ستسأل الأجيال القادمة عن اللحم

نستطيع أن نعذر المرأة التي وضعت كومة من الحصى في قدر وسكبت عليه الماء وأشعلت النار تحت القدر لتوهم أطفالها الجياع أنها تطبخ لهم عشاء فينتظرونه حتى يأخذهم النوم فينامون على أمل عشاء لم ينضج ولن ينضج، بل نستطيع أن نفخر بهذه المرأة؛ لأنها كانت تتعامل وفق ظروفها فقد أشغلتهم بالأمل؛ لأنها لا تملك غير الأمل في الفرج، وأجادت الطريقة رغم أميتها وبساطتها، فلو أشعرتهم بعدم وجود ما يسد رمقهم فإنهم لن يناموا من الهم والبكاء والجوع، لكنها أشبعتهم بالأمل والرجاء إلى أن يأتي الفرج.
أما من لا نستطيع أن نعذرهم فهم من قال لهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عند إعلان ميزانية الخير (لا عذر لكم)، فهؤلاء ليس لديهم أي مبرر لجعلنا نعيش أمل طبخ الحصى أو نضوج قدر فيه ماء يغلي وفقاقيع يرفعها البخار ثم تنفجر وتحدث هديرا ولكن دون وجود لحم (إيدام) ولا رز ولا طعم ولا رائحة طبيخ.
الوطن والمواطن في أمس الحاجة إلى عمل جاد ودؤوب يثمر عن نتائج ملموسة، وهذا الوقت هو أنسب الأوقات ويشهد أوفر المعطيات التي لو استغلت عملا ــ لا كلاما ــ لحققت إنجازات حقيقية منها ما يستكمل البنى التحتية، ومنها ما يحقق تطورا ملموسا في الخدمات وقفزات نوعية في مجالات لم تشهد حراكا منذ عشرات السنين لأسباب اقتصادية وأخرى ذات علاقة بقصور في الأداء والإخلاص، فربما مر بنا ظرف أو اثنان اقتصاديا جعل القدر يفتقد لما يمكن طبخه، لكننا أيضا لم نكن معذورين تماما فكان ثمة وعود فقاعية غير مبررة تهدف للحفاظ على الكرسي، وأخرى صدقناها وهي لا تقبل التصديق كعبارة مخزون المياه الذي يعادل جريان نهر النيل آلاف السنين.
الآن لا عذر لنا لأن اللحم والزاد والإيدام وافر لكن على كل منا في مطبخه أن يبذل جهدا ويوقد نار الإخلاص ويشعلها بغير النفخ بالكلام والعبارات الرنانة مثل الشاملة والمتكاملة والإبداعية والمنظومة وتلك الأوصاف التي لا تعدو كونها حصى في قدر تلك العجوز لا يسمن ولا يغني عن جوع.
لا عذر لكم في ملء قدر الإنجاز بأطايب الطعام الغني بالبروتين وعناصر الغذاء والإشباع ووضعه على نار الإخلاص (ولا تحوشوا النار لقريصكم) وعندئذ فإن الوطن والمواطن سيحظى بوجبة دسمة، فلا تضعوا في القدر كلمات كالحصيات فما في القدر سيخرجه الملاس، وسوف تسأل الأجيال القادمة عن لحم سمعوا عنه ولم يطبخ.

رأيان على “ستسأل الأجيال القادمة عن اللحم

  1. ولو استمرينا بالحديث وفق المثل ..
    القدر والماء واللحم
    فما يسوءنا
    هو ان هناك من يفضل ان يقذف بما يفضل عن حاجته من طعام ( لحما كان او غيره )
    يفضل ان يقذف به في حاوية على ان يسد به اخ له في الله رمقه !
    يبقى المثل مثلا
    ينطبق على اللحم وغيره
    بعضهم حفظ وظائف ، ومنع اناسا من الترقية
    و مسؤول آخر حجز اراض قررت الدولة توزيعها على الموظفين
    الى ان زاد عدد الموظفين المستحقين عن عدد الأراضي فحرم الجميع منها
    ( حصل هذا في وزارة الصناعة والكهرباء – سابقا )
    وتم تأجيلها من 1404هـ الى 1419 حيث صار من المستحيل التطبيق لكثرة الموظفين !!
    وحسبنا الله ونعم الوكيل

  2. الاستاذ محمد ارجو ان يفهم القصد من مقالتك وبما انا الشي بشي يذكر اذا قدر المسئولين يشوفو حل لمشكلة اللحم وارتفاع اسعاره بحيث اصبح 50% من السعودين لا يستطيعوا شراء اللحم وأكلة و30% من النسبة الباقية يأكلونة مرة في الشهر او الشهرين اقول اذا استطاعوا ان يحلوها وكثير من مشكلة المواد الثانية عندها فقط استبشر خير فسيكون في القدر لحم بنفس المعني الي تقصدة في مقالك

اترك رد