لم نكد نصدق أن يكون لدينا هيئة للغذاء والدواء بهذه القدرات والإمكانات والتقنيات لحمايتنا من الغش الخفي جدا، الذي لا يكشفه إلا مختص في الغذاء أو الدواء وأجهزة دقيقة وانتشار واسع وفحص شامل، وتحقق هذا الحلم ثم بقي فترة إعداد طويلة ثم فترة خمول طالت، والآن وبعد أن اكتملت لديه العدة وتوسعت قدراته وتسلح بالأجهزة والانتشار وزاد حزمه وعزمه، نكتفه بالبيروقراطية وتحجيم الصلاحيات وتضييق الواسع وتعقيد الإجراءات؟! هذا أمر ليس في مصلحتنا ولا يخدم إلا تاجرا يخدعنا.
في كل الدول الأوروبية وشمال أمريكا، تتولى هيئة الغذاء والدواء القرار فيما تفحص وفيما تفتح من حاويات السلع الواردة وهي من تختار العينة العشوائية التي تفحص وهي من يقرر فسح دخول السلع الواردة من عدمه بناء على الفحص الدقيق ومطابقة السلعة للمواصفات المطلوبة للغذاء والدواء.
عندنا، فقط، لازالت هيئة الغذاء والدواء تفحص فقط ما يحال إليها من الجمارك!، رغم توفر إمكانيات فحص عينات من كل ما يرد للوطن، وهنا هدر للإمكانيات ومخاطرة!.
وعندنا، فقط، لا تتولى هيئة الغذاء فتح الشحنة الواردة وسحب العينة العشوائية رغم تواجد مندوب الهيئة وانتشار فروعها في الموانئ والمنافذ وفي هذا تقييد للهيئة وإيكال عملها لموظف الجمارك المتخصص والخبير في غش آخر غير الغذاء والدواء والخلطات العشبية!.
وعندنا، فقط، قد تقرر هيئة الغذاء والدواء عدم اجتياز عينة الشحنة الغذائية وتقف صلاحياتها عند حد نتيجة فحص العينة وعدم الاجتياز، لكن أمر فسح دخولها بيد الجمارك وقد تمر الشحنة رغم رسوب عينة الفحص!.
وعندنا، فقط، نصرف كثيرا على تأسيس هيئة علمية متخصصة ذات قدرات ثم نحد من صلاحياتها، فإما أن الهيئة قصرت في المطالبة بالصلاحيات المستحقة أو أن موجة التنافس بين الجهات الحكومية على الصلاحيات دون مسوغ علمي لا تزال هي السائدة وهي ما يجعل جهة لا ترحم ولا تدع غيرها يرحم.