اليوم: أفريل 23, 2007

من الفقير؟!

أحسنت قناة الإخبارية عندما وضعت ضمن برامجها فقرة (سؤال اليوم) لتتيح للجمهور وللشارع أن يقول رأيه دون وصاية وبكل تلقائية ويبين وجهة نظره وإجابته عن سؤال مهم، ثم إنها بذلك تزيد بشكل كبير من عدد المتابعين خصوصا أن كل سؤال يجيب عنه عشرات الناس من مواقع مختلفة ذكورا وإناثا .
أحد الأسئلة كان (من هو الفقير في نظرك؟) ولعل الإخبارية تعمدت أن لا تحدد (فقير في ماذا؟!) هل في فكره أم ماله أم دينه….الخ، فجاءت الإجابات واقعية معبرة تدل على أننا نخطئ كثيرا في تقييم درجة وعي الشارع السعودي، ولعلي ذكرت مرارا اعتقادي بأن درجة الوعي لدى كثير من الناس العاديين أعلى من بعض المسؤولين فالمعاناة أقوى أداة لاستحثاث الشعور والمشاعر !!.

جاءت الإجابات حسب شعور كل شخص ومعاناته فقيل الفقير هو فقير الفكر، وقيل فقير الدين، وقيل من لا يصلي على النبي وقال آخر إنه من يشتم هذا ويسب هذا، وذكر أكثر من شخص أن الفقير من كان غنيا قبل الأسهم وخسر في الأسهم واستشهد آخر أن راتبه كان عشرة آلاف وكان ينوي أن يبني منزلا لكن خسارته في الأسهم جعلته لا يدخر أكثر من أربعة آلاف ويعيش دون بيت يملكه!!.

وقال أكثر من شخص أن الفقير بخصوصية المجتمع السعودي هو من لا يجد أساسيات الحياة وهي الوظيفة والمسكن الملك والرعاية الصحية بمعناها الحقيقي وليس كما يحدث الآن مجرد مضادات حيوية !!.

وقالت فتاة مرحة إن الفقير هو من لم يجد قبولا في الجامعات مثل حالتي أو من لم يجد وظيفة وجلس في بيته (طفران) مثلي، أما أبو صالح، وهو مسن شمالي اللهجة (وأهل الشمال يتحدثون بصراحة وبراءة) فقال الفقير هو (اللي ما عنده لا وظيفة ولا شين وما عنده حلال إلا الشونه) ويقصد من ليس لديه وظيفة ولا شيء ومعتمد على إعانة الشؤون الاجتماعية .

أما أنا فأرى أن الفقر يعتمد على نوع ما يفتقر له الشخص، وإذا ما حددناه بالمفهوم المباشر الشائع وهو الحاجة المادية فإن الفقير ماليا في مجتمعنا هو من لا يسأل الناس إلحافا وعندما يتقدم للشؤون الاجتماعية بعد طول خجل وتردد وحياء فإنه يصطدم بطلبات غريبة، موغلة في البيروقراطية وصعوبة التحقيق بالطرق التي تحفظ الكرامة، وإذا أردتم أتعس أمثلة الفقراء فهي امرأة إما أرملة أو معلقة أو مطلقة لديها عدد ممن تعول، ليس فيهم ذكر بالغ يستطيع المراجعة ولا تحب أن تشتكي حالها لغير ربها (وفي هذا قمة الغنى) فلا يعرفها موظفو الضمان الاجتماعي ولا موظفات الجمعيات الخيرية.

أما أخلاقياً فإن أشد الناس فقرا هو من أوكل إليه أمر الفقراء ومعاملاتهم والبحث عن المستحق منهم ولم ينجح في ذلك ثم لم يعتذر عن هذه الوظيفة.

شكرا للإخبارية وشكرا ل أبي صالح فقد أثار شجونكم وشجوني وعسى أن يثار مزيد من الشجون في وزارة الشؤون !!.