير ، ولعل أجهزة الهاتف المحمول وهي الأكثر انتشاراً ومشاكل أصحابها مع الضمانات الوهمية المضخمة اكبر دليل .

إن من الضروري جداً أن تتولى جهة قانونية حكومية صياغة كل اتفاقيات الشركات مع العملاء بصيغة تحدد حقوق وواجبات كل طرف وبطريقة منصفة بحيث لا تتمكن شركة توصيل بريدي من إخلاء مسؤوليتها عن فقدان ما أوتمنت عليه واستلمت أجر نقله مثلما حدث مع المواطن الذي فقد جواز سفره مع أن أمثلة إهمال هذه الشركة كثيرة جداً وتشتمل على وصول طرود تالفة أو مكسورة ومسؤوليتها دائماً خالية لأن الاتفاقيات صيغت بطريقة خالية الدسم.

Exit mobile version