القبر والأجيال القادمة !!

لم أتحدث مع مليونير أو حتى ملياردير قط إلا وجدته يدرك ويقول ويؤمن بأن الإنسان سيخرج من هذه الدنيا لا يحمل معه ريالا واحدا من ثروته مهما بلغت، وأن مآله المحتوم أن يغادر هذه الدنيا وليس معه منها إلا قطعة قماش بيضاء!!، الأرصدة الضخمة لن ترافقه وقد تكون وزرا عليه يعذب بها إذا لم يكن يزكيها ويتصدق منها، وقطع الأراضي سيتركها جميعا ويستبدلها بمنحة من الدولة لا تتجاوز مساحتها الكلية مترا واحدا مربعا!! في موقع محدد ليس له حق اختياره!! وليس على أي شارع!! بل محدود بمنازل من سبقوه ومن سيلحقونه!!.
كل من تتحدث معهم يدركون هذه الحقيقة والمصير المحتوم، ويتحدثون عنها باستمرار قائلين «الواحد سيغادر هذه الدنيا لا يحمل من ثروته شيئا»، لكنهم على أرض الواقع لا يكترثون بهذه الحقيقة، بل كأنهم لا يعرفونها مطلقا، فهمهم جمع أكبر قدر ممكن من الثروة والأراضي والمنح!! وهذا تناقض عجيب غريب!!.
ستقول لي إن الإنسان يجب أن يعمل لدنياه وكأنه يعيش أبدا ويعمل لآخرته وكأنه يموت غدا، وهذا هدي لا خلاف عليه، لكنني أرد عليك بأن ما يفعله غالبية الناس هو الشطر الأول فقط بينما ما يقولون ويعرفونه جيدا ويؤمنون به هو أنهم لن يغادروا الدنيا بغير قطعة القماش تلك، ومع ذلك يصرون على جمع أموال تكفيهم لعيش مرفه جدا لمدة تعادل عشرات أضعاف معدل أعمار أمة محمد وجمع أمتار من الأراضي تكفي لإيواء مرفه جدا لمئات الأنفس البشرية!!.
ستقول إن الناس يعملون من أجل ضمان مستقبل أبنائهم وربما أحفادهم والأجيال القادمة!! وسأقول لك ولماذا لا تفعل الأوطان ذات الشيء من أجل الأجيال القادمة؟!.

اترك رد