الكاتب: محمد الأحيدب

«براغي» كرسي المنصب

سألني مذيع برنامج (تمكين) عبدالعزيز المحيسن على إذاعة (يو إف إم): لماذا كتبت ما كتبت في اليومين الماضيين في (الشباب السعودي متطوعون ومطاوعة)، فقلت: لأنني أشعر فعلا أن فئة الشباب التي تشكل نسبة تفوق 65% من السكان مظلومة إعلاميا ومؤسساتيا.

الإعلام لا ينقل إلا الصورة السوداء النادرة عن قلة من شباب وشابات (الكيك)، أو قلة من المشاغبين في احتفالات اليوم الوطني، أو ندرة ممن يفحطون!!.

الغالبية العظمى من الشباب والشابات مواطنون جادون مثابرون مجتهدون لا يحتاجون إلا إلى إعلام ومؤسسات تواكب الواقع وتنصفهم بناء على ما قدموا.

من كان يتوقع أن آلاف الفتيات السعوديات ينهضن قبل صلاة الفجر، وتستقل كل أربع أو خمس منهن حافلة نقل مهترئة لتسافر مئات الكيلومترات (قد تزيد على 400 كم) يوميا لتعمل معلمة، وهي ترى ضحايا الحوادث من زميلاتها يتوفين بشكل يومي أو يتعرضن لإصابات وإعاقة.

من كان يصدق أن الشاب السعودي يعمل سايس خيل كما يحدث عندنا في مركز إنتاج الأمصال بالحرس الوطني، أو عاملا في مطعم، أو حمال أسية في شركة.

الشاب السعودي والشابة السعودية يتعرضون لحالتين:

مسؤولون لا يريدون أن يغيروا الصورة النمطية التي تشكلت في أذهانهم منذ زمن الطفرة، وإعلام لا يرى ولا يسمع إلا مقاطع (الكيك) والمشاهد المنفرة الشاذة عن طبيعة الشاب السعودي.

الأمر الثاني هو أن الوزير أو المحافظ أو عضو مجلس الشورى عندما يكون شابا قبل تولي المنصب يتحدث بإيجابية عن الشاب والشابة السعوديين، لكنه بمجرد تولي المنصب يتنكر لهما ويقلل من شأنهما، وهذا أمر تفسيره يصعب إلا من محلل نفسي يحل (براغي) كرسي المنصب ومساميره ويدرس حالته.

عبر «الثامنة»

عبر برنامج (الثامنة)، وفي ضيافة الزميل داود الشريان، خرجت أربع (مديرات) سعوديات يعملن في عدد من المتاجر أو المؤسسات التجارية المهيمنة على المستلزمات النسائية، يتحدثن بأسلوب إنشائي عما قدمنه ويقدمنه للفتاة السعودية التي تعمل في بيع المستلزمات النسائية من عون وظروف مهيأة ومرونة في الدوام، بل وتسهيل على العاملات السعوديات في أمر اختيار الوقت الذي يناسبهن للدوام صباحاً أو مساءً والمكان أو الفرع الأقرب لسكنهن، وإقفال المحل مبكراً قبل إقفال (المول) لتستقل سيارة الأجرة في وقت أمان وتعود لمنزلها!.

الغريب أن العاملات أنفسهن غير ممثلات في (الجلسة) في الاستوديو، فأخذت (المديرات) راحتهن كثيراً في التحدث عن توفير الراحة للعاملات، بينما كشف تقرير الثامنة، وعلى لسان بعض العاملات، أن دورات المياه المناسبة لا تتوفر لهن، وأنهن مجرد غطاء للسعودة، بل إن (الكرسي) لم يوفر لهن للجلوس ولا أماكن للراحة!!.

الدكتور فهد التخيفي ختم الحلقة بمداخلة عن واقع ومستقبل العاملات في بيع المستلزمات النسائية بحديث يناقضه الواقع.

وقد سبق أن ذكرت معاناة فتاة فقيرة، لكنها نابغة دراسياً وحاصلة على البكالوريوس بتفوق، ولم تحصل على وظيفة ومصدر رزق إلا في مؤسسة بيع وتصنيع العطور، والتي اشتهرت بأن جميع قياداتها ومديريها من غير السعوديين (لم يسألهم أحد عن عدم سعودة وظائف دسوقي وربيع وعبدالفتاح!!).

