ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا في الوطن عامة أمر مقلق ويحتاج لوقفة حزم فلا يمكن أن نقبل بالفشل بعد نجاح غير مسبوق، لكن استمرار تصدر منطقة الرياض لعدد حالات الإصابات حتى قاربت نسبة 50 % من مجموع الإصابات اليومية في المملكة أمر محير وليس مقلقاً وحسب، ومصدر الحيرة الكبرى هو أننا حتى اليوم لم نحدد أسباب زيادة الحالات في الرياض تحديداً، وهنا يقع العتب على جامعاتنا ومراكز الدراسات، فيفترض أن تقوم الجامعات ومراكز الدراسات بدراسات عاجلة مستفيضة لمعرفة الأسباب والمتغيرات وتزويد لجنة متابعة كورونا بالنتائج والتوصيات، فنحن في عصر القرار القائم على دراسة.
شخصياً طالبت عبر صفحتي في (تويتر) بأن تتحرك الجامعات ومراكز الدراسات لدراسة هذه الظاهرة الخطيرة، وكباحث، أقيم اعتباراً للأبحاث والأبحاث فقط، لا يمكنني افتراض أسباب أو اتهام سلوكيات اجتماعية وتحميلها المسؤولية، وإن كانت هناك مؤشرات يمكن الاستفادة منها في توجيه اتهام، لكن المنطق العلمي يقبل وضع الفرضيات، أياً كانت، لكنه لا يقبل بتأكيدها من دون دراسة وبحث وإثباتات، وهذا ما نحن في أمسّ الحاجة إليه حالياً.
بعد أن طالبتُ كثيراً عبر (تويتر) طرحت ذات الفكرة على معالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة خلال مكالمة هنأته خلالها بالشهر الكريم، وأيّد معاليه المطالبة بأن تتولى الجامعات مثل هذه الدراسة عاجلاً، وأشاد الوزير بما حققته جامعات المملكة العربية السعودية من تقدم على مستوى العالم في جهود أبحاث كورونا حيث حققت المركز الأول عربياً و 14 عالمياً، فيما حققت المرتبة 12 على مستوى دول مجموعة العشرين.
وفي نظري أن جهود النشر العلمي الانفرادي في مجال كورونا كمرض جهود مشكورة ولكنها تخدم أصحابها في الترقيات ولاشك أنها خدمت الجامعات بحثياً، لكنني أريد دراسات مكثفة مشتركة لتفسير ارتفاع الحالات بصفة عامة والارتفاع الكبير المستمر في الحالات في منطقة الرياض تحديداً، وتشخيص أسباب الارتفاع وسبل إيقافها وأقترح أن لا تكون هذه الأبحاث اختيارية للجامعات بل تُفرض كواجب وطني، فنحن في حاجة ماسة لأبحاث من حيث الكيف وليس الكم، لأن الكم يخدم الباحث في الترقية، لكن الكيف يخدم الوطن.
ومن وجهة نظري كباحث في مجال الأدوية وتحديداً الأمصال، فإن كل الفرضيات مسموحة ومتاحة وقد تؤدي لاكتشافات، لكن تبقى الفرضية فرضية حتى تؤكد بأبحاث دقيقة، لذا لا يمكن أن نفترض اجتهادياً فحسب، ولكن نفترض ونبحث، وبالمناسبة ففي معرض حديث معالي الوزير معي هاتفياً قال متألماً: الغريب أن التطعيم في الرياض هو الأكثر نسبة ومع ذلك نفاجأ بارتفاع الحالات في الرياض (انتهى).
هنا دار في خلدي مجرد خاطرة أو فرضية لابد من استبعادها بالبحث وهي: هل ثمة تأثر للفحص بحالة من تلقى التطعيم، علماً أن مضادات الأجسام المنتجة في جسم من تلقى اللقاح بحقنة في العضل يصعب علمياً تداخلها مع عينة أخذت من الحلق أو الأنف، ولو كان اللقاح يؤخذ بالبخاخ في الفم أو الأنف لكان الاحتمال ممكناً، ومع ذلك فإن البحث والبحث فقط كفيل بنفي كل الفرضيات أو إثباتها.
نشر في جريدة الرياض يوم الأحد 6 رمضان 1442هـ 18 إبريل 2021م