صندوق الموارد يفسد طلاب الابتدائية

صعقت عندما قال لي ابني الأصغر أسامة (خامس ابتدائي): «أريد أن أتوظف في السعودة الوهمية»، سألته «ما هي السعودة الوهمية؟!»، فرد سريعا «توقع ويعطونك ثلاثة آلاف ريال بدون ما تشتغل، يعني فله، تجيك فلوس وأنت قاعد في البيت!!».

أدركت أنه يقصد التوقيع لشركة لتسجلك موظفا لديها وتحصل من صندوق الموارد البشرية على ثلاثة آلاف ريال تدفعها لك، وتدعي أنها تدفع ستة آلاف ريال وتكسب رقما في السعودة بطريقة مخادعة.

سألت أسامه: كيف وصلت لك هذه المعلومات «من وين جبت ها لكلام وش عرفك بالسعودة الوهمية؟!»، قاطعني شقيقه الأكبر قائلا «أنت إلي وينك يا أبوي، هذا هو حديث الطلاب في كل المراحل حتى في الثانوية والمتوسط كان هذا حديثنا، وفيه طلاب سووها وهم في الثانوية!!».

أعرف جيدا هذه الممارسة منذ زمن، وقد كتبت عنها كثيرا، وتحديدا ما رواه لي شباب موظفون فعلا في مطاعم ومتاجر ومحلات بيع مثلجات (أيسكريم) شهيرة يتقاضون نصف ما اتفق عليه، وهو مساهمة صندوق الموارد البشرية (3000 ريال) ويوقعون على 6000 ريال، وأجبرهم على ذلك البطالة والحاجة ومحاولة الحصول على مصدر رزق، لكنهم كانوا يعملون فعليا.

وكنت أعتقد أن هذه الممارسة اختفت بعد أن فضحت سجلات حاسوب مؤسسة التأمينات الاجتماعية تورط عدد من الشركات في استخدام أسماء وأرقام هوية وطنية لشباب سعوديين دون علم بعضهم أو رغم استقالة بعضهم، وحصولهم على وظائف لاحقا، أو بعد أن قدموا على (حافز) الذي من شروطه عدم وجود وظيفه.

عدة حوادث يفترض أنها كشفت هذه الممارسات ليعاقب مرتكبوها، لكن الأهم هو: لماذا استمر صندوق الموارد البشرية في هذا الدعم الأعمى أو المتعامي عن ممارسات القطاع الخاص دون وقف لتلك الممارسات؟!، وليست المشكلة الآن في هذا الاستغلال المالي والتحايل فحسب، بل في عدم سد ثغرات هذه الممارسات وترك الحبل فيها على الغارب، إلى درجة اشتهارها ومعرفة صغار الطلاب بها كحيلة لكسب غير مشروع أو وسيلة سعودة وهمية، ما أدى إلى تربية صغارنا على الفساد من المرحلة الابتدائية، وهذا جد خطير (يا جماعة إحنا مش ناقصين فساد).

اترك رد