بالغ الوزراء ولو حلفوا!

على مدى أكثر من ٣٥ سنة حضرت مناسبات خطابية كثيرة على هامش حفل افتتاح أو وضع حجر أساس ولم أسمع وزيرا قط تطرق في كلمته لاحتياجات وزارته لسد ثغرة أو منع تقصير أو تطرق لصعوبات تواجهها الوزارة لتحقيق أهدافها وتطوير خدماتها.
جميعهم يتحدثون عن إيجابيات ومنجزات يصورونها وكأنها بلغت وجه الكمال أو أوج العطاء، وبعض الحضور من موظفيهم يعلمون غير ذلك ويتألمون، والمواطن المستمع يسعد ويتأمل ثم يواجه بالواقع فيحزن ويتألم!.
أمثلة المناسبات الخطابية المشتملة على مبالغات في سرد الإيجابيات لا تعد ولا تحصى وأمثلة الواقع المخالف لما قيل كثيرة ومتكررة، لم يكن أولها غرق مدن ولا خرير أسقف مشاريع جديدة من مطارات وجامعات ومستشفيات، ولن يكون آخرها حريق مستشفى جازان العام، وهنا مربط فرس جريح، فقد حذرت مرارا وتكرارا ومنذ عشر سنوات من تباهي وزارة الصحة المخادع بأن مستشفياتها (ومنها مستشفيات جازان) قد حصلت على شهادة الاعتماد من اللجنة المشتركة لاعتماد المستشفيات (JCI) بعد زيارات يتم الاستعداد لها بتجهيز مؤقت مسبق وتهاون من اللجنة التي يهمها ما تدفعه الوزارة، ويهم الوزارة أن تتباهى بالإنجاز الوهمي، وكان يهمني آنذاك -ومازلت- أن لا يصدم وطني بكارثة، فصدمنا في جازان وحدها، بعد الاجتياز المزعوم، بتلويث دم رهام بالإيدز، ثم جملة أخطاء طبية متتالية، سبب معظمها عدم تطبيق معايير الجودة والاحتياط وإهمال الأطباء، ثم انتشار الصراصير في غرف ووجبات المرضى وتجول حمار في فناء مستشفى!
ما حضرت حفلا خطابيا، أو قرأت خبرا أعدته مؤسسة تلميع إعلامي، أو تابعت عزفا منفردا لوزير في برنامج حواري اشترط الوزير أن لا يشاركه فيه أحد، إلا قلقت!
متى نصل إلى درجة الوعي بأهمية استغلال المناسبات في طلب العون على سد النقص بدلا من ادعاء الكمال.

اترك رد