الفتاة السعودية حرمت من نسب البيع الموعودة رغم براعتها في كسب ثقة (زبوناتها) وتحقيق دخل كبير للمتجر، وقاموا بتحويل نسبها لأنفسهم وصبرت، وقاموا (بتنقيلها) بين الفروع عندما رفضت بيع عطور منتهية التاريخ متمسكة بمبادئها وصبرت، ثم قام أحد المديرين فجأة بلمس يدها بحجة وضع كريم جديد، فلم تصبر ولم تسكت، شأنها شأن كل حرة، واشتكت ولم تنصف بعد!!، بل يعلم المتجر عن كل خطوة من شكواها لمكتب العمل فيهددونها بضعفها وقوتهم.

أين هذا الموقف الأليم مما يقوله التخيفي أو ما قالته المديرات المكرمات؟! لماذا يزيف البعض الواقع بمجرد إكرامه بمنصب مدير أو مديرة؟!.

الشباب السعوديون مطاوعة ومتطوعون٢ــ٢

بالأمس تحدثت عن تميز غالبية الشباب السعوديين في تدينهم وأخلاقهم وإسهاماتهم التطوعية المميزة والتي كشفتها دراسة واستبانة أجراها مركز الأمير سلمان للشباب، وخرجت بنتائج مذهلة وبعضها مفاجئة، ولم يسلط عليها الضوء الإعلامي إلا من إذاعة (يو اف إم) عبر برنامج (تمكين) الذي تقوم عليه مؤسسة العنود، وقد وعدت في مقال الأمس بتفصيل نتائج الاستبانة لعدم كفاية المساحة، وأود أن أذكر بأن المقصود بالشباب البنات والأولاد.

أوضحت دراسة اتجاهات الشباب السعوديين في العمل التطوعي أن الفئة العمرية الأكبر من المتطوعين والمتطوعات هم ممن تتراوح أعمارهم بين ١٨ــ ٢٤ سنة يليها فئة ٢٥ــ ٣٤ سنة وأقلها الأكبر من ٤٤ سنة، وهذا يدل على أن فئة صغار الشباب هم الأكثر حماساً للتطوع، كما أكدت الدراسة أن البنات يشكلن الغالبية (٦٩%) بينما الأولاد ٣١% وهذا يرد على كل من يشكك في الفرص المتاحة للفتاة وإمكانية مشاركتها، وأن الفرص متاحة متى ما اقتنعت المرأة وأرادت، ولا تحتاج لمن ينوب عنها.

أكثرية المتطوعين هم من الطلاب، والمستوى التعليمي لغالبية المتطوعين هو البكالوريوس، ثم الدبلوم يليهم الثانوي، وأقلهم الدكتوراه والماجستير، وتشكل منطقة الرياض الأكثر، تليها منطقة مكة المكرمة، ثم المنطقة الشرقية لكن النسب متقاربة.

وأكثر مجالات التطوع (اجتماعي) ثم (خيري) ثم (ديني) ثم (تنظيم فعاليات) و(تعليمي) وهكذا، وإجابة عن سؤال لماذا التطوع أجاب ٢٧% للمساهمة في المجتمع و ٢٣% لأنه عمل ديني و ٢١% لتطوير وصقل مهاراتي ومواهبي ١٠% للحصول على علاقات جديدة و ١٣% لأثري خبرتي التطوعية.

وعن وقت التطوع بلغ من تطوعوا في كل الأوقات (متى ما أتيحت لهم الفرصة) ٨١% وهو رقم كبير جداً بينما الأقلية من يتطوعون خلال عطلة نهاية الأسبوع حوالى ١% و ٧% خلال الإجازات وحوالى ١١% أوقات الفراغ.

وعن طريقة الوصول للعمل التطوعي شكل الأهل والأصدقاء ٣٣% والشبكات الاجتماعية ٣٢% بينما المدرسة ٢٥% والعمل ٧% وإعلانات الجرائد 3% .

المفاجأة المذهلة أن ٧٣% من المتطوعين لا ينتمون إلى عضوية مؤسسة خيرية وأن ٢٧% فقط منهم أعضاء في مؤسسة خيرية، وهذا يدل على بعد المؤسسات الخيرية عن استقطاب المتطوعين وتشجيعهم، وأن الشباب السعوديين إناثاً وذكوراً يتطوع ٧٣% منهم بمبادرات فردية وهمة ورغبة ذاتية، فلنفخر بشبابنا المتطوعين والمطاوعة ولا عزاء للسلبيين المتربصين.

