يأتي التعليم بعد الصحة مباشرة في ترتيب الوزارات التي شهدت تغييرات وزارية متتالية، ومن المؤكد أنه يأتي بعد الصحة أيضا في الأهمية البالغة كخدمة تقدمها الدولة.
رغم تغير حملة حقيبة التعليم من الوزراء في العشر سنوات الماضية، إلا أن محتويات الحقائب المتغيرة كانت واحدة أو متقاربة بشكل كبير، وأقصد هنا اهتمامات وتركيز الوزير الجديد في كل تغيير، فالاهتمامات كانت منصبة على أمور ليست ذات الأولوية، بل إن بعضها لم يكن أساسيا إطلاقا، مثل موضوع (تعليق الدراسة) والذي يعتبر موضوعا استثنائيا وليس من الأساسيات، حتى إحداث تغيير في المناهج لم يكن موضوعا أساسيا قياسا بالفشل في إيجاد ما يستدعي التغيير، فالموضوع برمته لا يعدو كونه وسيلة لتشفي فئة من أخرى.
لمنجد بعد وزير تعليم جاء متحمسا لإحداث تغيير في البيئة المدرسية بأكملها وهي الأساس، بدءا من المبنى المدرسي الحكومي الحديث غير المؤقت ولا المستأجر والذي يوفر ما يحتاج كل من الطالب والمعلم من تكييف ووسائل إيضاح ومعامل ومختبرات بحث وحاسوب شخصي وملاعب رياضية ودورات مياه صالحة للاستخدام الآدمي وتحقق النظافة والوقاية والتعويد على الرقي في التعاطي مع الحاجات الإنسانية، ومثل هذا المبنى المدرسي النموذجي الحلم كفيل بجعل الطالب يذهب للمدرسة بنفس مفتوحة ورغبة تكره أكثر ما تكره (تعليق الدراسة)، (أرأيتم كيف أن الأساسيات إذا وجدت الاهتمام جلبت معها آليا علاج الثانويات!!.
لم نجد بعد وزير تعليم جاء متحمسا لإحداث تغيير في الأمن المدرسي رغم شيوع التنمر (أهم أسباب النفور من المدرسة) ورغم تكرار الحوادث الجنائية (مضاربات بين طلاب وطلاب أو طلاب ومعلمين أو أقارب وأولياء أمور وشلل فزعات قد تصل لاستخدام السلاحين الأبيض والأسود).
الغريب أن تجد الأمور الثانوية التركيز الأعظم والأسرع فتكون هي الملف الأكبر في حقيبة التعليم الوزارية، بل هي سمة لوزير على حساب العمل الأكبر، بينما لو وجدت الأساسيات الاهتمام المطلوب لتحقق الأساسي والثانوي دون صراعات ولا مناكفات.