أهل العقول بنعمة

رجل كان منذ بضع دقائق عاقلا ثم بدأ يروي لجلسائه أسراره مع زوجته ووصفا لما خفي منها وفضحا لأسرار بيته والمقربين من أصدقائه، ويستمر به الأمر من سيئ إلى أسوأ حتى يجهش بالبكاء ثم يترنح ويصبح غير قادر على الوقوف ويتعرض لحالة من القيء، وليس هذا هو الإخراج الوحيد بل قد يصل به الأمر إلى أن ينجس نفسه.
ورئيس دولة أفريقية وفي زيارة رسمية ينتشر له مقطع يوتيوب وهو يترنح في حفل استقبال غير قادر على مصافحة رئيس الدولة المستضيفة في إحدى مناسبات سياسية لدول أفريقيا منقولة على الهواء.
وينقل لنا أحد برامج المواقف المحرجة في قناة تلفزيونية عالمية واسعة الانتشار مواقف مخجلة مهينة لرجال ونساء مشهورين وغير مشهورين يقومون بتصرفات غريبة لا يقوم بها الحيوان الذي لا يعقل، فمنهم امرأة تتبول أمام المارة (أعزكم الله)، ومنهم من يتشاجر مع كل من مر ثم يسقط على وجهه على قارعة الطريق أو في وسط مسار طريق سريع وآخر لأنه لا يعي ما يفعل يقبل ويلعق حذاء أحد المشردين ظناً منه أنه يعانقه.
كل هذه مشاهد لأناس تعمدوا إزالة عقولهم بتناول كأس أو عدة كؤوس من الخمر، ثم يأتيك من يقول إنني أسكر ولكن بعقل، أو من يقول إنني أشرب ولكن لا أصل لحد الثمالة، هذه أوهام يقنع بها بعض السذج أنفسهم وليس مستغرباً أن يقنع نفسه بذلك طالما أنه اختار بنفسه أن يزيل نعمة العقل التي منحها إياه خالقه وميزه بها عن الحيوان واستخلفه في الأرض وكلفه بالمسؤولية عن نفسه وأهله وأبنائه وماله وأسراره فاختار بطوعه أن يفقد عقله!، فأي عقل لهذا ليقنعه بأن الكحول لن تذهب عقله؟!.
سبق أن كتبت ومن منطلق التخصص في علم الأدوية والسموم، ومنها الكحول، أن السكيرة يتوهمون أن الكحول تجذب لهم الدفء وهي على العكس تخفض الحرارة، إلى درجة أن من تسمعون أنهم ماتوا في دول أوروبية متقدمة بسبب موجات البرد أغلبهم ماتوا مخمورين بسبب انخفاض الحرارة داخل الجسم، وسبق أن ذكرت أن السكيرة يتوهمون أن الكحول تقوي قدرتهم الجنسية وتطيلها، وواقع الحال أنه يضعفها كثيراً جداً إلى درجة أن المخمور يتوهم أنه يمارسها وهو (ما عندك أحد).
بقي أن أقول إن نسبة كبيرة جداً من حالات تليّف الكبد وتدمير هذا العضو الأساسي للحياة سببها تعاطي الكحول، فهل يعي الإنسان أي إيذاء يؤذيه لنفسه فيمتنع؟!، هذا قرار يجب أن يتخذه شريطة أن يعي.

اترك رد