الشباب السعودي مطاوعة ومتطوعون

مقارنة بكثير من أقرانهم في أنحاء العالم أثبت الشباب السعودي تميزهم في مجالات عدة بفضل من الله وكنتاج طبيعي لتربية تقوم على التمسك بالدين الإسلامي الحنيف منذ الصغر، والمرور بفترة مراهقة يحيط بها عناصر قدوة حسنة ملتزمة دينياً بدءاً بالوالدين والأشقاء والجيران والمعلمين وغالبية المجتمع أجمع.

لا يعاني المجتمع السعودي، ولله الحمد والمنة، مما تعاني منه سائر المجتمعات من السلوكيات الطائشة للشباب إلا من قلة قليلة جداً تشذ عن القاعدة العامة لأسباب نفسية أو اجتماعية ويلعب فيها عدم توفر العناية اللازمة من رعاية الشباب، فيما يخص شغل أوقات الشباب عامة، أو وزارة الشؤون الاجتماعية، فيما يعني تعويض فقدان الأب أو الأم، ومع وجود هذا القصور ومع أن الشباب يشكلون النسبة الكبرى من الفئات العمرية في الوطن إلا أنهم أثبتوا أنهم الأكثر صلاحاً وتديناً وجدية فكسبوا الرهان في أكثر من مناسبة وتحد!!، وبدلاً من القلق الذي يسببه الشباب (الصائع) الضائع الهائم في شتى أنواع الإجرام والشذوذ عالمياً، فإن قلق بعض من يخيفهم صلاح المجتمعات وصراخهم الإعلامي يتركز على كون غالبية شباب المجتمع السعودي هم من الملتزمين دينياً والمحتسبين (المطاوعة) كما يسمونهم خائفين!!.

الدراسة التي أجراها مركز الأمير سلمان للشباب حول اتجاهات الشباب السعودي في العمل التطوعي والمدعومة باستبانة شاملة وعميقة ومخدومة علمياً وأكاديمياً كشفت جانباً مشرقاً آخر للشباب السعودي لم يعر الاهتمام الإعلامي المطلوب، بكل أسف، باستثناء برنامج (تمكين) الذي تقدمه إذاعة (يو إف إم) والذي تقوم عليه جمعية العنود الخيرية فقد أشارت ابتسام المقرن للدراسة حول إبداع الشباب والشابات في الأعمال التطوعية في إحدى حلقات البرنامج.

غداً أفصل في الإحصاءات والنسب المبشرة جداً التي كشفتها الاستبانة حول مجالات العمل التطوعي وأسبابه ووقته وكيف تطوع الشاب ولماذا وطريقة وصوله للعمل التطوعي (وهذه الأخيرة بها مفاجأة ستكون صادمة للكثيرين).

اختفاء وكيل وزارة !!

كنت دوماً أطالب بالفصل بين التخصص العلمي والوظيفة الإدارية، فكنت وما زلت من أكثر المطالبين بعدم تكليف الأطباء بمناصب إدارية، فإبداعهم في تخصصهم العلمي كأطباء لا يعني إطلاقاً قدرتهم على إجادة تخصص غيرهم وهو الإدارة!!.

الأخطر من القصور في عدم إجادة فن الإدارة لغير المتخصص بها هو تأثير نشوة وسطوة الإدارة دون تخصص على مبادئ وقيم التخصص.

المتخصص في علم ما يحمل أمانة ذلك العلم ويلتزم بها؛ لذا فإن الأصل فيه أن تجده قابعاً في مختبره أو مركز أبحاثه يسخر علمه لخدمة مجتمعه وربما العالم أجمع، ولا يمانع في استشارة أو نصيحة في مجال تخصصه العلمي، وإذا استفتي فهو مثل العالم الشرعي (أهل الذكر) لا يفتي إلا بما يعلم ويتحمل مسؤولية فتواه وتصريحه!!.

