عينوا جزاء الشمري مديرا للدفاع المدني جزاء لهم وردعا لأمثالهم!!

أما وقد ركد الرمي وبينت الحوارات ومقاطع (اليوتيوب) حقيقة تقصير طائرة البحث العمودية في التعامل بمهنية مع البحث عن مفقودين في صحراء الشحمة القريبة التي لا تبعد عن العاصمة إلا بضع كيلومترات وتحجج قائد الطائرة بعدم كفاية الوقود لأكثر من ثلاث ساعات وحاجته للتزود بالوقود اللازم لإحياء نفس بشرية بالعودة للعاصمة!!، ثم عدم العودة حسب رواية أحد أقرباء الشاب الناجي، ولم تسمح الحالة النفسية بعد لأسرة الشاب الذي ذهب ضحية عدم المهنية بالتحدث وإصدار بيان عن تفاصيل معاناتهم مع طائرة البحث تحديدا، فإننا أمام تجربة فاشلة تنم عن فشل ذريع في جهاز الدفاع المدني فحتى وإن تبعت الطائرة للقيادة العامة لطيران الأمن فإن الدفاع المدني يتبع لنفس القطاع ويمكنه توجيهها وطلب غيرها والمؤكد أن الشهم الشجاع، الذي امتطى سيارته وحيدا منطلقا من حائل الكرم، لا يتبع لإدارة جهاز الدفاع المدني، وربما هذا هو سر نجاحه فيما عجز عنه هذا الجهاز المدجج بالنقود التي لم تستثمر لقلة (دبرة) الإدارة و عدم التركيز على عنصر التطوير والتدريب لأن فاقد الشيء لا يعطيه!!.

لو أن عشرات من فرق الدفاع المدني عجزت عن العثور على تائهين في صحراء واسعة مثل الربع الخالي  لوجدنا لهم عذرا في صعوبة التضاريس أو سعة مساحة البحث المفترضة أو سوء أحوال جوية حجبت الرؤية ، وحتى في الصحراء المحيطة بقرية الشحمة لو فشلت فرق الدفاع المدني و فشلت طائرة البحث وفشل المتطوعون للبحث أو طال بهم أمد البحث  لقلنا أن رمال الصحراء وتضاريس المنطقة وظروف المناخ كانت مستعصية على كل باحث مدرب، لكن أن ينجح شهم متطوع وحيد قادم من حائل هب للنجدة والمساعدة  في العثور على التائهين ونجح خلال ساعات من وصوله مرهقا من حائل فهذا يعني أن فرق الدفاع المدني بكل إمكاناتها عجزت عن أمر قدر عليه فرد متطوع خبير ودليل أن فرق الدفاع المدني تعاني من نقص حاد في التدريب والخبرة ولا شك في إخلاص أفراد الدفاع المدني وتفانيهم وشهامتهم فهم من طينة ذلك الشمري الشهم القادم من حائل، جزاء الشمري، ولا يختلفون عنه، لكن إدارتهم قصرت في منحهم التدريب و إكسابهم الخبرة على مدى سنوات وتركتهم يعتمدون على الشجاعة والنخوة والمجازفة وهذه لا تنجح مع فرد مقيد بأوامر عسكرية ويفتقد للتدريب.

ليست هذه هي المرة الأولى التي يخون عامل التدريب والخبرة أفراد الدفاع المدني الشجعان البواسل، فقد أثبتت حوادث غرق جدة وسيول الرياض والباحة وعسير افتقارا للتدريب عوضه متطوعون كانوا أكثر تدربا وخبرة وحدث ذات الشيء في إنقاذ أطفال حريق وسط مكة.

أذكر عندما كنت محققا صحفيا في جريدة (الجزيرة) منذ أكثر من ثلاثين سنة أن العميد فهد المشيقح وكان آنذاك مدير الدفاع المدني في منطقة الرياض قال لي أن أفراد الدفاع المدني لا ينقصهم غير التدريب وأنه طلب مبنى قديما تابع للأمن العام وحوله لمبنى للتدريب على العمليات وتحقق تقدم واضح غير كاف وفي ذلك الوقت كانت الإمكانات شحيحة نسبة لهذا العصر الذهبي وميزانياته القياسية غير المسبوقة ولو توفر نفس الإخلاص اليوم مع وفرة الميزانية لتحققت نجاحات وأنقذت أرواح.

الآن الإمكانات متوفرة بشكل كبير لكن ثمة شيْ أخر شح وهو التركيز على التدريب و افتراض الحالات بعيدة الاحتمال والتعامل معها وكأنها واقع، كما أن ثمة عنصر خطير جدا لم تتم معالجته والتعامل معه وهو تعود مباشري الحالات المأساوية على المآسي مما يجعل حماسهم لا يقارن بحماس أهل الضحية وهذا شعور يحدث مع كل من تعود على مواجهة الحوادث يوميا كالأطباء والممرضين والمسعفين ورجال الإنقاذ فيصيبهم برود يحتاج دوما إلى التدرب على التخلص منه وهذا ما حدث تحديدا مع قائد الطائرة وقادته ورؤساءه ومن يوجهونه عندما لم يوفروا حلولا للتزود بالوقود لأكثر من طيران ثلاث ساعات أو تعزيز الوقود لمدد أطول فهؤلاء تعودوا وعُوِدوا أن يكون أعلى طموحهم أن يجدوا جثة هامدة لا أن ينقذوا نفسا بشرية!! وهذا من سوء الإدارة ولعل ما يؤكد أن الطيار نفسه كان متدني الهمة والحماس ما رواه لي  أحد الثقات وهو أن والد أحد التائهين كان مرافقا لطائرة البحث العمودية وكان يطلب من قائدها النزول أكثر للتمكن من الرؤية ورفض بحجة أنه يرى الإبل فكيف لا يرى سيارة!!، وبعد العثور على أحد التائهين حيا ووفاة الأخر ذكر الحي أنه كان يشاهد الطائرة ويؤشر لها ببطانية (شعور القريب خاصة الوالدين أدق كثيرا من كل الحواس والمقاييس وكان يجدر احترامه)، كما أن ضعف التدريب والهمة والطموح جعل قائد الطائرة يستبعد بعد الضحايا عن السيارة وتفرقهم وهم بالتأكيد أصغر حجما من البعير، لكن همة و حماس وإخلاص جزاء الشمري أثبت أن حياة الضحية لدى المحنط في الدفاع المدني أرخص من عقال بعير.

ضعوا جزاء الشمري مسؤولا عن القرار في الدفاع المدني فقد استطاع ب(جيب شاص) أن ينجح فما بالك حينما يمنح ميزانية تكفي لشراء كل آليات التدريب والتطوير والبحث والمساندة وطائرة عمودية (لا تغرز) ثم يذر عليها شيئا من شهامته وهمته وإخلاصه؟!!، عينوا جزاء جزاء لهم وردعا لأمثالهم.

رأيان على “عينوا جزاء الشمري مديرا للدفاع المدني جزاء لهم وردعا لأمثالهم!!

اترك رد