كنت ومازلت أطالب بوقف وردع الممارسات غير النظامية لبعض الأطباء السعوديين الموظفين في مستشفيات حكومية برواتب وبدلات عالية لم تكفهم، فعمدوا لدخول مالية إضافية بطرق تتعارض مع أخلاقيات مهنة الطب الإنسانية.
تتراوح الممارسات بين ترك المريض في المستشفى الحكومي والخروج أثناء الدوام ومنذ ساعات الصباح الباكر للعمل في مستشفيات خاصة توفر لهم عيادات غير مشروعة، ثم تطور الأمر بالغياب عن عمليات جراحية مجدولة، وترك المريض لأطباء متدربين، ثم وكعادة التجاوزات تزيد طمع صاحبها فأصبح القرار الطبي يختلف فيرفضون الحاجة لإجراء تدخل جراحي عند زيارة المريض لهم في المستشفى الحكومي وعندما يزورهم المريض نفسه في عيادة المستشفى الخاص يقررون أن العملية عاجلة وضرورية ويحددون مبلغا كبيرا، ثم تتنوع التجاوزات إلى درجة أن أطباء العظام والعمود الفقري يحيلون مرضى الكسور لشراء الأجهزة والداعمات من دكاكين محددة تدفع لهم نسبة وترفع السعر إلى أربعة أضعاف أو يزيد.
الآن بعض المستشفيات الخاصة التي تشغل الأطباء بهذه الطرق غير النظامية افتتحت لها أفرعا خارجية، وطبعا لن تتمكن من تشغيل أطباء المستشفيات الحكومية في تلك الدول في مستشفياتها؛ لأنها تعلم أن الأنظمة صارمة والرقابة أكثر صرامة وسيكشف أمرهم فورا، فعمدت إلى استقطاب الأطباء أنفسهم وهذه المرة بشد الرحال خارجيا بالسفر أثناء الدوام الرسمي (لأن الطبيب لا يسأل عن الحضور والغياب مثل ما يحدث مع الموظف الإداري أو بقية أعضاء الفريق الصحي)، أو اللجوء لأخذ إجازة اضطرارية أو مرضية (بتقرير زميل آخر) والسفر لذلك المستشفى وهجر المرضى في المستشفى الحكومي للوطن الذي علّمه ودربه ومنحه الراتب العالي والبدلات الأعلى.
النتيجة لهذه الممارسات التي تطورت وتم تصديرها خارجيا ستكون فضائح خارجية بعد أن كانت فضائح داخلية ما لم تتداركها الجهات المعنية ووزير الصحة ومديرو القطاعات الصحية الحكومية الأخرى، فما سيحدث (وضعوها في المفضلة) هو حدوث أخطاء طبية واكتشاف أن الطبيب لا يتبع نظاما للمستشفى الخاص الخليجي ولا يرتبط بمريضه قانونا ومن ثم رفع قضايا ومطالبات قانونية تجعل الرائحة النتنة لتجاوزات أطبائنا تنتشر خارجيا.
مثل كل مرة أكرر التحية لرواد طب سعوديين قدموا لهذا الوطن ولهذه المهنة جهودا ونجاحات رائعة ولم يأخذوا إلا أقل من حقهم ماديا وإعلاميا أمثال محمد الفقيه، محمد السبيل، محمد القطان ومحمد المعجل، خالد الربيعان، فالح الفالح، مؤيد الزئبق، هاني نجم، وسعود التركي وغيرهم كثر أجزم أنهم يتألمون لما يحدث لمهنة الطب اليوم.