لا نحسد المستثمرين في المستشفيات الخاصة، لكن وطننا لا يحسد عليهم، ولو كنا سنحسد أحد لحسدنا غيرهم من التجار، فالأمر لا يتعلق بحسد على نعمة، بل بأسف على عدم تقدير نعمة (نعمة وطن) أعطى أرضا و قرضا و دعما وتشجيعا و لم يجن إلا تحايلا و مخالفات و نكران و تهديد بنقل النشاط للخارج و تمويه فعلي مني بفشل ذريع، فلن تجد أصبر على المستثمر من وطن كالسعودية ولن تجد استثمارا ناجحا إلا في وطن عدد سكانه مثل السعودية، لذا فقد فشلوا في دول مجاورة و عادوا لكن دون إمتنان فحق التعامل معهم بما يستحقون.
بدأت المستشفيات الخاصة نكرانها برفض إسعاف الحالات الطارئة (مع أنه شرط من شروط الترخيص) فمات على أبوابها عدد من المصابين في حوادث دهس و حوادث سير، ثم و (للأسف) إنحاز معهم شركاء تجارة فصدر تعميم مؤسف باقتصار فرض قبول الحالات الإسعافية في طوارئ المستشفيات الخاصة على الحالات الحرجة ( ولم يتم تعريف الحالات الحرجة ) فأوجد لهم شركاؤهم عذرا فرفضوا حالات خطرة تنزف حتى الموت، وطالبنا بتعريف مفصل للحالات الحرجة ولم يحدث رغم تعدد وزراء الصحة من الأطباء!.
ثم أرهقت المستشفيات الخاصة كاهل المواطن، الذي لم يجد موعدا قريبا في المستشفى الحكومي، بفواتير عالية مبالغ فيها وغير مدققة، و أصبحت تحتجز مرضى و مواليد ولا تخرجهم إلا بعد الدفع (والحسابة تحسب)، وعندما تكفلت وزارة الصحة بدفع فواتير من تحيلهم للخاص، لعدم توفر سرير، حصل تلاعب كبير و تضخيم لمصاريف غير مدققة (الوحيد الذي كان يدقق فواتير المستشفيات الخاصة هو الدكتور محمد المعجل، رحمه الله، عندما كان مدير الشؤون الصحية بالوسطى).
وحاليا عندما جاءت شركات التأمين أصبح التلاعب أكبر، فبعض المؤمن عليهم من الوالدين يغطي تأمينهم العيادات الخارجية فقط، لذا فإن المستشفى الخاص يدخلهم كمرضى داخليين لأي سبب ثم يرغمهم على دفع مبالغ طائلة بحجة أن التأمين للعيادات الخارجية فقط!.
ثم جاءت الطامة الكبرى وهي إغراء المستشفيات الخاصة لأطباء حكوميين، أشهروا أنفسهم عنوة في الصحف، بفتح عيادات لهم في الخاص مخالفة لكل الأنظمة و الأعراف و تقاسم غلة العمليات والكشفيات المبالغ فيها دون أن تحصل الدولة على حصتها!! فالطبيب حكومي و سرق وقت المستشفى الحكومي و أهمل مرضاه و أصبحت مستشفيات الحكومة خالية من أطبائها نهارا جهارا، و أهمل طلبة الطب والمتدربين و أصبحت العمليات في الحكومي يجريها قليل خبرة و كثرت الأخطاء الطبية، والسبب جشع تجار طب وعدم ردعهم وخيانة طبيبل فاسد للأمانة!!.
وجاء الحج وتفويج الحجاج المرضى ولم تشارك المستشفيات الخاصة ولا بسيارة إسعاف أو جهاز، وجاءت كورونا ولم يسهم إلا مستشفى أو إثنين ليس منهم من سرق أطباء الحكومة ولا وقت مرضى المستشفى الحكومي، بل أن من سرق تمادى ففتح عيادات لأطباء الحكومة، المتوقفة عياداتهم بسبب كورونا، وجعل عياداتهم ب ١٦٠٠ ريال و فتح لهم تطبيقات هاتفية وكل سؤال يسبقه دفع ٢٠٠ ريال، وكل هذه مبالغ يفترض أن تستردها الدولة مع غرامات مجزية ورادعة.
ثم يدعي ذات السارق للوقت والجهد، الناكر لفضل الوطن، يدعي أنه ساهم في كورونا (وهو لم يساهم ولا بريال أو كمامة إلا أن يكون ساهم بنشر الفيروس) و يمن على الوطن مع أنه لو ساهم حقا فمساهمته لا تعدل عشر ما أخذ!! لذا تذكرت بيت لإسماعيل بن عمار الأسدي:
كَمُطعِمَةِ الأيتام مِن كدِّ فرجِها …. لكِ الويلُ لا تزني ولا تتصدّقي