الملاحظ، في إحدى أخطر التحديات الصحية التي مرت علينا قياساً بحصدها للأرواح، وهي حادثة فيروس (كورونا)، التي تأتي بعد إنفلونزا الخنازير في عدد الوفيات المعلنة، أقول الملاحظ أن وكيل وزارة الصحة للطب الوقائي اختفى تماماً عن المشهد بعد أن استفحل الأمر بسبب تصريحاته الشهيرة المطمئنة جداً في المرضين!!.

تلك الطمأنة غير الصحيحة هي ما أقصده بتأثير نشوة وسطوة الإدارة على مبادئ وقيم التخصص، فما كان لعالم أو متخصص يحترم علمه وتخصصه الطبي أن (يفتي) بأنه لا قلق من فيروس ويهون من أمره، ثم تحدث المصيبة فيصمت ويختفي ولا يحاسب، فالعلم أمانة.

ثمة مفارقة في اختفاء وكيل الوزارة للطب الوقائي عن المشهد؛ لأن مهمة المتخصص في الأمراض المعدية هو إعطاء المعلومة والفتوى الحقيقية وتحذير الناس لا تخديرهم.

قالوا وقلنا

** قالت (الرياض): المملكة الأخيرة خليجياً في رخص تكلفة مكالمات الجوال فهي الأغلى!!.

* قلنا: صورة مع العتاب لهيئة الاتصالات!!.

**

**  قالت أمانة العاصمة المقدسة: مياه الأمطار المتساقطة على مكة تمثل ٥٠% من المعدل السنوي!!.

* قلنا: (كل هذا الغرق وهي ٥٠% أجل لو ١٠٠% كيف الحال؟!)

**

**  قالت (عكاظ): التحقيق مع ٣ مسؤولين في فساد مالي قبل ١٢ عاماً!!.

* قلنا: (هل هي حجة لتأجيل التحقيق في فساد هذا العام لـ١٢ سنة قادمة؟!!).

**

**  قال وزير الثقافة والإعلام: إجراءات رادعة سيتخذها اجتماع وزراء الإعلام العرب ضد القنوات العربية غير المنضبطة قد تصل للغلق النهائي.

*  قلنا: المشكلة أن غير المنضبطة مضبطة أمورها بشكل من الأشكال!!.

**

**  قالت (الرياض): مدارس أهلية وعالمية تتحايل على وزارة التربية وتضيف رسوم التسجيل على رسوم الدراسة!!.

*  قلنا: يمكن هناك من يقول (تحايلوا كني ما أدري)!!.

**

**  قالت هيئة الأمر بالمعروف: لم نرفض إجازة الموظف المتوفى مشرف المشرف فاتقوا الله فيما تقولون (وتنقلون).

* قلنا: ولم تعلقوا على ظلمه بنقله فاتقوا الله في من (تنقلون)!!.

**

**  قالت (عكاظ): نزاهة تطالب بإصلاح الوضع في المنافذ الحدودية.

*  قلنا: وهل أصلحت هي وضعها في المنافذ الرئيسية ؟!.

**

**  قال وكيل وزارة الزراعة لـ(عكاظ): تركيب شرائح إلكترونية للإبل!!

*  قلنا: (شرائح إلكترونية؟! ما صارت إبل هذي أجهزة أبل!!).

**

**  قالت (عكاظ): اختصاصيون يحذرون من الاحتضان و(حب الخشوم).

* قلنا: (بس المصالح ما تمشي إلا باحتضان أو حب خشوم!!).

**

** قالت (سبق): القبض على مرتكبي مجزرة صيد الضبان.

* قلنا: (يمدحون الجلد بالعكرة!!).

الطامة الإعلامية الكبرى !!

منذ عرفنا الأفلام الأمريكية ــ رغم صغرنا ــ أدركنا أنها تسعى لرسم صورة نمطية عن المواطن الأمريكي بجعله في هيئة الإنسان القوي الشهم المهاب الذي ينتصر للضعيف ويفوز دائما، فهو القوي الذي لا يهزم، ثم تطورت أفلام هوليود بشكل كبير، فسخرت تقنية وصناعة السينما أثناء الحرب الباردة للرفع من شأن الولايات المتحدة الأمريكية والحط من شأن الاتحاد السوفييتي، وتصوير أمريكا على أنها دولة الحرية والإنسانية والعدالة، ليصدم العالم أجمع بعكس ذلك، ولكن بعد خراب بصرة وبغداد وجوانتانامو وأبو غريب.

