اليوم: ماي 22, 2006

كابوس المعلمات

ليس أخطر من قضية معلمات محو الأمية وعددهن عشرون ألف معلمة إلا وضع المعلمات السعوديات العاملات في مدارس القطاع الخاص والمدارس الأهلية.أمضيت 14 يوماً أدرس عن كثب وضع المعلمات في مجتمعنا استعداداً للمشاركة في حلقة حول هموم المعلمات في قناة المجد، ورغم عرض الحلقة على الهواء مباشرة وانتهائها إلا أنني لا زلت مرتبطاً بهذا الموضوع لا أستطيع أن أنفك عنه لحظة واحدة علماً أنه ليس في قريباتي المباشرات معلمة واحدة وأعني الأخوات والبنات والزوجة والأم بطبيعة الحال.

دخلت عالم هموم المعلمات 14 يوماً وكأنما صحوت من كابوس مخيف وحلم مرعب فتمنيت لو أن ما شاهدته كان حلماً بالفعل!! والمشكلة أنه ليس كذلك.

عشرون ألف معلمة محو أمية «سعوديات» بعضهن أمضين 19 سنة خدمة واعتمدن كلياً على مصدر رزق متواضع جداً يتراوح بين (2000 إلى 2500) ريال يفصل منهن كل فترة مئات المعلمات بحجة ترسيم خريجة (جديدة) لها واسطة.

عشرون ألف معلمة يفقن كل صباح يتساءلن هل مصدر عيشهن باق أم قطع بجرة قلم موظف واحد (ليس بقرار لجنة أو هيئة أو جمعية مهنية أو مجلس شورى)!! قرار رجل واحد وبدم بارد.

وجدت أيضاً أن من اضطررن للعمل تحت رحمة القطاع الخاص أو في مدارس أهلية، يقمن بنفس عمل المعلمة الحكومية (بل وبدون أي مميزات تقاعدية أو سنوات خدمة وبعدم استقرار) ولكن بخمس الأجر، أي براتب قدره (1500) ريال وهو ما أوضحت في البرنامج عبر قناة المجد أنه يعادل راتب خادمة هاربة أو من الخادمات الأفريقيات المتخلفات بعد الحج، مع شديد احترامي للخادمة كإنسانة.

تخصم بعض المدارس الخاصة راتب يومين عن يوم الغياب الواحد وتجبر المعلمات على شراء هدايا للطالبات ومن لا ترضخ تتهم بسوء السلوك وتفصل.

كل العاملين بما فيهم الخادمات هناك من يحمي حقوقهم (مكتب شؤون الخادمات لا يسمح بدخول خادمة لم تحصل على كامل رواتبها بصرف النظر عن رفضها العمل) أما معلمات القطاع الخاص فهن مثال للجدار القصير (لا حد أدنى للأجر، لا حماية، لا نظم وإجراءات ولا قبول لااعتراضهن على الحسومات).

الواسطة والمحسوبية في نقل المعلمات (وهي من أكبر مشاكل الواسطة التي نعيشها) تحفل بمواقف وقصص يقشعر لها البدن ويستفز منها أكثر الناس بروداً وسلبية.

إننا يا سادة يا كرام فيما يخص وضع المعلمات نواجه ثاني مشكلة اجتماعية والسبب ليس أنظمة دولة ولكن موظفون بلا مشاعر ولا شعور.