دللنا القطاع الخاص فلم يحج مع الوطن

هناك مثل شعبي عقلاني يقول (راحت السكرة وجت الفكرة) والسكرة هنا المقصود بها الحماس والانفعال والانشغال وليست سكرة الكحول أعاذنا الله منها، فلسنا معنيين بها كمسلمين ولله الحمد، وبالمناسبة الكحول سبب لأكثر من ٩٠٪ من فشل الكبد في الدول الغربية، بين كبد دهني وتليف كبد وإلتهاب الكبد الفيروسي والسرطان (ALD).

الأن بعد أن فرغنا من الانشغال بهمنا الأكبر (خدمة حجاج بيت الله)، وحققنا بفضل الله نجاحاً تلى نجاحات أبهرت العالم وحظيت بإمتنان المنصفين ودحرت الحاقدين، دعونا نعود للفكرة، ونتساءل ماذا قدم القطاع الخاص من إسهام مع الدولة في تحمل أعباء خدمة الحجيج سواء بالمال أو الأفراد أو الخدمات المتخصصة؟!، وسنجد أن هذا القطاع المدلل الذي حظي من الوطن بالقرض والأرض والدعم والتسهيلات والإعفاء من الضرائب (مقارنة بضرائب عالية عالمياً)، لم يساهم بقيد أنملة، ولن يساهم ما لم نعيد النظر في تدليله!.

سوف أتحدث عن المجال الذي أفنيت فيه عمر يزيد عن ٣٥ سنة حافلة بالرصد والملاحظات والاستغراب من التنكر والجحود (المجال الصحي)، فلدي معلومات موثقة أن المستشفيات الخاصة لم تشارك في أي خدمة صحية في الحج وغابت تماماً عن واحدة من أهم ما قدم للحجيج من خدمات صحية وهي تفويج الحجاج المرضى، في خطوة جبارة غير مسبوقة عالمياً ولن تسابق عالمياً، كونها فريدة، لا يتحملها ولا يقدمها مجاناً إلا السعودية العظمى بقادتها وشعبها وكوادرها الوطنية، دون عون من (تجار الصحة المدعومين وطنياً)، هذا فيما يخص تفويج الحجاج المرضى، فكيف بعمليات القلب المفتوح وقسطرة القلب والغسيل الكلوي والمناظير والولادة والتنويم؟!.

ولعل من أسخف ما سمعت من تحجج تجار الصحة قولهم أننا لم ندعى للمشاركة، ويحكم، وهل دعي المتطوعون من نساء ورجال؟! وهل ينتظر الإسهام في الحج دعوة؟ ولا تجعلونني أفضحكم فأقول أنكم من يعمل لمنع صدور دعوة عبر شركاء لكم من مستشارين وموظفين في الصفوف الخلفية (صفوف متقاعسي الصحة).

كلمة أخيرة بمناسبة التحجج بعدم الدعوة، أقولها لرجال وطني الغالي بإشارة دون تفصيل، وكلهم أحرار تكفيهم الإشارة: في منتصف التسعينات الميلادية وبعد حرب تحرير الكويت، وما صاحبها من ركود اقتصادي، وجه أحد أقوى وزراء الصحة د. أسامة شبكشي لمصنع دوائي وطني مدعوم (الدعوة) لدخول مناقصة تأمين مضاد حيوي هام جداً لحالات الالتهاب السحائي الذي يحدث في الحج، فرفض رئيس مجلس إدارة المصنع تأمين الدواء بحجة وجود مستحقات للمصنع لدى الدولة لم تسدد بعد واضطر د. شبكشي إلى طلبه من شركة ألمانية لها مستحقات ووافقت!، وقد حضرت  بصفتي مدير عام مصنع الأمصال اجتماع لاحق لصناع الدواء مع الوزير وجه خلاله الوزير لرئيس المصنع الوطني لوماً لاذعاً شديداً لم يحرك فيه حمرة خجل.

أرجوكم لا تطلبون مني تفصيلاً علنياً أكثر ولا كيف دلل الرئيس لاحقاً، فقد أعيتني القضايا ذات المبررات التافهة وصعوبة إيجاد موقف شاغر في مواقف السيارات بالمحكمة الجزائية.

اترك رد