حتى في أمريكا تنقطع الكهرباء!

أكثر ما يستفزني هو استغفال المواطن، لأنني أدرك جيدا وقلتها كثيرا في حوارات تلفزيونية إن المواطن السعودي ليس مغفلا ولم يكن قط مغفلا ولا يمكن استغفاله لأن لديه مخزونا هائلا من الفراسة والإدراك، وفي ظني أن أكثر صور الاستغفال الحديثة هو تبرير القصور بوجوده في أمريكا وأوروبا، لسببين، الأول؛ أن المقارنة يجب أن تكون في الحسنات لا في السيئات، فمن وهن الطموح أن تقارن نفسك مع الآخرين في أخطائهم لا في صوابهم وأن تجعلهم قدوة في صور القصور لا في صور الكمال، والثاني؛ أن المقارنة أصلا غير صحيحة ومضللة فهي تقتصر على ذكر الخطأ دون المقارنة مع إحصاءاته وسبب حدوثه وكيفية التعامل معه وعقوباته ومبرراته وكيف يحدث والتبعات التي تليه!
كثر تبرير بعض المراوغين بالقول إن هذا يحدث في أمريكا، تماما مثل المثل التخديري (التطميني) التبريري الذي يقول (يحصل في أكبر العائلات)، ويعتقد البعض أنه بهذا التبرير يقنعنا بأن قصور أداء وزارته أو إدارته أو مؤسسته أمر طبيعي ووارد، وهو يعلم أن مسببات القصور وطريقة التعاطي معه وتبعاته على المقصر وتفاعل الناس والمؤسسات معه تختلف لكنه لا يبين ذلك ويكتفي بالتشدق بالمقارنة.
هذه العبارة (يحدث حتى في أمريكا) تكررت كثيرا خاصة في الإعلام عبر ردود مسؤولين أو تعقيبات إدارات العلاقات العامة التي ــ بالمناسبة ــ يسمونها في أمريكا الفم الكبير (big mouth) أو في ندوات ومؤتمرات صحفية، حتى أنني عندما قرأت أخبار الأمس عن انقطاع الكهرباء في بعض مدن شرق أمريكا عن أكثر من 3 ملايين نسمة بسبب العواصف الشديدة خشيت أن يخرج لنا من يقول (حتى في أمريكا يوجد انقطاع في الكهرباء!) ولا يذكر أنه بسبب كارثة طبيعية لا كارثة إدارية!

رأي واحد على “حتى في أمريكا تنقطع الكهرباء!

  1. شكراً لك.

    وهناك أسلوب آخر يقال عند ابداء الملاحظات على الخدمات، وهو “أحمد ربك .. في أفريقيا لا يجدون شيئاً” .. هذا يبدو أسلوباً عكسياً ولكنه مستخدم لنفس الهدف : تبرير القصور.

اترك رد