Site icon محمد سليمان الأحيدب

المأكولون (المجحودون)

وأنا ألقي محاضرة ختامية في المؤتمر السعودي الثالث للسموم بدعوة من الجمعية السعودية لعلم السموم، حول تجربة تأسيس المركز الوطني لإنتاج الأمصال واللقاحات بالحرس الوطني ودوره العظيم في علاج التسمم بعضات الثعابين ولدغات العقارب في المملكة ودول الخليج العربي والدول المجاورة، ثم طرق علاج التسمم بسموم الثعابين والعقارب والوقاية منها، تذكرت وتأثرت وأنا ألقي المحاضرة بذكريات التأسيس وما واجهنا من صعاب وتحديات تخطيناها بقوة وإخلاص وعزم رجال الحرس الوطني، فكنت أقول دوما وأنا أذكرها: إن همة رجال الحرس الوطني أصعب من كل الصعاب، والمواقف تشهد بذلك، كيف لا؟ وهم شريحة وجزء من رجال هذا الوطن ونسائه الذين استعصوا على الصعاب بعون من الله، ثم بإيمانهم به وإخلاصهم في عبادته.

لست هنا لأتحدث عما واجهنا من صعاب فقد كنا منها أصعب فجعلناها سهلة وجعلنا وعرها سهلا بروح الفريق الواحد، لكنني أقول إن تأثري أصبح أكبر وأنا أسمع شكر الله وحمده في عبارات ممزوجة بعبرات الدكتور محمد عيسى مريعاني أستاذ الكيمياء التحليلية وهو يهنئ الجميع بنجاح المؤتمر، ورغم معرفتي الحديثة المحدودة بالقائمين على الجمعية السعودية لعلم السموم والقائمين على المؤتمر، إلا أنني أعلم أن معظمهم بما فيهم د. محمد مريعاني هم ممن خدم الوطن موظفا لسنوات عديدة ثم ترجل وتقاعد لكنه استمر يعطي بإخلاص وتطوع.

هنا تذكرت أناسا كثر مررت بهم في حياتي العملية سواء كصيدلي أو كصحفي ثم كاتب يعملون بجد وإخلاص وتضحية في مؤسسات ودوائر ووزارات يعمل فيها غيرهم بنفس رواتبهم لكنهم لا يضحون مثلهم، بل ربما قصروا في عملهم الأساسي، فهم (أي السلبيين) نوعان: سلبيون يؤدون عملهم اليومي بلا زيادة ولا اسهامات ولا تطوع أو تضحيات، وآخرون أكثر سلبية، فلا يؤدون عملهم الأساس ويتقاعسون فيه، وطبيعي أنهم لا يقدمون أدنى تضحية أو تطوع أو جهد.

المشكلة الكبرى أن المؤسسة أو الدائرة تساوي بين من يعمل ومن لا يعمل ومن يخلص ومن يتقاعس، أما المشكلة الأكبر فهي أن بعض المؤسسات والدوائر تميز المتقاعس (عيني عينك) لأسباب علاقة شخصية مع المدير أو مصالح أو واسطة وفساد (زال ولله الحمد اليوم أو هو في طريقه للزوال)، فيتحول المخلص إلى مأكول مجحود، لذلك اقترحت (وما زلت أقترح) ألا يتم أمر تقدير الموظفين وتشجيع العاملين عبر التواصل مع المدير فقط أو بناء على رأيه هو فقط، بل تسعى الوزارة أو الجهة المعنية إلى الوصول للمخلص بطرقها الخاصة، والشيء نفسه اقترحته فيما يخص الإنجازات والإبداعات فبعض المديرين يسرق إنجاز وإبداع الموظف وينسبه لنفسه، والأمر لا يحتاج إلا إلى خطاب فعلينا أن نحتاط ونتأكد.

نشر في صحيفة الرياض يوم الأحد 24 شعبان 1443هـ 27 مارس 2022م

Exit mobile version