لا اعتراض على رفع تعرفة استهلاك المياه، بل تأييد لذلك الرفع، خصوصا أن النسبة قد تؤدي إلى ترشيد استهلاك الغني ولن تضر الفقير، هذا أمر لا خلاف عليه ونشكر لمعالي وزير المياه والكهرباء إيضاحاته المتعددة لكيفية الزيادة والشريحة التي ستؤثر فيها، وكان أحدث تلك الإيضاحات ما قاله في برنامج (الثامنة) أول أمس الأحد.
الاعتراض على تركيز الوزير على نسب استهلاك الفرد والمنزل للمياه وعرض شرائح وأرقام لوسائل الهدر المنزلي بدءا بـ(السيفون) ثم غسل الملابس إلى آخر صور الاستهلاك والهدر المنزلي للمياه، ثم التعريج على أرقام دقيقة لاستهلاك الفرد ومقارنته باستهلاك الفرد في دول العالم، وكيف أن المملكة تأتي في المرتبة الثالثة عالميا في استهلاك المياه، وأنها أكثر استهلاكا من كثير من دول أوروبا!، وكل هذا السرد والاستشهاد يأتي مقرونا بهدر الفرد والمنزل السعودي للمياه دون أدنى ذكر للهدر الناجم عن تسريبات الشبكة والعوامل الأخرى ذات العلاقة بالهدر الوطني للمياه، مثل الاستراحات والمزارع والمنتجعات والقصور.
عندما نتحدث بلغة الأرقام والإحصاءات فإن الدقة والأمانة العلمية تقتضي التحدث بشمولية وحياد، ونحن نعلم جيدا أن تسريب شبكات توصيل المياه يشكل رقما لا يستهان به بين أسباب وصور هدر المياه وطنيا، بل إن ما ينزف من الأمتار المكعبة من ماسورة مكسورة لم يتم إصلاحها لعدة أيام أو أسابيع كمية كبيرة لا يمكن مقارنتها بما يهدره (سيفون) من مليمترات مكعبة في المنزل لعدم وجود كيس إزاحة أو لكبر (السيفون)، ويجدر بنا عندما نتحدث عن هدر الماء من منطلق وطني أن نحيط بكل أسباب الهدر وبكل صراحة!.
كما أن المقارنة بدول أوروبية في نسب استهلاك الفرد يفترض أن تشتمل على المقارنة مع تلك الدول في نسب الهدر الناجم عن عدم إصلاح ماسورة مكسورة لعدة أيام أو تسريب شبكة لعدة سنوات، وهو ما لا يحدث في تلك الدول المذكورة بينما يتكرر حدوثه عندنا!.
إذن فإن اعتراضي هو على تحميل المواطن تبعات هدر مياه لا يتحمله وحده، بل إن من يحمله مسؤولية الهدر ويعاقبه عليه يتحمل النسبة الأكبر دون عقوبة.