Site icon محمد سليمان الأحيدب

تلفزيونيا .. البقاء لمن لا يختلف

مثلما أنتج هذا الوطن الكثير من المتميزين في مجالات الفيزياء والكيمياء والرياضيات والطب والصيدلة، أنتج متميزين في إدارة الحوار الإعلامي بمهنية وحياد، قد يكون لقناة موقفها وخطها، لكن المقدم الناجح والمحاور المهني المحايد لا يقبل مطلقا أن تمر عليه عبارة تستوجب السؤال ولا يسأل، أو عبارة قد توحي باستغفاله أمام المشاهد وتستوجب توقفا ولا يتوقف؛ لأنه يدرك بحكم ذكائه ومهنيته أن العبارة ترن في أذن نسبة كبيرة من ملايين المشاهدين الأذكياء، وتثير في عقولهم تساؤلا سوف ينتقدون المحاور وينتقصون من ذكائه ومهنيته وحياده لو لم يتوقف عندها.

للأسف، مقدمو البرامج والمحاورون الأفذاذ من هذا النوع ينتجهم غالبا التلفزيون المحلي، لكنهم لا يستطيعون الاستمرار فيه ولا يحافظ عليهم، فيتسربون لتلفزيونات وقنوات فضائية أخرى، ويبدو الأمر ــ للوهلة الأولى ــ بسبب فارق الأجر، لكن الحقيقة أنه بسبب فارق الهامش المتاح للمحاور في إحراج ضيفه، فتلفزيوننا العزيز جبل على تفضيل المحاور الذي يوافق كل ما يقوله الضيف، ولذا فإن القنوات الفضائية التجارية طارت بأرزاقها من البرامج الحوارية الجذابة التي تناقش قضايا الوطن والمجتمع من النواحي الخدمية والاقتصادية والرياضية والاجتماعية، وفازت بأبرع المحاورين وأكثر الحوارات جرأة، بينما تشهد قنوات التلفزيون المحلي كسادا في هذا الصدد، مع أنها الأصل في اكتشاف المحاور وعدم المحافظة عليه.

أعتقد أن أهم ملف يجب أن يتبناه معالي رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون عبدالرحمن الهزاع سريعا، وهو الرجل المعروف بديناميكيته وبراعته في إيجاد الحلول والتغيير الإيجابي، هو هذا الملف، لكن للمحاور متطلبات أهمها المرونة وعدم المجاملة وفرض وقبول الحياد بين المسؤول والمتلقي.

Exit mobile version