نصف كأس الإصلاح الفارغ

أتاحت أنظمة جديدة متجددة الفرصة للجهات الحكومية (المقصرة) تقديم الشكوى ومقاضاة صحيفة أو كاتب وتغريمهما باستغلال الثغرات في خبر أو مقال أو عدم توثيق تصريح أو معلومة، هذا أمر مقبول وهو من حق المسؤول الذي انتقد حتى لو كان الانتقاد في محله ومبنيا على أساس تقصير موجود، أول من يعلمه ويشعر به المسؤول محل النقد ومحامي الجهة الحكومية المعترضة، أو كانت الصحيفة أو الكاتب مخطئين ولم يتوثقا قبل النشر، ففي كلتا الحالتين مارست الجهة الحكومية حقها الممنوح لها مؤخرا في مقاضاة وتغريم صحيفة أو كاتب وهو ما سيؤدي إلى شح شديد في إهداء العيوب وتردد كبير في ممارسة الإصلاح المبني على تفعيل دور السلطة الرابعة فإذا اجتمع أمن للعقوبة وأمن من النقد وفضح جوانب القصور فإن إساءة الأداء مثل إساءة الأدب تسعد وتزدهر بأمن العقوبة والنقد.

السؤال الأهم الذي يتبادر للذهن مع تفعيل هذا الإجراء الجديد، بمقاضاة الصحف والكتاب وحتى المراسلين، هو ماذا عن عدم التجاوب والتفاعل مع النسبة الأكبر بل الغالبية الساحقة من الانتقادات وأخبار القصور الموثقة، لماذا لا تحاسب عليها الجهات الحكومية؟!، لماذا لا تحاسب وتقاضى الجهات المقصرة على نتائج تقصيرها الثابت الموثق والذي يعد تنكرا وإهمالا وسوء استغلال لكل الدعم الكبير ماليا ومعنويا الذي تجده من قيادة حكيمة مخلصة وحريصة على إسعاد المواطن واحترام لكل من يحرص على إسعاده؟!، لماذا لا تحاسب الجهة الحكومية على عدم تنفيذ الأوامر السامية الكريمة بضرورة التجاوب خلال فترة محددة لا تتجاوز 15 يوما مع ما تطرحه وسائل الإعلام من قضايا ونتائج قصور وانتقادات وأخبار مأساوية يتعرض لها المواطن نتيجة تقصير وزارة أو مؤسسة كانت للتو كسبت قضية ضد صحيفة أو كاتب بغرامة كبيرة.

الإصلاح كأس يجب أن يشرب ويرتوي منه الجميع وأن ننظر إليه بعين عقل تقدر نصفه الملآن ويقلقها نصفه الفارغ.

اترك رد