Site icon محمد سليمان الأحيدب

كأس العالم الذي فزنا به

دعك من مشاركة منتخبنا في كأس العالم لكرة القدم بعد إبداع في مباراة واحدة؛ فالواضح أن رياضتنا تحتاج عملا أكثر يواكب ما نعيشه من تطور ويحمل نفس همة مواطن يشبه جبل طويق وإداري ذي حزم وعزم..

ما سوف أتحدث عنه بفخر أهم بكثير، فقد ذهبت إلى الشقيقة قطر بالسيارة مع عدد من أفراد أسرتي غير المرتبطين بدراسة أو وظيفة، ليس لمشاهدة مباريات كأس العالم ولكن لنعيش تجربة أجواء كأس العالم في بلد خليجي شقيق وقريب، فخرجت من التجربة مرفوع الرأس كما هو وضع السعودي في كل حال وفي كل زمان ومكان (ارفع رأسك أنت سعودي).

عشت تجربة ذكرتني بتميز وطني في التعاطي مع أزمة المحتجزين خارجيا خلال هجمة فيروس كورونا، باحترام ورعاية وتقدير الإنسان مواطنا أو مقيما فيه أو مارا عبر منفذه وسوف أرويها لكم بفخر، وأول ما لفت نظري على امتداد الطريق من الرياض إلى منفذ سلوى هو تواجد الدوريات الأمنية (911) بشكل يدعو للفخر والاطمئنان فمن دون أي مبالغة، بعد كل كيلومترين تجد دورية، وهي دوريات مستعدة للمساعدة في كل شأن وعلى أهبة الاستعداد.

وبسبب ظروف ازدحامات مرورية داخل قطر، أوقفت قطر دخول المركبات يوم السبت 10 ديسمبر إلى أجل غير مسمى حتى لمن يحمل تصريح دخول وتأمين مركبة، فبدأت السيارات العودة وبدأ توجيه جميع المركبات (عدا التي تحمل لوحات قطرية طبعا) بعدم المواصلة لأن الدخول بالمركبات ممنوع، وهنا حصل حرج كبير لمن قطعوا مسافات طويلة للوصول لقطر ولديهم حجوزات فنادق مسبقة الدفع ولدى بعضهم تذاكر مباريات وتكاليف أخرى وعدم رغبتهم بالعودة بعد قطع تلك المسافة ودفع تلك المبالغ وتمنية النفس بحضور مناسبة لا تتكرر إلا كل أربع سنوات، وقد لا تتكرر في بلد عربي قريب.

وكما هو وطننا دائما جاءت التوجيهات بفتح أماكن وقوف مجاني لجميع المركبات في منفذ سلوى سواء للمواطنين أو المقيمين أو غيرهم من الداخلين عبر منفذ سلوى وتأمين عشرات الحافلات لنقل المسافرين من مواقف منفذ سلوى إلى صالات إنهاء إجراءات المغادرة السعودية ثم نقلهم بنفس الحافلات إلى الجانب القطري لإنهاء إجراءات الدخول ثم التنسيق بأن تنقلهم حافلات قطرية إلى داخل الدوحة في تنسيق سعودي قطري سلس ومتناغم يدل على تقدير لمشاعر الإنسان مهما كانت الظروف والصعوبات.

وأجمل ما في ما رأيته من تعاون ولطف وبشاشة، هو أن القائمين عليه عدد من رجال الأمن السعودي ضباط وضباط صف وجنود وكانوا يساعدون كبار السن والنساء والأطفال بكل رحابة صدر وشهامة.

شخصيا أول ما تذكرت هو موقف قيادة وطني مع مواطنيه والمقيمين فيه وحتى المخالفين إبان أزمة كورونا حينما سكنتهم في الدول التي تواجدوا فيها في أفضل الفنادق والإعاشة لعدة أشهر ونقلتهم بالطائرات وكل ذلك دون مقابل ثم أعطتهم التطعيمات الثلاث مجانا، في وقت كانت بعض الدول تتبرأ من مواطنيها لا في الخارج ولا في الداخل ولا في التطعيم.

إن كان كأس العالم في كرة القدم تفوز به دولة كل أربع سنوات فوطني السعودية يفوز بكأس عالم في الإنسانية كل أربع ثوانٍ، فالحمد لله على نعمه.

نشر في صحيفة الرياض يوم الأربعاء 20 جمادى الاولى 1444هـ 14 ديسمبر 2022م

Exit mobile version