في جانب أقل أهمية، لكنه مهم للاستدلال على تأثير الدراما وصناعة السينما في تكوين صورة نمطية عن الشعوب، فإن الأفلام اليابانية ركزت على وفاء الياباني واحترامه للكبير مع تركيز على براعته في الدفاع عن النفس، وتحديدا في إجادة فنون الكاراتيه والتايكواندو وغيرها مما كان يمثله بروسلي، والذي من شدة تأثيره في جيلنا تكون لدينا صورة نمطية راسخة عن كل ذي ملامح شرق آسيوية، أو كل ضيق عينين، بأنه يجيد الكاراتيه وقد يجندل خمسة أشخاص فابتعد عن طريقه ولا (تقاشره)، مع أنهم ليسوا جميعا كذلك!!.

نحن ــ ويا للأسف ــ تحاول تجارة المسلسلات والتمثيليات والإخراج السينمائي المحدود عندنا تضخيم سلبيات قلة من السعوديين، بل وادعاء سلبيات غير موجودة ولا رائجة و(التبلي) على المواطن السعودي بها، وتكوين صورة نمطية سلبية وقبيحة عنا بسبب خلاف فكري وسيطرة لفكر معاد للوسطية والالتزام على المشهد التمثيلي، ومحاولة قلة امتهنت الفن أو سيطرة على الإعلام السخرية من قوم، أو تلذذ مجموعة بالتركيز على سلوكيات سلبية لا يخلو منها أي مجتمع وتضخيمها وتقديمها بطريقة تحاول إضحاك الناس علينا أو حتى إضحاكنا على أنفسنا!!.

ليت الأمر توقف عند محاولة نفر من الممثلين (التميلح) على حساب المواطن!!، فقد تطور الأمر إلي طامة إعلامية كبرى!!، ها هو أحدهم لبس ثوباً أو زياً غير سعودي فنسي أنه أحد المواطنين السعوديين ليقول في قناة عربية واسعة الانتشار (المواطن السعودي يسهل استحماره!!)، بالله عليكم هل يستحق المواطن السعودي، الذي عرف عبر تاريخ المنطقة، بل العالم، بريادته وقيادته وفرضه على العالم أجمع مواقف مشهورة في الاعتدال والحسم والحث على السلام واللجوء للحوار، هل يستحق هذا الادعاء الغبي؟! بل هل يستحق من قاله وعممه شرف المواطنة أو حتى الإنسانية؟!.

صدمة سياحية

في الوقت الذي كنا نطالب فيه بتحسين الخدمات في المحطات العادية الصغيرة على الطرق البعيدة والفرعية، وكنا نأمل أن يتم إجبار المحطات والاستراحات على توفير دورات مياه تناسب استخدام البشر، كوننا نتوجه نحو تشجيع السياحة الداخلية، وفي الوقت الذي كنا نتوقع فيه أن نرى هذا الصيف توفير خدمات شاملة على الطرق مثل: خدمات الإصلاح، والصيانة، والمساعدة الميكانيكية الفورية المتنقلة، مثل غيرنا، وفرض تواجد خدمة إصلاح الإطارات في كل محطة وقود، كانت المفاجأة أننا نعود إلى الوراء، في هذا الصدد، عشرات السنين.

كنت على طريق الرياض ــ سدير ــ القصيم (السريع) الحيوي جداً الذي يرتاده الآلاف يومياً، وفي كل الأوقات، وقررت تأجيل التزود بالوقود حتى أصل محطة (ساسكو) في الجزيرة الوسطية بعد مخرج حريملاء (القريبة جداً من العاصمة الرياض) والتي يفترض أنها منطقة خدمات متكاملة تشتمل على غرف استراحة، وسوبرماركت، وطبعاً محطة وقود، وورش صيانة، وإصلاح إطارات.

بشغف وحاجة إلى الوقود تتبعت اللوحات التي تشير إلى الاستراحة، وتبشر كل خمسة كيلومترات إلى العد التنازلي لقرب الوصول إليها، حتى وصلت بالفعل للمخرج وإذا به أقرب إلى المتاهة مقسوم بالخرسانات، ودون لوحات إرشادية ولو كان الوقت ليلاً فإن من المستحيل الوصول إلى المحطة أو العودة للطريق السريع.

