عندما نجعل المريض هدفاً لا مستهدفاً

وعدت بالعودة إلى موضوع وزارة الصحة والإعفاءات بناء على مقاطع فيديو يصورها قريب مريض أو زائر أو حتى موظف، فهذا ليس طموحنا نحو رقابة ذاتية ممنهجة وشاملة ومستمرة! وإن كان يعتبر تجاوبا جيدا وتفاعلا محمودا مقارنة بسنوات مضت عندما كان الموقف الإداري للوزارة يسجل مكابرة ونفيا ودفاعا مستميتا عن الأخطاء والمخطئين، وتخطئة أو تجريم المصور والمبلغ بل وحتى الصحفي الناقد للوزارة، ولعلنا لا نزال نذكر بحزن وأسف الندوة الثلاثية التي عقدت منذ 4 سنوات ودبرت بليل، والتي كانت تتمحور حول اعتبار من يكتبون عن الأخطاء الطبية يتجنون على الوزارة وأطبائها ويصعدون على أكتاف المرضى.

وزارة الصحة اليوم بأمس الحاجة إلى المبادرة السريعة جدا لتفعيل دور الرقابة على الجودة في مستشفياتها بصورة حقيقية وشاملة وفعالة ومستمرة تتولى هي اكتشاف جوانب القصور في أداء المستشفيات، من حيث الجودة والتخلص من الخدعة والكذبة أو التخادع لشركات تجارية مادية بحتة تمنح (شهادة الجودة) بمقابل مادي ليتباهى بها مسؤول أو وزير إعلاميا وهو يدرك أنها عكس الواقع.

وزارة الصحة في حاجة ماسة لإعادة تسمية وهيكلة لجان مراجعة العلل والوفيات الناجمة عن التدخل الطبي في كل مستشفى (morbidity and mortality committee) والتي تعاني عدم شفافية وحماية للأطباء والمستشفيات وانحيازا ضد الضحية في تقرير أسباب وأعداد الاعتلالات والوفيات الناجمة عن سوء الأداء للمستشفى وللمهنيين خاصة الأطباء بسبب عدم تعدد التخصصات وعدم الحياد في تلك اللجان!.

وزارة الصحة في أمس الحاجة لتقوية وتفعيل دور إدارة المراجعة الداخلية خصوصا في النواحي المالية والإدارية وتدعيمها بكفاءات سعودية متخصصة في مجال المراجعة المالية وتقوية وتوسيع صلاحياتها في التدقيق على الرواتب والبدلات والانتدابات والدوام والحضور والغياب وعدم استثناء الأطباء من المحاسبة والعقاب، فالمهنيون الصحيون طالما أنهم في المسؤولية سواء فإنهم في المحاسبة والعقاب والثواب يجب أن يكونوا سواسية كأسنان المشط وإلا فإن شعر الرعاية الصحية سوف ينتفش ويتساقط كما هو الآن. كل ما ذكر أعلاه إصلاحات هامة وممكنة وسهل تحقيقها إذا وجد القائد الإداري المحايد الحريص على روح عمل الفريق الواحد وحسن أداء المؤسسة، وهي بالمناسبة لا تحتاج إلى مال كثير بل همة عالية وروح القائد الإداري ونبل الأهداف وسلامتها ووضع المريض هدفا لا مستهدفا !!.


اترك رد