نكتة الغدة الزعترية

كتبت كثيراً عن تغيب الأطباء الحكوميين عن مقار عملهم في المستشفيات الحكومية أثناء الدوام الرسمي وتركهم مرضى مرتبطين بمواعيد عيادات أو حتى تركهم مرضى لديهم جدولة عمليات كل ذلك لأنهم يمارسون عملا غير نظامي في مستشفيات خاصة تستغل إبراز الطبيب السعودي الحكومي إعلامياً وما ينشر عنه من أخبار أو إعداده لصفحات طبية أو حتى تردد اسمه لدى العدد الكبير من مرضى المستشفى الحكومي فيقوم المستشفى الخاص بفتح عيادة (غير نظامية) للطبيب باقتسام المردود المادي لهذه العيادة بنسبة محددة مع الطبيب، وبذلك فإن المستشفى الخاص والطبيب الحكومي (يسلبان) من المستشفى الحكومي وقتاً مدفوع الأجر و(يسلبان) المريض الحكومي حقه في الرعاية الصحية، ومن الطبيب المتدرب حقه في العمل مع طبيب استشاري واكتساب الخبرة وغير ذلك مما يترتب على هذا السلوك المشين والمخالفة الصريحة من حدوث أخطاء طبية ناتجة عن عدم تركيز الاستشاري الحكومي في عمله.

واجهت الكثير مصاعب من الأطباء الذين يمارسون هذا العمل الذي يتنافى مع شرف مهنة الطب كوني أكشف ممارساتهم عن خبرة واطلاع، وكالعادة فإن ثمة أطباء شرفاء يغارون على الدين والأخلاق وشرف المهنة يزودونني بمعلومات هامة ودقيقة ويشاركون في الحرب على الفساد الطبي. وهنا موقف طريف مبكِ رواه لي استشاري كبير في تخصصه النادر وخلقه الرفيع.

يقول طلب مني قريب لشاب مريض أن أجري عملية للغدة الزعترية (Thymus) والتي تتواجد على القصبة الهوائية أعلى القلب لإصابة الشاب بوهن عضلي شديد حيث تقرر إجراؤها في مستشفى حكومي كبير في الرياض لكن لم يحدث ذلك لانشغال الاستشاري وتأجيل العملية عدة مرات (استشاري منهم إياهم).

يقول طلبت من المريض تقريرا طبيا عن الحالة وفوجئت بعد عدة أيام إحضاره تقريرا يتحدث عن حالة سقوط من مكان مرتفع ونزيف بالمخ فاستغربت واستغرب القريب فالمريض لم يتعرض لسقوط إنما مشكلة الغدة الزعترية واتضح فيما بعد أن من فَحَص الملف وأعد التقرير هو طبيب متدرب، لم يعرف حتى تتبع تسلسل الملف فاعتمد على ورقة منه تاريخها يعود إلى عام 2007م عندما تعرض المريض آنذاك لحادث سقوط من مكان مرتفع لكنه شفي منه وما يريده الآن تقرير عن حالته الراهنة مع الغدة الزعترية والوهن العضلي، فحتى قراءة التقرير قبل توقيعه لم يقم به الاستشاري المشغول، لكن المؤكد أنه يقرأ جيداً العقد غير النظامي للمستشفى الخاص قبل توقيعه.

اترك رد