ولأن الوقت نهار وصلت إلى المحطة وليتني لم أصل!!، كانت مكاناً مخيفاً مهجوراً كما يبدو منذ سنوات. فالغبار يغطي كل شيء وثمة بقايا لوحات قديمة متناقضة بعضها يقول ( مغلق من قبل بلدية محافظة حريملاء) وهي دلالة مخالفات. أما الأخرى فتقول ( مغلق لإجراء تحسينات)، والغريب هو تواجد رجل وامرأة بالقرب من غرف التأجير وهو ما يشكل خطراً عليهما في ذلك المكان المهجور!!، وربما خطر منهما لا ندري!!.

الخطر الأكبر يقع على السياحة الداخلية فإذا كانت هذه حال طريق الرياض ــ  سدير ــ القصيم، (استراحة مهجورة دون تنبيه قبل عناء التحول إليها!!)، فكيف هي حال الطرق الريفية والنائية؟!، على الأقل أزيلوا لوحات الاستراحة، أو اكتبوا أنها أغلقت!!، احترموا وقتنا، واحترموا حقنا في التخطيط للتزود بالوقود!!.

تجاهل فصل توأم الرأس خطير!!

يعتقد بعض الأطباء السعوديون أنني ضدهم، ذلك لأنني هاجمت وأهاجم كثيراً الأطباء الحكوميين الذين يتركون مرضاهم وعملهم في المستشفيات الحكومية ويذهبون نهاراً جهاراً لعمل غير مشروع في المستشفيات الأهلية والخاصة طمعاً في المال، وقد واجهت بعض الأطباء تلفزيونياً وقلت إنني ضد الطبيب الفاسد وأشيد دائماً بالطبيب المخلص النزيه المتميز وقد كنت كذلك منذ بدأت الكتابة.

عند إجراء أول عملية فصل توأم سيامي في مستشفى الملك فيصل التخصصي بواسطة فريق أطباء سعوديين بقيادة الدكتور عبدالله الربيعة نقلت محطة (سي إن إن) الخبر عن طريق مراسلها المرحوم محمد السقا، ولم ينقل التلفزيون السعودي الخبر فكتبت مقالاً في صحيفة (الرياض) انتقدت بشدة تجاهل تلفزيوننا لهذا الإنجاز وعلى الفور وجه الملك فهد رحمه الله وزير الإعلام آنذاك علي الشاعر باستدراك الخطأ وإعداد تقرير مفصل عن العملية وعلمت ذلك بعد مقابلة الدكتور الربيعة في مستشفى الملك فهد حيث أعمل وكان آنذاك يعمل جزئياً كطبيب زائر، ولا أنسى حين قال لي (لم أكن أتوقع أن الملك فهد يقرأ مقالاتكم).

منذ ذلك الحين أبديت اهتماماً بهذا الإنجاز الطبي الفريد وكذلك بإنجاز زراعة الكبد بواسطة الجراح السعودي الفذ محمد السبيل، لكن زراعة الكبد توقف الاهتمام الإعلامي بها تماماً بل وحتى الاهتمام الإداري فكتبت في هذه الصحيفة منبهاً أن الوطن يتسع لأكثر من إنجاز!!، فلماذا أهملت وكدنا أن نخسر زراعة الكبد وهي أهم عملية إنقاذ حياة في هذا العصر لولا أن د. السبيل صبر وأعاد إحياءها في التخصصي، ويحقق الآن نجاحات غير مسبوقة بعيداً عن أضواء الإعلام.

الآن أرى من الواجب أن ننبه عقلاء الوطن أن عملية فصل التوأم السعودي الملتصق بالرأس (رنا ورنيم) من أعقد وأخطر عمليات الفصل في العالم ونجاحها يعني نجاحاً للوطن يضاف لفصل التوأم العماني الذي أجراه نفس الجراح أحمد الفريان وزملاؤه جراحو المخ والأعصاب، محمد الوهيبي وعلي بن سلمه، ولم تنل التركيز الإعلامي المعتاد لأسباب إدارية أصبحت من الماضي، ويجب أن نتدارك الوضع ونفخر إعلامياً بنجاح فصل التوأم الملتصق بالرأس ونكرم أبطاله، خصوصاً أنها أعقد عمليات الفصل لتشابك الأعصاب والأوعية الدموية للمخ وليس أمعاء أو قولون أو كبد يسهل فصلها، كما أن ما يميزها هو التحدي العالمي بعد فشل عملية فصل التوأم الإيراني الملتصق عن طريق فريق أمريكي حيث توفي التوأم مباشرة في فشل ذريع رغم سهولة الالتصاق مقارنة برنا ورنيم (ما شاء الله لا قوة إلا بالله).

