اقتياد المرأة للسيارة

يصدم الملتقي إلى درجة الأسف والإحباط؛ حينما يرى أن الحوار يتحول إلى تعصب للرأي أو الهوى أو التيار إلى درجة المغالطة ولي عنق الحقيقة إلى حد الاستغفال، رغم أن المشاركين هم ممن يصنفون أنفسهم ضمن النخبة الواعية؛ إما حسب الشهادة أو التجربة الوظيفية أو المكانة الاجتماعية أو هم كذلك، مما حدا بالقنوات الفضائية استضافتهم لمناقشة قضية ما والتحاور حول جوانبها المتعددة سلبا وإيجابا بناء على حقائق وواقع وليس هوى واستغفالا.
خذ مثلا واضحا؛ موضوع قيادة المرأة للسيارة في السعودية، أولا من الجهل بتاريخ القضية أو التجاهل الأناني أن يقول قائل إن طرحها بدأ في عام 2005م، إذ إن الطرح بدأ من صحيفة الجزيرة في عهد رئاسة الأستاذ خالد المالك الأول؛ أي منذ ما يزيد على 30 سنة، وتحديدا في صفحة (عزيزتي الجزيرة) وكان حوارا جادا شاملا لكل الجوانب شارك فيه عدد كبير من المخلصين من فريقين؛ منهم من يؤيدون قيادة المرأة لأسباب أبدوها ولم ينكروا نقيضها أو يتجاهلوا صعوبتها وسلبياتها، وفريق لا يؤيدها لأسباب أبداها ولم ينكر ما يناقضها ونوقش الموضوع حتى قتل بحثا.
وعندما يأتي من يربط إثارة الموضوع بإثارته هو للموضوع ويتجاهل تاريخا مكتوبا، فليس من المستغرب أن يتجاهل جملة من الأساسيات منها أن المجتمع غير جاهز لخوض هذه التجربة.
من لي أعناق الحقائق أيضا أن يتم مقارنة المجتمع السعودي، الذي ولله الحمد، كون نفسه بنفسه ولم يدخله مستعمر، بمجتمعات دخلها المستعمر وبقي فيها زمنا طويلا أدخل خلاله قيادة المرأة للسيارة مبتدئا بالنساء من جنسيات المستعمر ووضع الأنظمة وجربها على هؤلاء النسوة كما هي في بلدانهم، وجس نبض المواطنين في خوض التجربة وبدأوا بها تدريجيا بالأكثر جرأة والأقل التزاما بقيود وعادات اجتماعية لم ينكرها المجتمع بأسره، بل إلى هذا الوقت ورغم سلامة التجربة لم يقتنع بها ويمارسها الجميع وما زال السائق موجودا ورؤية المرأة على المقود نادرا.
من المغالط أن تقارن مجتمعنا بمجتمعات عاشت أجيالا من الفتيات مارسن قيادة السيارة.
وهم أيضا تناسوا غياب الأدوات للتطبيق، يقارنوننا بدول أخرى ويتجاوزون حقيقة اختلاف تفعيل الأنظمة المرورية بيننا وبينهم بدليل أن من يفحط عندنا يربط الحزام هناك، حتى شركات إصلاح العطل على الطرق غير متوفرة لدينا ومتناثرة في مدن العالم وهي من الأدوات الغائبة.
الأهم أن رغبة الطرف المعني بالأمر وهي المرأة لم تدرس إحصائيا والذي تردد عن عدد من السيدات من مختلف الشرائح أنهن يردن ما هو أهم حقوقيا من القيادة وكأن البعض يريد أن يقتاد المرأة للسيارة.

4 آراء على “اقتياد المرأة للسيارة

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    قياسات واسقاطات غريبة شاهدناها في برنامج فاشل كفشل صاحبه الذي فشل في رئاسة تحرير مجلة صغيرة ، استضاف مع ضيوفه .. كاتبا له حضوره وتعبيره عن رأي المجتمع
    ولكني رأيته لم يمنحه اية فرصة للتعبير !!

    صحيح ان قيادة المرأة للسيارة اخف وطئا بكثير من السائق ( خريج سجون الهند وكراتشي ودكا ومانيلا )

    ولكن ، هل سلم الشباب ( الذكور ) من المضايقات من فراعنة الأرض ؟
    وهل البئية المرورية عندنا مناسبة لتقود المرأة سيارتها ؟
    ولو سلمنا بقيادة الواعيات مثل طبيبة او دكتورة جامعة ممن قادت السيارة في الخارج … فهل سيقتصر الامر عليهن ؟
    اكيد لا !
    فالمراهقات من طالبات الجامعات وممن لهن من السلوكيات ما يندى له الجبين يقفن متحفزات ، بل ان بعضهن مارس المخاطرة وارتكب حوادث شنيعة !

