ما عندك أحد

ثمة إجراءات سهلة غير مكلفة، ولا تحتاج إلا لإخلاص وجدية، لو طبقناها لصححنا الكثير من الأوضاع السيئة التي يشتكي منها الناس وتتسبب في حالة تذمر دائمة وركون إلى الإهمال والتقاعس.
من أمثلة تلك الإجراءات الرقابة، وعندما نقول الرقابة، فإن البعض يذهب إلى التفكير في صعوبة الرقابة الدائمة الشاملة والحاجة إلى عدد كبير من الأفراد والإمكانات والأدوات التي تتناسب مع حجم الأجهزة المترهلة، فيدب فيه اليأس قائلا: (تراقب مين ولا مين؟!)، والحقيقة أن الرقابة من الأشياء التي تنطبق عليها قاعدة (ما لا يدرك كله لا يترك جله)، وهنا تبرز أهمية الرقابة العشوائية غير المرتبطة بوقت ولا جدولة دائمة مكلفة، إنما تعتمد على عنصر المفاجأة وانتقاء عينة عشوائية وإخضاعها للرقابة والفحص، بحيث يشعر كل موظف أو جهاز أو حتى وزارة أنه قد يفاجأ يوما ويقع تحت طائلة المساءلة والفحص.
هذا النهج الرقابي غير المكلف لا ينجح دون أهم مقوماته، وهي العقوبة الرادعة المؤلمة التي لا تقبل المراهنة ولا تتيح أدنى تفكير في المجازفة، فمن تكتشفه الرقابة العشوائية يعاقب عقوبة رادعة تجعل غيره لا يفكر ولو مجرد تفكير في ارتكاب المخالفة.
ما ينقصنا حقا هو تلك العقوبات الرادعة التي لا تقبل استثناء ولا شفاعة ولا مماطلة ولا أخذا أو ردا، أما الرقابة العشوائية فسهلة وممكنة، وهي بالمناسبة مطبقة في كثير من الدول المتقدمة، ولكن فيما يخص السلوك اليومي للأفراد، أما المؤسسات والوزارات فتخضع لرقابة مؤسسات ومساءلة برلمانية وشعبية لا أظننا مؤهلين لها قريبا وربما نحتاج إلى وقت.
ليتنا نبدأ بتطبيق رقابة عشوائية (على قدنا)، ولكن بمصاحبة عقوبات رادعة على المؤسسات والوزارات، تماما مثلما تتعامل دول سبقتنا، مع الثقة في الفرد، فإذا خانها ووقع فإنه (وقع وما حدش سمى عليه)، كمن يحتال على دفع الضرائب أو يغسل الأموال أو حتى يركب النقل العام دون تذكرة، لا يسأل الجميع عن هذه الأشياء، لكن إذا سئل صدفة ووجد مذنبا فهو في عداد الخاسرين.
بأسلوبنا الحالي ننتظر رقابة شاملة، والمخالف يردد (خالف ترى ما عندك أحد).

رأي واحد على “ما عندك أحد

  1. كلام في الصميم أخوي محمد .. وفعلاً الرقابة العشوائية هي أنجح بكثير من الرقابة المُنتظمة لأن نتائجها وردة فعلها على ( السارق )أقوي . ودائماً عنصر المفاجاءة يأتي بثمرات إيجابية خاصة في مجال الرقابة .
    أشكرك ولقلمك المتواضع ( صوت المجتمع ) مني أحلى تحية وإحترام

اترك رد