ضريبة القيمة المضاعة

ضريبة القيمة المضافة حق وطني فرضه ظرف طارئ سيزول بحول الله، و لا اعتراض عليها، وقد قلت عنها في محاولة شعرية: بدل الغلاء لوطن الغلا يرخص،، وقيمة وطنا فوق كل إضافة، لكن ما أنا بصدده الآن والذي أرجو أن يتنبه له الوطن، ممثلا في معالي وزير المالية، هو ما أسميته (ضريبة القيمة المضاعة) وهو جزء من المال العام تمت سرقته واختلاسه دون أن يشعر به أحد، وكتبت عنه وتحدثت عنه في عدة حوارات تلفزيونية من وجهة النظر الإنسانية و الطبية، لكنني أتحدث عنه اليوم من وجهة نظر آخرى لا تقل أهمية وهي المالية.

مستشفيات و عيادات القطاع الخاص بدأت منذ عشرات السنين بإفساد كثير من الأطباء العاملين في المستشفيات الحكومية بالاتفاق معهم على أن تكون لهم عيادات في المستشفى الخاص يستقبلون فيها المرضى، بل ويحيلون مرضاهم في المستشفى الحكومي إلى هذه العيادة (بحجة تأخر مواعيد الحكومي) بمقابل مادي كبير طبعا، و يجرون عمليات كبرى و صغرى في المستشفى الخاص بمقابل مادي كبير جدا يتقاسمه المستشفى الخاص والطبيب ( يتقاسمان و يقصمان ظهر المريض).

لن أتحدث عن مخالفة هذا العمل لجميع الأنظمة والتشريعات و التوجيهات السامية التي صدرت بحقه، فقد نبهت إليه كثيرا، ويكفي أن المخالف هنا يتقاضى بدل تفرغ و يخرج من دوامه الحكومي نهارا جهارا لعيادة بمستشفى خاص بارتباط غير نظامي.

هذه المرة أتحدث عن حق الحكومة في هذه الممارسات، و إن كانت خاطئة، لماذا يضيع؟!.

الدولة عندما وافقت على تأسيس ما يسمى بمركز الأعمال في المستشفيات ، والذي يقصد به عيادات مدفوعة خارج الدوام في ذات المستشفى الحكومي لاستيعاب من يريد أن يعالج بمقابل مادي، لم تهمل حق وزارة المالية من دخل هذا المركز ، وحددت نسبة المالية ب ٢٥٪ من دخل مركز الأعمال، وطبعا شعرت مستشفيات التجار بالمنافسة و أرادت استغلال إسم و شهرة الطبيب الإستشاري السعودي، فقالت (تعال نفتح لكل العيادات و غرف العمليات و احصل على دخل إضافي و اخرج من دوامك و حول لنا مرضاك و راتبك في الحكومي كامل و عملك فيه ناقص!).

الدولة، أعزها الله، صرفت على تعليم ذلك الطبيب و تدريبه و ابتعاثه و وظفته و دفعت له مرتبا كاملا و بدل تفرغ و لم يتفرغ ، والمستشفى الخاص سرق ساعات عمله ووقته وتركيزه و شهرته ومرضاه واستغلها (باردة مبردة) دون أن يشارك في التكلفة! فلماذا لا تستعيد وزارة المالية ٢٥٪ ( على الأقل ) من دخل تلك الممارسات بأثر رجعي  و هي حق من حقوقها و ( ضريبة مضاعة) و أيضا تطبق بحق المستشفى الخاص والطبيب غرامات مليونية لمخالفة الأنظمة، تتناسب مع شناعة المخالفة و عظم أثارها على المرضى و الإنضباط في المستشفيات الحكومية، ولولا هذه المخالفة ما تأخرت المواعيد و ساء التعامل أصلا، وغني عن القول أن تلك المستشفيات الخاصة لا تقوم بأي مسؤولية اجتماعية فلا تشارك في مواسم الحج ولم تشارك في أزمة كورونا بل استغلتها بتطبيقات لاستشارات مدفوعة بأسعار خيالية لنفس الأطباء الحكوميين اللذين يتقاضون رواتبهم وهم لم يعملوا لتوقف عياداتهم الحكومية.

لا يخدعنك من يقول عملهم نظامي فالسماح تم للأطباء من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات وخارج وقت الدوام الرسمي وفي العطل و بشروط دقيقة منها موافقة الجامعة دوريا و جدول واضح و مسببات واضحة.     

اترك رد