العزاء نعمة إسلامية عظمى

في المقبرة وفي أيام العزاء الثلاثة تتمثل صورة عظيمة من صور رحمة الخالق بخلقه ولطفه بهم عن طريق تسخير خلقه للقيام بواجب وسنن العزاء وفق تعاليم الدين الحنيف بالغة الدقة والحكمة، والتي عندما تتمعن فيها كمسلم تزداد إدراكا لعظمة هذا الدين ولو علمها وتعمق فيها غير مسلم لدخل الإسلام.

فقدت والدي ثم والدتي ولم أكن أتخيل أن يسليني عن حزن فقدانهما غير أن أرافقهما، وفي عزائهما عايشت إعجاز حكمة العزاء بتوارد جحافل المعزين، وفي عزاء أسر فقدت أحبة بالجملة وفي عز شبابهم مثل أسرة الدحيم والبشري والعمار لمست تأثير العزاء (مع قوة الإيمان طبعا) في جبر المصيبة مهما عظمت.

في العزاء في وفاة ابن عمي وخال أبنائي حسن بن صالح الأحيدب كنت أكثر تركيزا فخرجت بعدة دروس بل بشائر منها التأكيد على الدور العظيم الإعجازي للعزاء في تخفيف المصاب، ومنها تمسك مجتمعنا بأداء هذا الواجب وعدم انشغالهم عنه، ومنها التعريف بمحاسن للميت قد لا يعرفها إلا أصدقاؤه، فقد كنت أعرف بر حسن بوالده ووالدته لكنني لم أعلم إلا من صديقه رجل الأعمال المعروف سعود الجبر أنهم يكونون في عمل هام في أقصى جنوب الرياض ومع أن المهمة أو الصفقة لم تنته بعد يستأذن منهم بعد المغرب للعودة لشمال الرياض رغم الازدحام لشراء الخبز لمنزل والده مع علمه أن والده يستطيع القيام بذلك!، ويقول صديقه أحمد السعيد إن حسن كان يزور والدته مرتين في اليوم في أوقات محددة مهما كانت ظروفنا سواء في عمل أو مناسبة أو استراحة، وإنه لا يذكر جارا ذكر منه اساءة أو حتى عدم بشاشة، بل إنه رحمه الله حظي بحب عظيم من كل جيرانه، وهذا يذكرنا بأهمية التعامل الحسن مع الجار والناس كافة.

ومن البشائر أن رجال أعمال مشغولين جدا مثل رجل الأعمال المعروف عبدالعزيز الشويعر (أبو زكي) وسعود الجبر وأحمد السعيد يداومون على حضور العزاء والوقوف مع أبنائه وأشقائه يوميا لمدة ثلاثة أيام متوالية وفاء لصديق رحل، وأن شيخا مريضا مثل محمد بن براهيم السلمان أو شابا يعاني آلام التصلب اللويحي مثل فهد بن سويد السويد يتغلبون على آلامهم ويحضرون للمواساة في آلام غيرهم لا يرجون إلا وجه الله فلم يكن لا صاحب منصب ولا سلطة ولا نفوذ.

هذا يبشرنا أن مجتمعنا بخير وسر الخير تمسك بتعاليم دين حنيف لم يدع صغيرة ولا كبيرة إلا شملها بالرعاية والتوجيه بما يحقق للمجتمع السلامة والسعادة والطمأنينة، ثم يأتي من يريد أن يبدل في سنن ثابتة دائمة تمشيا مع العصر أو يشكك في التزام المجتمع رغم شواهد التزامه ولذا حرصت على الاستشهاد بالواقعة والاسم.

اترك رد