الشهر: مايو 2016

أمس الضحى رأيت الملك عبدالله

كان يسير في ممرات مستشفى الملك فهد بالحرس الوطني عند زيارته لمريض فيداعب كل من يصافحه في طريقه ويحدثه بعفوية وتلقائية وابتسامة عريضة لا تخلو من تعليق طريف وممازحة، تماماً كما كان يفعل وهو يزور المعارض أو المراكز التجارية، يتذوق طعاماً من هذا ويداعب ذاك، بنفس شخصيته الفريدة جداً التي تجمع هيبة ملك وعفوية رجل الصحراء وحنان أب، شخصية لا يمكن أن تصطنع بدليل أنها تكررت في ظروف مختلفة، ظهرت في زيارته التاريخية للفقراء وهو يتألم لحالهم ويرفض تسميتهم بالفقراء ويستبدلها بذوي الدخل المحدود وظهرت في انتقاله من نيس إلى جازان مباشرة وبعد رحلة شاقة وزيارته لمرضى وباء حمى الوادي المتصدع ويرفض ارتداء كمام واق كان مرافقوه من منسوبي وزارة الصحة يرتدونه، وظهرت وهو يقرب الكرسي لمواطن يشتكي له، وظهرت وهو مريض يرفض مسمى عرق النساء مؤكداً أن النساء لا يأتي منهن إلا كل خير، هي ذات العفوية والتلقائية في الرخاء والشدة (شخصية فريدة) لا تصنع فيها.

أخذت عهداً على نفسي أن لا أمتدح إلا من مات مقتدياً بالسلف وبقول ابن مسعود رضي الله عنه: من كان متأسياً فليتأس بمن مات فإن الحي يخشى عليه من الفتنة.

لذا أقول أنني ضحى أمس الأربعاء وفي حفل تخرج طلاب جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية برعاية صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله وزير الحرس الوطني عندما رأيت سموه يسن سنة حميدة بأن يسلم شهادة التفوق لكل متفوق ويطلب منه أن يحدد مكان والده في القاعة ويلوح له بالتهنئة أو يدعوه للمشاركة في تسليم الشهادة ثم يسأل عن والدته في المكان المخصص للنساء (شرفة علوية منعزلة ولله الحمد) ثم يلوح لها مهنئاً، فعل ذلك مع كل متفوق على حدة، ثم صور مع كل خريج رغم كثرتهم واقفاً لأكثر من ساعة دون ملل ولا كلل، بل بمنتهى المرح والسعادة والمشاركة في الفرحة، أقول أنني ضحى أمس الأربعاء رأيت عبدالله بن عبدالعزيز تغمده الله بواسع رحمته في شخصية متعب بن عبدالله (ذات التلقائية ذات العفوية)، هي صفات موروثة من أب صالح وملك عادل، وهذا وطنياً مبعث اطمئنان كبير أننا في هذا البلد الأمين نستقبل جيل ثالث يحمل ذات صفات الحكمة والعطف والعفوية الممزوجة بهيبة التي نعمنا بها منذ عهد المؤسس وأبنائه من بعده.