لنعود لتقنية «الفار» وعين الصقر

شئنا أم أبينا فإن كرة القدم تلعب دورا في حياتنا، ومن يقول غير ذلك فإنه يكابر، أليست هي الأكثر متابعة؟ أليست هي حديث المجالس والمكاتب ومقار الأعمال ومواقع التواصل الاجتماعي؟ أليست هي التي تحظى بأكثر البرامج وتسيطر على الحوارات؟ أليست هي أكثر مجال يتم تناوله بشفافية كاملة وسقف عالٍ من النقد والنقاش المفتوح على الهواء دون تحفظ أو مراجعة؟ أليست هي التي حظيت بالنصيب الأكبر من النقل المباشر والتصوير وإعادة اللقطات وتسخير تقنية حكم الفيديو المساعد وربما عين الصقر قريبا جدا.

إذاً ما المانع من أن نستشهد بها ونطالب بالاقتداء بإجراءاتها الاحترازية الداعية لتحقيق العدالة في شؤون الحياة الأخرى مثل شؤون التوظيف والترقيات والمكافآت، وقبل هذا وذاك التحقق من الأصحاب الحقيقيين للإنجازات، خصوصا أننا نشهد، ولله الحمد، قفزات نوعية غير مسبوقة في مجال التأكد من النزاهة وترسيخها ومكافحة الفساد؟

أتمنى أن نطبق ما يشبه تقنية (الفار) ولكن في المجالات الوظيفية بأثر رجعي، أي عن طريق إعادة الفيديو لحقيقة أصحاب الإنجازات في مجالات عديدة منها الجراحية والطبية والهندسية والأفكار والمقترحات والحقوق الفكرية، فمثل ما مررنا بحوادث فساد وسوء استغلال للسلطة وغسيل أموال واختلاس للمال العام ونهب للأراضي والشواطئ، وهو ما تم تناوله بحزم وعزم وشفافية عالية ولا نزال، ولله الحمد، نحقق النجاح تلو الآخر في كشف مرتكبيه وملاحقتهم ومعاقبتهم، أقول مثلما مررنا بحوادث الفساد المالي تلك، فإننا قد نكون مررنا بحوادث مشابهة ولكن في مجالات فساد وظيفي فيها استغلال للسلطة واستغلال للمنصب، ليس ماليا ولكن معنويا بسرقة نتائج بحوث أو نتاج عمل جراحي أو طبي أو هندسي أو فكري، استغل فيه المدير سلطته على الموظف صاحب الإنجاز الحقيقي ونسبه لنفسه.

نفس الشيء يقال عن التعيينات والترقيات والانتدابات والابتعاث والترشيح للمناصب والتمييز في تقارير الكفاية، وغير ذلك من الممارسات التي ربما خسرنا بسببها أعدادا من المبدعين من جراحين وأطباء وصيادلة ومهندسين وباحثين وكيميائيين وفيزيائيين لمجرد أن رئيسهم سرق إنجازاتهم وأحبطهم.

تقنية حكم الفيديو المساعد (الفار) التي استعرتها هنا سهلت التطبيق في تلك الصور من الأخطاء المرتكبة، فالناس شهود الله في أرضه وهم يعلمون ما دار ويدور في كواليس مقار عملهم، ويمكن لكثير منهم إعادة شريط فيديو الذكريات، كما أن المتضررين إذا علموا بوجود مراجعة للفساد الوظيفي سيجدون فرصة لرفع أيديهم والشكوى من ولوج هدف لمتسلل، كما أن عين الصقر إذا حضرت ستصور المرمى من جميع جهاته وستعرف من حقق الهدف ومن ادعى تحقيقه.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 21 رمضان 1444هـ 12 إبريل 2023م

اترك رد