عشرون حالة وفاة يوميا و٧١٥٣ حالة وفاة سنويا و معدل وفيات يصل لـ٢٣ حالة وفاة لكل ١٠٠ ألف نسمة وأكثر من ٣٩ ألف مصاب يشغلون أكثر من ٣٠% من أسرة المستشفيات و٢٠٠٠ معاق إعاقة دائمة سنويا، والجملة الشهيرة إعلاميا التي تبلدنا مع تكرار ذكرها للأسف هي أن تلك الأرقام ليست حصيلة حرب بل حصيلة حوادث السيارات في عام واحد في المملكة االعربية السعودية!.
وأعجبني مقطع (يوتيوب) للدكتور عيد اليحيى بعنوان (كيف يفتخر السعوديون بقاتلهم) يتحدث خلاله بحسرة وبعفوية بلهجته القصيمية الجميلة والمؤثرة عن دور السيارات في القتل وتعبئة المقابر وتطرق من خلاله لموضوع هام وربط ضروري غير مسبوق بين الحالة النفسية للسائق القاتل وربطها بسيارته على أساس تغير نفسية السائق بعد ركوبه لسيارته ونشوته بها بما يختلف تماما عن حالته النفسية إذا ترجل منها مشيرا إلى فخر الرجل العربي براحلته وزهوه بها مع تحفظه على الفارق الكبير بين الراحلة الحية والحديد! وتحفظي أنا على الفارق الكبير بين الفارس والسائق الجبان وسوف أورد لكم الدليل.
فبمناسبة الربط الجميل جدا الذي أجراه د.عيد اليحيى بين الحالة النفسية للسائق أثناء القيادة والحالة النفسية للشخص ذاته بعد الترجل، أود أن أضيف ملاحظة قد تبدو غريبة ومؤلمة لكنها واقع يجب أن نعترف به وهي ملاحظة سجلتها أثناء عملي لأربع سنوات كمناوب ليلي وتحديدا في غرفة الطوارئ وهي أن الشباب الذين يمارسون سلوكيات غريبة أثناء قيادة السيارة في الطريق ويعتقدون أنها من الجرأة والشجاعة مثل الانحراف بين السيارات في الطريق السريع من مسار لآخر أو (حد) سائق آخر وحرفه عن الطريق أو التحدي بالوقوف في طريق سائق عاقل لاستفزازه لمضاربة، كل هؤلاء عندما يصاب أحدهم بكسر أو أدنى جرح أو كدمة يحضر لغرفة الطوارئ وهو يصرخ كالأرنب، ولا يتحلى بأي صفة صبر رجولية، بل إن المرأة التي تعاني آلام الولادة أكثر منه صبرا وتجلدا، إذًا فإن ما يفعله أثناء القيادة وأثناء اعتلائه (لراحلته تجاوزا) من تحديات تختلف عن واقعه إذا أصيب فهي ليست من الرجولة في شيء، بل هي لعدم الرجولة أقرب كونها استهتارا بحياة الغير ينم عن لؤم وعدم (مرجلة).