    هم فقط يريدون توريط المجتمع لي الا
    اماالتفكير في العواقب فآخر همومهم !

  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أشكر الكاتب الأحيدب؛ لطرحه لهذا الموضوع بعقلانية وتفهم ورؤية بعيدة.

    بالنسبة للأخ سليمان الذويخ؛ أتعجب حقيقة من هذه الجملة:

    “”ولو سلمنا بقيادة الواعيات مثل طبيبة او دكتورة جامعة ممن قادت السيارة في الخارج … فهل سيقتصر الامر عليهن ؟””

    أعلم أنك مثلثت هنا بمثالين؛ لكني أود أن أعرف على أي أساس حكمت بأن الطبيبة والدكتورة الجامعية هما مقياس الوعي في المجتمع!!
    وأيضاً ربطت وعيهما بأنهما قادتا السيارة في الخارج! أهكذا تفهم الوعي يا أخي؟!

    أنا طالبة جامعية ودعني أخبرك بأني أعايش هذين الحالتين بالذات، ولم أرى في أغلبهن ما يجعلك تستشهد بهما على حساب الآخريات.

    يفترض أن هناك علاقة طردية بين زيادة علم الإنسان وبالتالي زيادة وعيه، لكن السؤال: هل هذا ما يحصل هنا؟!

    دعني أجيبك عن تجربة: لا!

    أعتذر من الكاتب لخروجي عن سياق الموضوع؛ لكني حقاً لا تعجبني تلك النظرة. وبالنسبة لقيادة المرأة للسيارة؛ أنا أعلنها كشابة وكطالبة جامعية سعودية أتحدث عن رأيي ورأي بعض صديقاتي: نحن لا نؤيد قيادة المرأة للسيارة أبداً!! لم نسلم من بعض السذج ونحن مع أهلينا ومتسترات، فكيف لوحدنا؟

    هذا والله تعالى أعلم

    شكراً

  3. الموضوع له عمق كبير وليس مقتصر على باب سد الذرائع .. فلابد أن يكون حملات توعية بأهمية الموضوع لما يحدث من مشاكل كبيرة في المجتمع نتيجة وجود عمالة كبيرة في المجتمع تسبب العديد من المشاكل بالإضافة إلى تحويل كثير من الأموال للخارج.

    بالإضافة لابد من وجود شرطة مرورية نسائية .. وقاعدة مخصصة لخدمة السيدات بأفضل وجه .. وحملات مستمرة .. وليس مجرد نقاش بالي في قناة ليست شفافة أو موضوعية .. كما لاحظت في البرنامج أنه عندما يكون هناك شيوخ حاضرين في اللقاء يختفي العنصر النسائي منه .. وعندما يكون هناك أناس عادين أو منفتحين يظهر العنصر النسائي!!

    طبعا القضية لها عمق تاريخي كبير .. وعلى ما أذكر أن النساء البدويات كن يسقن سيارات الوانيت قبل أربعين سنة .. فما الذي اختلف اليوم وخاصة أننا نعتبر في عصر منفتح على كل شيء .

    تحياتي لك

  4. للأخت سارة :
    ليتك امعنت النظر في التعليق الذي كتبته ..
    فأنا وفي ظل هذه الظروف لا اؤيد ابدا قيادة المرأة للسيارة !
    ولكن ايضا يضايقني وجود السائق
    ولو استطعنا العودة 30 عاما الى الوراء ايام كان فيها الأب والإبن هما السائق !
    ولكن هل هذا ممكن ، ؟!!
    اما ما تفضلت به من انتقاد اني جعلت الطبيبة و دكتورة الجامعة مقياسا للوعي بالقول :
    “”ولو سلمنا بقيادة الواعيات مثل طبيبة او دكتورة جامعة ممن قادت السيارة في الخارج … فهل سيقتصر الامر عليهن ؟””

    فهذا من باب المثال الغالب ، ويفرضه الواقع فالناس تستغرب تصرفا يفتقد للوعي من دكتورة في الجامعة او طبيبة ، بينما لا تستغربه من طالبة في الثانوي او حتى في الجامعة ! ( ولا نتكلم عن الإستثناءات )
    ارجو ان تكون النقطة هذه اتضحت

    ويبقى لك حق في رأيك الشخصي نحترمه ولا نغفله
    بارك الله فيك و وفقك !

اترك رد