إعلام الجوال .. المنع والبديل

واجهت بعض الاعتراضات عندما كتبت في صفر الماضي عن إعلام جديد هو إعلام الجوالات لا يقل أهمية عن الإعلام المتعارف عليه حاليا كتصنيف للإعلام مثل الإعلام المرئي والإعلام المسموع والإعلام المقروء (ورقي أو حاسوبي)، وكنت قد ذكرت في ذلك المقال تحت عنوان «إعلام الرسائل النصية» أن رسائل الجوال أوجدت وبسرعة لها مكانا ومكانة مهمين، فهي مؤثرة ومقبولة وسريعة وخفيفة ظل، في الغالب، لأنها تتخذ طابعا طريفا، وظريفا مضحكا أحياناً ومبكيا أحيانا أخرى، وإعلام الجوال كغيره من وسائل الإعلام استخدم للدعاية والتهنئة وللتعزية ولإيصال الرأي وللضغط على صاحب القرار في كل أنحاء العالم، خاصة في العالم الثالث.
المعارضون لما كتبت انحصر اعتراضهم على أنني أعطيت الجوال أكثر مما يستحق، كون استخدامه كوسيلة إعلام لم ولن يرقى إلى حد مقارنته بوسائل الإعلام التقليدية المعروفة.
لا أريد أن أكون متعصبا لرأيي، لكنني أظن أن الجوال تفوق كثيرا على بقية وسائل الإعلام في نقل الأحداث التي صاحبت مظاهرات المعارضة في إيران، بعد أن منعت الحكومة الصحافيين والمصورين ووسائل الإعلام الأخرى من النزول إلى الشارع وتصوير الأحداث، فكانت صور ورسائل الجوال هي الوسيلة الوحيدة لنقل الصورة والخبر خلال ثوان من الحدث، ورضخت كبريات القنوات الفضائية العالمية وتنازلت عن متطلبات نقاء الصورة وأصبحت تبث مقاطع فيديو صورتها الجوالات وصور فوتوغرافية تم إرسالها عبر خدمة الوسائط بالجوال إلى الصحف ووسائل الإعلام، وهي تجسد صور القتلى وضحايا العنف.
تحول كل الشعب الإيراني إلى مراسلين صحافيين وبدلا مما كان معهودا، وهو أن يصور شخص واحد عشرات المصابين، أصبح آلاف الأشخاص يصورون مصابا واحدا!!، وكل منهم يرسل الصورة أو مقطع الفيديو للعالم أجمع.
لا أعتقد أنه كان يدور بخلد من أدخل تقنية التصوير إلى الهاتف الجوال أن هذه التقنية سوف تستخدم يوما ما كوسيلة إعلام وحيدة ومتميزة، كما أنه لم يكن بالتأكيد يهدف إلى استخدامها كوسيلة ابتزاز أو فضح أو اعتداء على الخصوصية، لكن الإنسان بما أوتي من حيلة هو من يسخر الأدوات لتلبية احتياجاته لكي يعيش ويتمرد على الحرمان ويتطفل على الغير ويعتدي عليهم، وما يحدد الاستخدام هو تسخير الذكاء لاستغلال الوسائل سواء في الخير أو الشر.
المؤكد أن أكثر ما يستحث الإنسان على البحث عن البدائل هو المنع.

اترك رد