كتبت في مقال الأسبوع الماضي مقترحاً بضرورة توثيق نجاحنا في التعاطي مع كورونا والذي لا مثيل له عالمياً وأن نوصله لشعوب العالم ونفاخر به وبشباب وشابات سعوديين قاموا عليه بدعم حكومي بحت، يعكس تطوراً سريعاً يشهده القطاع الحكومي في كافة المجالات والإجراءات.
اليوم أكتب لكم عما توصلت إليه من عدم مواكبة القطاع الخاص لهذا التطور الذي نعيشه وضرورة أن تواكب شركات القطاع الخاص ووكالاته ما نشهده من قفزات نوعية حكومية في مجال التعاملات أو أن يتم استبعاد من لا يستطيع المواكبة وتنحيته حتى لا يكون حجر عثرة في طريق وطن همته عالية ويسعى لتحقيق طموحات عالية لا تقبل أن تكون فيها مستويات منخفضة فتحدث المطبات.
دعوني أستشهد بمثال يوضح ما أريد الوصول إليه وهو التخلف الشديد في تعاطي وكلاء الأجهزة الضرورية مع أمر الصيانة لأجهزة دفع المستهلك ثمنها باهظاً ويشتمل الثمن الباهظ على قيمة الضمان وتكاليف الصيانة المشمولة بالضمان أو التكلفة الأعلى للصيانة بعد انتهاء فترة الضمان، ومن دلائل هذا التخلف الشديد تأخر مواعيد الحضور للصيانة وعدم رد أرقام هواتف الصيانة وعدم رد أرقام خدمات العملاء في حين ترد أرقام المبيعات والتسويق فورياً ودون تأخير.
تخيل أن موعد حضور فني صيانة إحدى أكبر وكالات أجهزة التكييف لفحص الخلل يزيد على عشرة أيام في مدينة الرياض (العاصمة) التي تصل درجة الحرارة فيها لما فوق الخمسين درجة، وتخيل تأثير ذلك على المرضى وكبار السن والأطفال وربات البيوت وكافة الأسرة، بل تخيل تأثير عدم حضور الفني في الموعد المحدد على عطاء وإنتاجية رب الأسرة الموظف الذي استأذن من عمله أو حصل على إجازة للتفرغ لاستقبال الفني والإسراع في حل مشكلة الأسرة.
التكييف مجرد مثال، لكنه ينسحب على كثير من الأجهزة المنزلية الضرورية ومنها أجهزة طبية ضرورية لاستمرار حياة مريض ووكالات السيارات وغيرها من أساسيات الحياة.
أجريت دراسة سريعة (وللحق أقول غير مكتملة علمياً) حول الموضوع بسؤال عدد من المديرين التنفيذيين السابقين لشركات تكييف ووكلاء سيارات ووكلاء أجهزة منزلية عن سبب سوء خدمات الصيانة في تلك الشركات، فكان ثمة شبه إجماع على أن السبب هو عدم اهتمام الوكلاء بأمر الصيانة وخدمات ما بعد البيع و إيكالها لموظفين غير سعوديين همهم مصالحهم الشخصية وعلاقاتهم مع العملاء الذين يمكن أن يستفيدوا منهم.
هذه الملاحظة أحيلها لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، مكرراً القول إن مستوى وسرعة وتطور خدمات القطاع الخاص إذا ما قورنت بتطور خدمات وزارة العدل إلكترونياً في كافة الإجراءات، وخدمات وزارة الصحة التي وصلت حد صرف الوصفة عبر الهاتف وإعطاء اللقاح في المنزل وخدمات وزارة الداخلية في (أبشر) وأخواتها، وخدمات وزارة التجارة في تسهيل الاستثمار وفتح السجل التجاري خلال دقائق، وخدمات وزارة الموارد البشرية عبر ساند ومساند وغيرها، فإن خدمات القطاع الخاص تعتبر من العصور الوسطى وتحتاج لمحاسبة الوكلاء وتغريمهم بما يحقق خدمة للمستهلك توازي خدمات الجهات الحكومية.
نشر في صحيفة الرياض يوم الأحد 5 صفر 1443هـ 12 سبتمبر 2021م