دعك من السياسيين ورؤساء الدول، فهؤلاء يدركون جيداً نجاحاتنا، ويعرفونها كما يعرفون أسماءهم، وبعضهم قد يصعب على نفسه الاعتراف بها، ولا يسره التصريح بها، فلا يقدم ولا يؤخر وصول المعلومة حول ذلك النجاح الفريد للسياسيين، لكن من المهم جداً أن يصل للشعوب في مكان وجودهم، في بيوتهم وفي مزارعهم وفي الأماكن التي يرتادونها عبر وسائل الإعلام التقليدي والحديث ووسائل التواصل الاجتماعي بكل قنواته، لسببين، الأول: أن لدينا ما نفاخر به، من وطن وقيادة ومواطن، يشكلون قوة ناعمة مؤثرة، والثاني: أن من حق شعوب العالم أن تعرف حقيقتنا وتفاخر بنا وتتخذنا قدوة، وشهادة الشعوب أصدق وأنقى وأكثر تأثيراً، فالناس شهود الله في أرضه.
نجاحنا في التعاطي مع جائحة كورونا العالمية مجرد مثال لنجاحات عدة، لكنه الأكثر تأثيراً في الناس والأكثر استيعاباً للمتلقي في أنحاء المعمورة، لأنك تتحدث عن أمر عانى منه كل سكان العالم وواجهته دولهم بدرجات مختلفة وبجهود متباينة، وكنا نحن المثال المثالي والرقم الأصعب والتعامل الإنساني الأرقى بين كل دول العالم على اختلاف درجة تقدمها العلمي والصحي والتنظيمي وخبراتها وادعاءاتها الإنسانية.
منذ بداية ظهور السلالة الجديدة للفيروس وهجومه على أعداد محدودة من البشر اتضح أن لدينا كوادر علمية وبحثية وصحية عالية التأهيل والخبرة في مجالات علم الفيروسات والمختبرات وعلم الأمراض والأمراض المعدية والصيدلة والطب الوقائي ووسائل التشخيص، يجمع شملها هذه المرة وزير مؤهل إدارياً، يجيد توظيف كل متخصص وممارس صحي في مجال علمه وتخصصه بحياد تام ووعي مهني، ووكلاء ومساعدين متخصصين أيضاً في مجال الإدارة الذي هو بحد ذاته علم واسع، وكل هؤلاء نعمة من الله سبحانه وتعالى، قبل كل شيء، ثم أعدتهم قيادة عرفت كيف تعد لهذا الوطن كوادر وطنية مؤهلة في كل مجال ثم اختارتها بحكمة وسخرتها، كل في مجال تخصصه، قيادة تقوم على رؤية ثاقبة سديدة وطموحة.
عندما بدأ الوباء في الانتشار والفتك، وفي وقت ترددت فيه قيادات دول متقدمة، تعتقد أنها سبقتنا، ترددت في إنقاذ مواطنيها والصرف عليهم لإخراجهم من المناطق الموبوءة وإعادتهم لأوطانهم بعد حجرهم وقائياً، كان موقف قيادة المملكة العربية السعودية كريماً وسخياً وحازماً وسريعاً بلا أدنى تردد، فقامت بحجر مواطنيها في أماكن وجودهم في فنادق فخمة وإعاشتهم لعدة أشهر، ومن ثم إعادتهم بطائرات خاصة لفنادق فخمة داخل مدن إقامتهم في الوطن مع إعاشتهم لمدة أسبوعين، وكل ذلك على حساب الدولة وبصرف سخي غير مسبوق عالمياً، خصوصاً عند القياس بعدد السكان، وهذا مهم جداً، فأنت تتحدث عن وطن عدد سكانه يفوق الـ20 مليوناً، وليس بضعة آلاف.
العمل بعد تفشي الجائحة عالمياً كان عملاً خارقاً، من جميع الجهات والوزارات، الصحة والداخلية والتعليم والعدل والتجارة والبلديات وأمانات المدن وهيئة مكافحة الفساد وجميع الجهات الرقابية ونقاط التفتيش خاصة المراكز الحدودية والمعابر، فعند فرض الحجر وإجراء الفحص كان التطبيق حازماً والرقابة على توفر المواد الغذائية والتموينية صارمة وتسخير الإجراءات الإلكترونية في تعاملات وزارة العدل فائقة التميز، فلا حاجة لمراجعة، وتطبيق التعليم عن بعد، والإجراءات الصحية الإلكترونية بما فيها صرف الأدوية كان متقدماً جداً.
ما حققناه من نجاح يصعب رصده في مقال محدود الكلمات، إلا بالإشارة له بكلمات لها دلالاتها “توفير أسلم اللقاحات، التطعيم المجاني، التنظيم الرائع لمواقع الفحص والتطعيم بترحيب غير مسبوق وبكوادر سعودية، الصرامة في الحجر وفرض التباعد مع تسهيل كل الإجراءات إلكترونياً، التزام المصلين في المساجد بالكمامة والسجادة والتباعد ما يمثل وعي مجتمع صالح، تنظيم حشود الحجاج والمعتمرين بشكل ينم عن جهد عظيم لشؤون الحرمين وصورة مشرفة لوعي الإنسان المسلم يجسدها الطواف بالتباعد وسلامة ضيوف الحرمين، انخفاض الإصابات والوفيات بفضل الله رغم الارتفاع عالمياً… إلخ”، كلها صور تدعو للفخر ولكن لا بد من توثيقها سريعاً ونشرها إلى شعوب العالم في أفلام ووثائقيات عبر فضائيات العالم وكتب ومطويات، فلدينا ما نفخر به، خصوصاً أن من قام على هذه الإنجازات هم رجال ونساء سعوديون، ومن استفاد منها هو “كل إنسان” مواطن ومقيم ومخالف لنظام الإقامة، وضعْ ألف خط تحت “السعودية مملكة الإنسانية”.
نشر في صحيفة الرياض يوم الأحد 28 محرم 1443هـ 5 سبتمبر 2021م