تعليق المعلمين بسيارات برمائية

شبه إجماع من النقاد وأهل الخبرة وأهل العقلانية وأنصار المنطق، على أن الإصرار على حضور المعلمات والمعلمين رغم تعليق الدراسة للطلاب بسبب السيول أمر غير مقبول وتشدد تعسفي غير مبرر!.

أنا رأيته أكثر من مجرد تشدد وأخطر من تعسف، ففيه تؤكد الجهة المسؤولة عن التربية على أن الحضور أهم من الإنتاجية في زمن يقاس فيه النجاح الحقيقي على كافة الأصعدة بمقدار ما تنتج وليس بما تمضي من زمن في مكان عملك! ولا بعدد المتواجدين في مكان العمل، وهما علتان عانينا منهما عقوداً من الزمن، في شكل حضور غير منتج في دوائرنا الحكومية، وتضخم في الكم من الموظفين لا الكيف في الإنجاز.

وبه تؤكد الجهة المسؤولة عن التعليم أن تواجد المعلم في صف خالٍ مثل تواجده بين طلابه، والمعلمة والمعلم لا يستحقان من وزارة التعليم هذه الإهانة!.

كلنا كبيراً وصغيراً رجلاً وامرأة تعلمنا على يد معلم أو معلمة، وبالتالي فأياً كان من اتخذ هذا القرار فقد جحد دور من علمه وقلل من أهميته باعتباره مجرد رقم في قائمة حضور وغياب.

ثم أن من يتخذ مثل هذا القرار العدائي في حق المعلمات والمعلمين هو إداري يصل لمكتبه متى أراد ويستأذن متى أراد ويحصل على إجازته متى أراد وينتج بمقدار ما يريد ويتعامل مع ورقة أو مراجع يتعامل دون استفزاز بحكم عمره وحاجته، بينما المعلم (والمعلمة طبعاً) محكوم بساعة حضور صباحية باكرة، ولا يمكنه الاستئذان ولا يحصل على إجازته إلا صيفاً ومضطر للإنتاج الدائم لإنجاز مقرر في زمن محدد ويتعامل مع طلاب قد يعجز والديهم عن التعامل معهم!، فهل يحق بعد هذا أن نجبره على الحضور في ظروف أجبرنا فيها الطلاب على عدم الحضور؟! وهل للمعلمات والمعلمين سيارات برمائية تختلف عن سيارات الطلاب؟!.

هل عود موت المعلمات على طرق المناطق النائية يومياً المسؤولين في وزارة التعليم أن المجازفة بالحياة مطلب تعليمي؟! (هم بالمناسبة يجازفون يومياً فيكفيهم مطراً ما تمطر به سياراتهم ورؤوسهم من أحجار، وهو ما لا يحدث لأي موظف آخر).

لماذا يحسد أصحاب الجلوس على الكراسي الإدارية الوثيرة أصحاب الوقوف على الأقدام التعليمية طويلاً؟! يحسدونهم على يوم  علقت فيه الدراسة  لأسباب بيئية تهدد الحياة.

إذا قلنا أن المعلم والمعلمة يستمر في الحضور والدراسة معلقة، فحسب قاعدة العكس صحيح، فإن الدراسة يمكن أن تستمر مع تعليق المعلم والمعلمة وهذا من شر البلية المضحك.

 

اترك رد