Site icon محمد سليمان الأحيدب

ثم عاد ابن همام عربيا

يبدو أن المسؤول العربي يعاني من نقص في إنزيم خاص بهضم الإعلام، وهذا النقص في الإنزيم ليس عيبا خلقيا يولد المسؤول وهو يعاني منه، بل هو تحول جيني حاد يحدث بعد الحصول على منصب كان للإعلام الدور الأكبر في الوصول إليه، الأمثلة كثيرة، ولعلي سبق أن ذكرت قناعتي بأن بعض المسؤولين يعتبر الإعلام كالسلم يصعد عليه ثم يرفسه ليسقط، فلا يهبط هو من خلاله ولا يصعد غيره باستخدامه.
كنت أتصور أن هذه الأعراض (عسر هضم الإعلام) تحدث للعرب داخليا ضمن مسؤولياتهم المحلية وضد إعلامهم الداخلي، حتى شاهدت منذ يومين حوارا تلفزيونيا مباشرا نقلته الفضائيات باللغة الإنجليزية مع رئيس الاتحاد الآسيوي محمد بن همام، بدأ الحوار مع المحاور الرئيس، ثم أتيحت المداخلات للعدد الكبير من الصحافيين المتواجدين من أنحاء العالم وأكثرهم غربيون، وابن همام بدأ بإجابات جيدة رزينة ودبلوماسية فيما يخص الفساد الذي اكتشف في الاتحاد الدولي (الفيفا)، خصوصا في لجان ترشيحات كأس العالم 2018 و 2022، والذي كشفه الإعلام الإنجليزي، ولم يستجب ابن همام لمحاولات بعض الأسئلة جرجرته لتقمص دور رئيس للفيفا أو النيل من بلاتر، فكان أداء ابن همام جيدا ومقبولا.
فجأة، عاد ابن همام لطباع المسؤول العربي، فانتقد الإعلام إجمالا ودون تحديد، وطلب من الإعلام أن ينظر إلى الإيجابيات ولا يحبط من يعملون ليل نهار، وما إلى ذلك من جمل عربية الطباع، فوقع ابن همام في المحظور، لأن النيل من حرية الإعلام في كشف الفساد أمر محظور لدى جل المتواجدين من الصحافة الغربية، وتقييد الإعلام أو انتقاد دوره الأساس خط أحمر عبره ابن همام بقدم عربية، وهو رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
بدأ المحاور الرئيس وكذا عدد من الحضور في إفهام ابن همام العربي الهمام أن الإعلام إنما كان يمارس دوره المطلوب، وأن تيار ماء الإعلام الجارف النقي هو الذي يغسل الأوساخ، وليس الماء الراكد المتسخ الآسن.
عندها أدرك ابن همام أنه أخطأ الزمان والمكان، وخصوصا حضور المكان، فحاول ترقيع ما يمكن ترقيعه، لذا فإنني أنصح كل مسؤول عربي وصل إلى العالمية أن يتذكر كل شيء في حواراته الصحفية: دينه، عروبته، انتماءه، قيمه العربية، ومكارم أخلاقه، لكن عليه أن ينسى موقفه كمسؤول عربي من الإعلام (سلم الصعود المرفوس).

Exit mobile version