ليسمح لي سادتي القراء أن أجد لنفسي عذرا، بأن أمارس أسلوبا لا أجيده وهو المديح وما كنت بمداح، والعذر أنني أنشد هدفا أسمى من المدح وهو استجداء الاقتداء، وثمة فرق كبير بين أن تستجدي إنسانا بإبراز محاسنه وأن تبرزها لتستجدي غيره ليقتدوا به.
معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجة في لقائه بالمثقفين والمثقفات على هامش معرض الرياض الدولي للكتاب، استمر وداوم على ضرب مثال للوزير الذي يطبق إرادة الملك القائد ملك الإنسانية عبد الله بن عبد العزيز وحاجة مواطني هذا البلد.
وزير فتح قلبه وباب مكتبه أمام الناس في ساعات العمل الرسمي، وسخر ساعات الراحة بعده للتواصل معهم إلكترونيا عبر (الفيس بوك) و(الإيميل) ووسائل التواصل السريعة الحديثة.
لم يكتف باجتماعات التوجيهات مع موظفي الوزارة داخل أروقتها، بل عقد عدة حوارات مفتوحة متتالية مع الكتاب والإعلاميين والمثقفين رجالا ونساء في أنحاء المملكة كلها، فنال باستحقاق جائزة الإبداع الإعلامي عن «روح المبادرة الإيجابية تجاه دعم آفاق الحوار الإعلامي» والتي تمنحها هيئة الملتقى الإعلامي العربي.
لا يكفي فقط أن تحاور ولكن كيف تحاور، وهذا ما قصدته باستجداء الاقتداء، وأنا هنا أصر أنني لا أمدح شخصا ولكن أطلب من أشخاص، ولا أثني على أداء واجب ولكن أحث على التشبه بإجادة أدائه .
في حواره مع المثقفين والمثقفات حضر في الوقت المحدد، ولأن الندوة التي سبقت لقاءه امتدت ولم تلتزم بالوقت عوضنا عن الوقت الضائع، بل قال: أنتم من يقرر انتهاء الحوار، وأطلنا ولم (يتململ) فامتد اللقاء ليكتب مثقف لمدير الحوار المبدع الفاضل حمد القاضي أنهم جاعوا، بينما كان الوزير جائع لسماع الآراء.
لم يشترط أسئلة مكتوبة ونشر لاقطات الصوت في القاعة وشنف أذنيه، (منذ أسابيع عانينا ممن يشترط نوع السؤال، بل من مؤتمر صحافي أسكتته شهر زاد !! أنا لا أمدح أنا أقارن).
عندما أطالت إحدى الزميلات وأراد مدير الحوار تنبيهها حفاظا على الوقت أشار إليه بمنحها المزيد وعوض فارق الوقت.
الشيء الذي لم تشاهدوه أن الوزير بعد اللقاء وقف على مسرح القاعة طويلا يستمع لمن اعتقدنا أنهم صعدوا (للسلام) بينما كان كل منهم يعبر عن رأي أحادي وللأسف تحول إلى حوار بين تيارين أبعد ما يكون عن (السلام) والوزير ينصت بصبر ويتحمل الأصوات في وقت لم يتحمل أحد الطرفين سماع الآخر رغم أنه أحد أدعياء الحرب على الإقصاء !!.
تابعت المشهد وأنقله لكم بروح الصحفي لا بروح الكاتب، وما شاهدته أن الوزير حتى وهو يهم بركوب سيارته استوقف مدة كانت كافية لرفع حرارة المحرك لولا أن مساء الرياض يبرد الأجواء.
لو كانت هذه رسالة للوزير عبد العزيز خوجة لبعثتها له عبر بريده المتاح لكنها رسالة لكل وزير غير متاح.
نسأل الله أن يكثر فينا من يتبع هدي رسول البشرية في أمر دينه ودنياه وأداء أمانته ويقتدي بخادم الحرمين الشريفين في صلاحه وإخلاصه نحو رعيته.