لدي شواهد تشير إلى أن حماية المستهلك التي انتعشت وعاشت في نشوة وقوة إبان تولي الدكتور توفيق الربيعة حقيبة التجارة بدأت تمرض منذ توليه الصحة، صحيح أنه لا زالت له علاقة بالحماية بطريقة أو بأخرى، لكن حماية المستهلك فقدت الكثير من هيبتها في وقت المستهلك فيه بأمس الحاجة إلى الحماية، ثم أن الإجراءات التي تبدأ قوية ثم تبدي نعومة وضعف تستغل، تماماً مثل شخص يبدي شجاعة ثم يهرب من ساحة العراك فجأة فإن كل جبان يلاحقه وينال منه ولو بحجر.
لا أقول هذا الكلام جزافاً، فقد كنت وبكل فخر أحد ٣٥ كاتباً وصحفياً وأديباً واقتصادياً وناشطاً في مجال حماية المستهلك، أسسنا وبنجاح جمعية حماية المستهلك، لكن رئيسها حور في شروط عضويتها بعد (ترسيمها) ورسم لها طريقاً أعوجاً يحتاج لحماية ففشلت، وفاحت رائحة صراع رئيسها مع أعضاء ليس من بينهم إلا واحد من المؤسسين عجز عن إصلاحها ففسدت.
من شواهد ضعف حماية المستهلك عودة وكلاء السيارات في العبث في أمر الصيانة، وقطع الغيار، ومدة الضمان، وما هو مشمول بالضمان وما هو خارجه، وتحميل صاحب السيارة تكاليف يفترض أنها مشمولة بالضمان!.
ومن الشواهد عودة عبارات (البضاعة لا ترد ولا تستبدل) التي ألغيت يوماً ما ففرحنا، واليوم أصبح البائع يتبجح بعبارة (الإرجاع ممنوع لأنها مخفضة) وهي ليست مخفضة، بل تخفيضها هو ذلك الذي أشار إليه أستاذنا حمد القاضي بأنه خصم جزء يسير من ربح فاحش يفوق ٧٠٪ ، كما أصبحت عبارة (الترجيع خلال يوم واحد والإستبدال خلال ثلاثة أيام) هي الرائجة و أقوى حقوق المستهلك و أكثرها منة.
لم يعد التهديد بوزارة التجارة يحرك ساكناً في التاجر ولا في الوكيل ولا في المتجر، وتكاد أن تسمع عبارة (أعلى ما في خيلك اركبها) إذا هددت بالمطالبة بحقوقك.
حتى أرقام بلاغات وزارة التجارة أصبحت تسمع منها عبارات إنهزامية غريبة، مثل العمر الافتراضي للجهاز ثمان سنوات! مع أن ضمان بعض الأجهزة في الدعايات والإعلانات عشر سنوات!.
لا أحب الأمثلة الشخصية لكن الاستشهاد بها أبلغ وأكثر مصداقية، لدي باب كراج السيارة في منزلي، انكسر كفره البلاستيكي الصغير الذي يسهل حركته في المجرى، والسيارة بداخل الكراج وأصبح فتح الباب مستحيلاً، وعلى مدى عشرة أيام كنت أتلقى وعوداً من وكيله على لسان موظفين عرب غير سعوديين (أين السعودة في استقبال شكوى؟!) ثم أصبحوا يقفلون جوالاتهم، وتمكنت من الوصول لمديرهم بلا فائدة فهم يريدون تسويق باب جديد! ثم تواصلت مع وزارة التجارة فقيل سنحاول علماً أن عمر الأبواب الإفتراضي ثمان سنوات!، وكأنهم يقولون من أجل كفر بلاستيكي صغير (رح اشتر) باب جديد.