Site icon محمد سليمان الأحيدب

التأمينات الاجتماعية العائل المستكبر

بعض المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية تعاني من ازدواجية غريبة فتجدها تقتر على من تشملهم خدماتها من المواطنين بحجة التوفير وشح الموارد المالية، لكنها في الوقت ذاته تصرف بسخاء عندما يتعلق الأمر بتذاكر السفر والانتدابات والبدلات لكبار الموظفين فيها، ومؤسسة التأمينات الاجتماعية باتت مثالا مناسبا لهذا النوع من المؤسسات!.
مؤسسة التأمينات استثمرت في شركات مساهمة واستحوذت على حصص كبيرة في أسهمها وهذا أمر لا غبار عليه عندما لا يتطاير منه غبار يسبب الحساسية، لكن الواقع أن ممثل المؤسسة في عضوية مجلس إدارة تلك الشركات يتقاضى مكافأة جزلة جدا لا تقل عن ثلاثين ألف ريال شهريا خلاف الانتدابات وتذاكر السفر المكلفة جدا لحضور أربع جلسات يكون دوره فيها، في الغالب، سلبي جدا، أو مجرد متابع، دون أن يبذل أدنى مجهود للتحليل أو التدقيق والدراسة والتقييم بما يحفظ حقوق المؤسسة ويقلل المخاطر في استثماراتها بدليل أن إحدى شركات الاتصالات التي تستثمر فيها المؤسسة تعرضت لخسارة في القيمة السوقية بما تخطى ستة مليارات من الريالات دون تحرك من المؤسسة الممثلة في مجلس الإدارة.
المشكلة التي لا تقل خطرا هو أن بعض الموظفين يمنح أكثر من تمثيل في عدة شركات ويحصل من كل منها على مكافأة شهرية فيصبح دخله الشهري يفوق راتب وزير بينما زملاؤه لم يمنحوا فرصة واحدة، وهذا يحدث حزازيات بين الموظفين وشللية وجو عمل مكهربا وغير صحي بسبب تميز فئة من الموظفين عن غيرهم.
المؤسسة اقترحت نظام ساند على المؤمن عليهم كنوع من التوفير، ولم يطبق على موظفيها!، لكن ذلك يصبح سهلا إذا علمنا أن ما يصرف كتعويض لتذاكر لكبار الموظفين يعتمد سعرا عاليا جدا خصوصا في الانتدابات لدول أوروبا وشمال أمريكا، وأن مكتب الطيران الذي قدم نموذج أسعار معقولا، لم يستمر طويلا في تعاقده مع المؤسسة وعادت لمتعهد أغلى كثيرا في نماذج أسعار التذاكر فأين التوفير هنا؟!.
أيضا من التبذير والإهمال أن تؤمن المؤسسة سكنا عينيا لبعض الموظفين ثم تصرف لهم بدل تعويض إسكان!.
مؤسسة التأمينات الاجتماعية مؤسسة شبه حكومية هامة جدا، خصوصا أن المؤمن عليهم ومن تقتطع المؤسسة من رواتبهم أصبحوا شريحة كبرى في ظل تزايد توظيف السعوديين في برامج تشغيل ذاتي وانتعاش السعودة في القطاع الخاص، فهي لا تقل بل ربما تفوق المؤسسة العامة للتقاعد، ودخولها ومصروفاتها يجب التأكد من عدالتها وسلامتها، فلا تقتر في جهة وتدعي التقشف ثم تبذر في جهة أخرى فتكون أشبه بعائل مستكبر.
Exit mobile version