الآنسة ناموسة (2 – 2)

إن البعوض بات فعلاً يدمي مقلة الأسد لأننا أسد في إنجازاتنا الطبية، وأسد في كوادرنا المتخصصة المتابعة للدراسات والاحصاءات والواعية بدرجة الخطورة، وأسد في جمال مباني البلديات وحضارتنا الاسمنتية، لكننا رغم كل هذا الكم من التقدم لا نزال عاجزين عن تجميع قوانا العلمية والمعلوماتية وقدراتنا المالية لقتل بعوضة!!.
ذكرت في هذه الزاوية في عدد يوم الخميس أن سبب توقف محاربة البعوض وجعله ينتشر بالصورة الخطيرة حالياً يعود لافتقادنا للحماس للجهود المشتركة التي لا تبرز أحداً بعينه، والحرب على البعوض جهد مشترك لا يمكن أن تقوم به جهة واحدة ويستدعي تضافر جهود وزارات عدة، لكنني يجب أن أذكر أيضاً أن الجهد المشترك إذا أهمل فلابد من فرضه خاصة إذا كان يتعلق بالصحة ويستنزف طاقات الوطن، واعذروني أيها الرجال الأشاوس إذا قلت إن الآنسة ناموسة خير مثال على ذلك فمجرد إهمال محاربة البعوض الذي لا يكلف مبلغاً يذكر مقارنة بما يصرف لعلاج النتائج أدى إلى انتشار الملاريا في مناطق لم تكن موبوءة وعلاج هذا المرض إذا أمكن لا يمكن مقارنة تكلفته بتكلفة الرش.

ثم إن مسؤولية البعوض عن نقل بعض الأمراض التي تنتقل بنقل الدم تشكل هاجساً لعلماء الأمراض الوبائية وغني عن القول إن المحافظة على مريض الايدز حياً تعادل تكلفة رش عدة مدن، ناهيك عن الأمراض الاخرى وعلى رأسها أمراض التهابات الكبد الفيروسية.

وإضافة إلى تسبب إهمال محاربة البعوض في حدوث وانتشار الأمراض التي ينقلها فإن هذا الاهمال أدى إلى اضطرار الناس لاستخدام الادوات المنزلية للقضاء على البعوض مما أدى إلى رواج أقراص تنفث مواد ذات خطورة شديدة على الإنسان خاصة تلك التي تتولد بفعل أجهزة كهربائية وأبخرة لمواد مسرطنة ومضرة بالكبد وخاصة لدى الأطفال، ومرة اخرى فإن علاج هذه الأضرار لا يمكن مقارنة تكلفته الباهظة على ميزانية الوطن بتكلفة الوقاية من انتشار البعوض هذا إلى جانب التأثير الأهم وهو الإضرار بصحة الأبرياء ممن لا يمكنهم العيش المريح المنتج مع الآنسة ناموسة، فيضطرون إلى استخدام مبيدات منزلية لها خطر غير مرئي أو محسوس لكنه ثابت ومتوقع كان يمكن تلافيه لو قامت كل وزارة بدورها في عمل وطني مشترك للقضاء على حشرة صغيرة ما زالت تزهو بكونها أدمت وتدمي مقلة الأسد وتضرب مثلاً صارخاً على أننا نصر على أن نعمل «فرادى» لكي نبرز «أفراداً» في حين يفترض بنا أن نعمل معاً لكي يبرز الوطن.

اترك رد