حمل الأمس ذئب اليوم

لا يجب على الكاتب أو أي منافح عن حقوق الناس، أو أي صاحب موقف نبيل أن يغير من موقفه لمجرد أن واحدا ممن دافع عنهم ذات يوم أو ساعدهم ذات زمان أو وقف معهم موقفا نبيلا تغير عليه، أو قلب له ظهر المجن، لأننا نكتب لكل الناس، وندافع عن كل الناس، ونقف الموقف المطلوب نبلا من كل الناس، والناس أجناس، وصفات وطبائع وتربية متباينة لا يجب أن نأخذهم جميعا بجريرة واحد أو أكثر فنتخلى عن مواقفنا فأنا ضد من يصيبه اليأس من الكتاب عندما يصدم بأنه اكتشف أن من كان يدافع عنه بالأمس كمجلود مظلوم أصبح جلاد اليوم.
نحن جيل حديث ونتاج جيل أقدم وأقدم، قال أحدهم ذات يوم (أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني)، نحن ندرك أن في البشر نوعا كهذا منذ القدم لكن نبلنا القديم يجب أن يستمر ويتجدد معنا ففي النبيل جين وراثي (كروموسوم) خلقه الله نبيلا صالحا وفي الوضيع غير النبيل جين وراثي خلقه الله هكذا، وهو القادر وحده سبحانه على هداية الناس (إنك لا تهدي من أحببت)، لكن المؤكد أننا يجب أن لا نغير مواقفنا من كل الناس لمجرد أننا صدمنا ببعضهم.
أذكر أن أحدهم ذات يوم اشتكى لي همه وغمه من سوء بيئة عمله، وحسد زملائه في العمل، بل إن أحدهم يجرح مشاعره العائلية وكان يريد شفاعة في نقله من مقر عمله إلى أي مكان آخر يصبح فيه منتجا مبدعا صافي الذهن، فسعيت، لأن النبلاء في وطني كثر ونجحت، وكنت أحسبها شفاعة محمودة جائزة يتحقق بها صلاح بيئة العمل السابقة، وصلاح بيئة العمل الجديدة. وما هي إلا سنوات ترعرع فيها وظيفيا وكبر فإذا بالنبلاء ممن ساعدوني في قبوله يشتكون حسده ومواقفه الظالمة المتنكرة النابعة من بحث جديد عن مصالح جديدة، وإذا بالبيئة السابقة تشكرني أنها صلحت بخروجه منها.
الكاتب في حياته قد يواجه ذئبا يقبع في داخل جلد حمل وديع يشتكي جور الذئاب فيساعده ثم يعض يده لكنها عضة يجب أن لا تعيق يد النبل عن المساعدة فالأهم هو صلاح النية.

اترك رد