نقل الهيئات الصحية عين العدل.. وحذارٍ من تأمين الإهمال

أكرر القول بفخر، إننا في عصر يسبق فيه العمل كل قول، ويتم فيه تطوير منظومة التشريعات المتخصصة والإجراءات بما يتناسب مع قضاء حاجات الناس وحفظ حقوقهم وفق شرع الله الحكيم، والأمثلة كثيرة لكنني أستشهد اليوم بأمنية تحققت وكنا نطالب بها منذ عقود، بل كانت حاجة العدل وحفظ الأنفس تفرضها وتحققت اليوم بدعم رجل الحزم والعزم، سلمان بن عبدالعزيز، ورؤية عضده الحازم العازم ولي العهد، حيث وكما نشرت هذه الصحيفة الغراء في يوم الخميس السادس من رجب 1442هـ، فإن المجلس الأعلى للقضاء وافق على نقل اختصاص الهيئات الصحية الشرعية إلى دوائر قضائية متخصصة في محكمة الاستئناف بمنطقة الرياض، والمحكمة العامة بمدينة الرياض، كما وافق المجلس على تخصيص قضاة للعمل في تلك الدوائر بناءً على الكفاءة القضائية والتأهيل العلمي والخبرة العملية.

هذه الخطوة العدلية المهمة طالبنا بها كثيرا منذ عدة سنوات وأوضحنا أهميتها البالغة في برامج حوارية متلفزة ومقالات صحافية، خاصة مع كل حالة وفاة بسبب خطأ طبي طابعه الإهمال كانت تتناوله تلك البرامج الحوارية بعرض الحالة الإنسانية لأم فقدت ابنها أو أسرة فجعت في طفلتها بسبب إهمال طبي، وكانت المآسي تطرح تلفزيونيا في قالب حزين محزن خلال يوم أو يومين، ثم ما يلبث أن يخرج مدافع يدعي أن الخطأ لم يكن إهمالا بل مضاعفات، وكانت اللجان تتكون من قاض فئة (أ) لكن يحيط به أعضاء أطباء هم من يقرر صفة الخطأ وغالبا كان ينسب لمضاعفات حتى لو كان إهمالا، لذا طالبت كثيرا بأن يكون للمريض محام خاص متخصص في مجال الخطأ يوضح لفضيلة القاضي حقيقة الخطأ ويواجه وجهة النظر المدافعة بالحجة والبرهان بما يفرق بين المضاعفة والإهمال، وهذا ما سيتحقق بحول الله مع هذه النقلة النوعية المباركة، حيث ركز القرار على (دوائر قضائية متخصصة وتخصيص قضاة بناء على الكفاءة القضائية والتأهيل العلمي والخبرة العملية) وهذا وربي ما كان يحتاجه ضحية الخطأ الطبي وأسرته للحصول على حقهم الشرعي وأهم من ذلك تحقيق الردع من إهمال زاد عن حده.

أتمنى أن يتولى تمثيل المريض أو ضحية الخطأ الطبي محام متخصص مؤهل صحيا وأن تكون أتعابه على المدان وأن يسهم أهل الخير في مساعدة أسرة الضحية العاجزة على توكيل محام متخصص، كما أتمنى ألا يسمح لصناديق تأمين وخلافه بتحمل مبالغ الغرامات والعقوبات على الممارس الصحي المهمل تحديدا، ذلك أن تجارب العالم في هذا النوع من التأمين أثبتت تشجيعا على الإهمال وتقليلا للردع عنه، وأؤكد هنا على محاربة الإهمال (تحديدا) والذي زاد بانشغال الأطباء عن مرضاهم وعن قراءة الملف بحثا عن العمل في أكثر من عيادة ومستشفى، أما المضاعفات فأمر يُشْعَر المريض باحتمالاته سلفا وهو غالبا لا حيلة للطبيب فيه، لكن الفارق بين الإهمال والمضاعفة واضح جدا.

  • نشر في جريدة الرياض في يوم الأحد 9 رجب 1442هـ 21 فبراير 2021م

اترك رد