على الوطن أن يفخر بإنجازه وتكريم أبنائه بصرف النظر عن مناصبهم وسعيهم للتكريم، فمثل الفريان والوهيبي وابن سلمه لم ولن يسعى للامتنان والتكريم والإعلام، فقد مازحت د. أحمد الفريان فقلت (ما بال العملية لم تسلط عليها الأضواء كما يجب وكالمعتاد؟!، لم يجذبك خالك ملك الفلاشات!!)، فقال (هو عمي يا عيار).

لماذا مخش عضو الهيئة رأسها ؟!

كل من كتبوا عن عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المعاقب بالنقل من مقر إقامته في مكة إلى الجوف بسبب تسببه في جرح بسيط في رأس فتاة آسيوية، طاروا في العجة وانتقدوه بأقسى النقد، وطالبوا بمعاقبته وهو معاقب، واستهدفوا الجهاز الذي يعمل به (وهو الهدف الحقيقي)، وقالوا إن الفتاة (المخالفة) مواطنة وهي أجنبية!! كل هذا دون أن يكلف أحدهم نفسه بطرح سؤال هام لاستكمال أطراف القضية صحفياً، وهو: ماذا فعلت الفتاة ليقوم بمناولتها حقيبتها بطريقة جرحت رأسها جرحاً بسيطاً لم يستلزم غير غرزة واحدة نقلته أكثر من ألف كيلومتر في مقياس (غرز) النقل والمواصلات!!.

حتى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم تكلف نفسها بتوضيح ما فعلته الفتاة، مع أن هذا من حق العضو المنقول، ومن مصلحة سمعة الهيئة، فثمة فرق بين مسببات الفعل وردة الفعل.

عموماً، الجانب المتعلق بالجرح السطحي ومبالغة من ضخموه وجعلوا من الأجنبية مواطنة وضحته لكم في مقال يوم الأحد الماضي ٤ مايو ٢٠١٤م، وأتيتكم اليوم بالخبر اليقين ومن مصدر محايد موثوق عن تفاصيل ما حدث، فلا صحة لأن الفتاة كانت تتنزه مع عائلتها في الحديقة وطلب منها العضو المغادرة أو أن والدها اشتكى!!، فما حدث أن مجموعة فتيات آسيويات (تحديداً أفغانيات) كن (يتمرجحن) وحولهن مجموعة من الشباب يتفرجون على تطاير ملابسهن ويغازلونهن، وعند وصول دورية الهيئة هرب الشباب وتسترت الفتيات وغادرن (المراجيح)، وبقيت شنطة إحداهن على مقعد (المرجيحة)، فأخذها عضو الهيئة ونبه الفتيات للشنطة، فعادت تلك الفتاة لأن الشنطة المنسية تخصها، فرمى بالشنطة اليدوية الصغيرة للفتاة، فأمسكت بطرف السلسلة وارتطم جسم الشنطة برأسها فجرحه!!.

ولم ترغب الفتاة ولا أحد أقربائها بالشكوى للشرطة أو تصعيد الأمر، بل إن أحد المراسلين صعد الأمر ونشر الخبر في صحف إلكترونية على أنه شج رأس فتاة تتنزه في حديقة عامة، فحققت الهيئة في الأمر، وحضر والد الفتاة وأبدى تنازله التام عن العضو، وأن ما حصل لا يستحق رفع دعوى (بدليل عدم وجود دعوى الآن)، لكن هيئة الأمر بالمعروف، وحسب نظامها الداخلي، ولأن العضو لم يبلغها مسبقاً عن الواقعة، قررت معاقبته بالنقل من مكة إلى الجوف، وهذا من صلاحيات الرئيس الذي نرجوه أن يعيد النظر في مقارنة العقوبة بالمخالفة، فلو نقل كل فرد في دورية مرور أو شرطة أو بلدية؛ لأنه نسي رصد تقرير حادثة عابرة منتهية، فإن الأفراد سيكونون كل يوم في ديرة، وفي حل وترحال دائم ومربك، وفق الله الرئيس لما يحبه ويرضاه!.