الغوغاء.. وهم لربع مثقف!

من يعايش غالبية أفراد المجتمع السعودي في محيط العمل وفي ميادين الإنتاج والكفاح ويتعامل معهم عن قرب واحتكاك مباشر دون فوقية ولا تعال، يصلي معهم الفروض جماعة ويستجيب لدعواتهم ويحضر مناسباتهم (زواج، أعياد، فرح وترح)، أي باختصار يختلط مع غالبية الناس ولا ينعزل عنهم، يدرك بما لا يدع مجال لأدنى شك بأن السواد الأعظم من أفراد المجتمع السعودي، نساءً ورجال، فتيات وشبان، بل وأطفال، هم من المطلعين إلى درجة معرفة جل الشيء عن كل شيء ومتمكنين جداً في مجال تخصصهم إلى درجة الابتكار، وأذكياء حد الإبداع، ويستحيل خداعهم أو استغفالهم، وهذا لم يأت من فراغ، فهو إرث جيني أساسه الفراسة وإرث اجتماعي أساسه التربية الحسنة وإرث ديني أساسه القدوة الحسنة وصقلت هذه الأساسات بتعليم عام وعال قدمه الوطن مجاناً بل وشجع عليه بمكافآت.

هذا ليس سرداً إنشائياً وحسب، بل ثمة أمثلة ليس من الإنصاف حصرها بالاستشهاد بأسماء دون غيرها، ولكن بذكر تخصصات فمن أفراد المجتمع السعودي من برز في ميادين الكيمياء والفيزياء وعلوم الطب والصيدلة والهندسة والفضاء وعلوم الذرة والحاسوب والرياضيات والأحياء الدقيقة ليس بروزاً عادياً بل أبهر العالم ومنهم من أبهر العالم وتفوق على مدربيه في المجال العسكري خاصة في الطيران والدفاع الجوي وصناعة الأسلحة واختراع الحلول الميكانيكية والصناعية.

كل ذلك الإبداع والتفوق لا يتحقق دون فكر نير وسعة اطلاع وتمييز، وهو تفوق شائع وعام وليس تميز لنوادر، فالشعب السعودي شعب واع بشهادة كل من خالطه، و(هنا مربط الفرس)، فعليك أن تخالطه، أما أن تنعزل في برج عالِ  و تسم السواد الأعظم بالغوغاء فأنت إنما تعبر عن نفسك!

أقول قولي هذا وأنا أرى بعض من لا يعجبه إلا رأيه إذا سمع رأياً آخر يخالف فكره اتهم صاحبه بأنه إنما يبحث عن إعجاب الغوغاء! مشيرا إلى الغالبية!، يقولون ذلك عن زملاء لهم غيروا من أفكارهم إلى الأفضل وتحولوا في نقدهم الأدبي أو شعرهم أو محاضراتهم ومقالاتهم أو تحليلهم الفني إلى نهج قويم مختلف، بعد أن أراهم الله الحق حقاً ورزقهم اتباعه، والأمثلة أيضاً كثيرة ليس من الإنصاف ذكرها بالأسماء، لكن بالمجالات فثمة أدباء و مثقفين وشعراء ونقاد فن وممثلين وفنانين وقصاصين إذا تحولوا في أفكارهم لما يتفق مع السواد الأعظم جاء من يتهمهم بالبحث عن إعجاب الغوغاء ومتابعتهم وتأييدهم!.

لماذا تصنف الغالبية بأنهم غوغاء؟! وغالبية المجتمع السعودي أثبتوا ما ذكرته سلفاً من ذكاء وتفوق وعدم انقياد إلا مع الحق؟! فأين الغوغاء؟!

تكمن المشكلة الحقيقية في من يتهم الغالبية بالغوغاء!، فهو غالباً شخص منعزل قرأ ربع كتاب عن فولتير أو توماس هوبز ولم يكمله، فظن أنه مثقف زمانه ومن يخالفه يبحث عن رضا غوغاء يتصورهم و هم لا وجود لهم بيننا!.

اترك رد