Site icon محمد سليمان الأحيدب

مكافحة الفساد ليست رئيسا فقط

نخطئ كثيرا، وبوجه خاص إعلاميا، عندما نربط المؤسسات بالأشخاص، ونركز على شخص من يعين مسؤولا عن الوزارة أو الهيئة أو المؤسسة، ونترك الأمر الأهم وهو الوزارة أو الهيئة أو المؤسسة، وألاحظ هذه الأيام تركيزا شديدا على شخص الأستاذ محمد بن عبد الله الشريف الذي عين رئيسا لهيئة مكافحة الفساد، إلى درجة وصلت حد ربط لقبه العائلي (الشريف) بأمر مكافحة الفساد، على أساس أن الشرف عكس الفساد أو نقيضه تماما.
ومن جانب آخر، نشهد تساؤلات كثيرة عبر وسائل الإعلام ورسائل الجوال عن الرجل: من هو؟! ما صفاته؟! هل هو الذي عمل في المكان الفلاني؟! وهل هو كاتب المقال الفلاني، وما إلى ذلك من أسئلة مشروعة وهامة وتشبع غريزة حب الاستطلاع أو حرص الاطمئنان، لكن الأهم هو أن نحتفي بهذه الهيئة الجديدة الهامة، وأهدافها وطريقة عملها وصلاحياتها، والآمال المطروحة عليها، والرعب الذي سوف تخلقه في قلوب الفاسدين ومن ينوون الفساد، وانعكاس ذلك على صلاح المجتمع وحماية أمواله وممتلكاته والعدالة فيه، وجميعها تنعكس على ازدهاره واستقراره وانتصاره على آفة الفساد بجميع أشكاله.
خلاف ذلك، فإن الأشخاص يتغيرون وتبقى الهيئة، وتتغير الأساليب والطباع ودرجة حماس الأشخاص وتبقى الهيئة، وتتغير المنهجية والقدرات الإدارية وتبقى الهيئة، لكن هذه الهيئة الباقية هي من تخضع لتقييمنا في كل الأوقات، ونلمس مدى إنجازها في كل وقت، ويشعر المجتمع بمدى قوتها وهيبتها وتأثيرها مع تغيير الأشخاص والأوقات.
يجب أن ننعتق ــ كمجتمع وكإعلام فاعل ــ من (الشخصنة) وربط المنجزات بالأشخاص، فليس ثمة شخص هو كل شيء، ويعمل كل شيء، وليس ثمة شخص هو في منأى عن النقد أو المحاسبة، طالما الهدف هو مصلحة الوطن ومنشآته ومؤسساته، وأتمنى من كل قلبي أن نركز على مصلحة الوزارة أو الهيئة أو المؤسسة وشخصيتها بعيدا عن شخوصها، فلا تأثير لشخص بمفرده (كائنا من كان) دون عمل مؤسسي، ولا حماية لشخص بعينه (كائنا من كان) إذا لم يقم بعمله في خدمة الوزارة أو المؤسسة أو الهيئة، وبالتالي الوطن.

Exit mobile version