الكاتب: محمد الأحيدب

سلبيات زيارة المريض يا مشايخنا

الأمر لا يقتصر على انتشار مرض معد، وإن كان التوقيت يصادف ذلك، لكنني أعتقد، وأهل الذكر أدرى، أن ثمة فرقا كبيرا بين مريض في بيته يصارع المرض وحيدا ليس حوله إلا زوجه أو أبناؤه طيلة ساعات اليوم أو ليس حوله أحد، وحث الهدي النبوي الكريم على عيادته ومؤانسته والدعاء له ورقيته، وبين مريض يرقد في مستشفى يحيط به جهاز التمريض في كل الأوقات، ويتردد عليه الأطباء، ووقت زيارته محدد بساعات قليلة تكفي بالكاد زوجه وأبناءه ويتعرض لتدخلات طبية قد تجعله في وضع أو شكل لايحب أن يراه فيه عامة الناس، أو قد يعرضه للعدوى أو ارتفاع الضغط أو صعوبة الحديث والتنفس بما يتعارض مع سرعة شفائه.

ما أحاول الوصول إليه، بحذر تام، هو أن الإكثار من التردد على المريض في المستشفى تحديدا أمر قد لا يخدم المريض أو يريحه، بدليل أن الشائع الآن هو أن أغلب المرضى يحدد أوقاتا للزيارة أقل من الساعات التي يحددها المستشفى، أو يدعو عبر أقاربه بلطف وعلى استحياء إلى الاكتفاء بالاطمئنان عبر الهاتف، بل وصل الأمر إلى اكتفاء البعض بوضع ورقة تسجل فيها أسماء الزوار دون دخولهم على المريض من كثرتهم وهنا أصبح الأمر تسجيل حضور وتقدير أكثر منه عيادة مريض لمؤانسته.

من جانب الزائر أيضا فالأمر لم يعد يسيرا كما كان، فقد كانت البيوت متقاربة، مسافة سير بالقدم أما اليوم فإن زيارة مريض في مستشفى تستدعى شد رحال وسلك طرق مزدحمة وأخرى طويلة وخطرة، هذا خلاف سلك ممرات مستشفى يعج بأنواع البكتيريا والفيروسات والأمراض المعدية وأبخرة المضادات الحيوية التي إذا استنشقت مخففة اكتسبت البكتيريا مناعة ضدها تعرف بمناعة المستشفيات إذا توسعت أصبحت مناعة في محيط المجتمع تستعصي معها البكتيريا.

الناس تتحسس كثيرا من الخوض في أمر ورد فيه حث أو استحباب في الحديث والسنة النبوية الشريفة، مع أن دين الإسلام دين يسر وتغليب للمصالح و درء للمفاسد. لذا فإنني أرجو من علماء العلم الشرعي، وأهل الذكر والدعاة توضيح هذا الأمر وتكثيف التوعية حوله بما يغلب مصلحة كل الأطراف، المريض والزائر والمجتمع.

المواطن والوكالة

استشهد بما شئت من قرارات تتخذها بعض اللجان أو الاجتماعات أو المسؤولين في وزارات خدمية أو حتى موافقات مجلس الشورى على بعض الأنظمة، وستجد أنها تتخذ نيابة عن فئة من المواطنين غير ممثلة إطلاقا في اللجنة أو الاجتماع، ولم يعان معاناتها الذي اتخذ القرار، ولا تتشابه ظروفها مع ظروف كثير من أعضاء الشورى.

طبعا، الحل الأمثل لتلافي النتائج السيئة لهذا الأسلوب هو الأخذ بمرئيات عدد من المعنيين بالقرار ممن لديهم رؤية واضحة وخبرة وقدرة على التعبير، باستضافتهم في عدة جلسات في اللجنة والاستماع لمطالبهم وحججهم ودفاعهم، قبل اتخاذ القرار نيابة عنهم، لكن هذا لا يحدث وإن حدث فهو نادر، وإن ندر فإن اعتماد مرئياتهم ومطالبهم أندر.

أما أضعف الإيمان، فهو عمل استفتاء أو دراسة مسحية قبل اتخاذ القرار لمحاولة اتخاذ قرار يلبي حاجة ومتطلبات الغالبية ويحسب الحساب لظروفهم، وفي هذا الجانب (أضعف الإيمان) أتحدى أن جهة خدمية أو حتى لجنة من لجان الشورى أجرت استفتاء أو اعتمدت على نتائج دراسة مسحية أو استفتاء أجرته واستشهدت به في اتخاذ القرار.

قرارات كثيرة اتخذت بحق المتقاعدين أو الفقراء مستحقي الضمان الاجتماعي أو المرضى أو العاطلين عن العمل أو المحتاجين إلى سكن أو اليتامى أو المحتاجين لرعاية اجتماعية دون أخذ مرئياتهم أو استفتائهم في شأن يخصهم.

القرارات نيابة عنهم اتخذها شخص أو مجموعة أعضاء لجنة أو مجلس لم يعيشوا أوضاعهم ولم يدرسوها ولم يكتووا بنفس النار التي أحرقت رجلهم، ولا يشعر بالنار إلا رجل واطيها.

قالوا وقلنا

** قالت وزارة الشؤون الاجتماعية: عقوبة معنفي الزوجات مسؤولية القضاء.

* قلنا: لكن عقوبة معنفي نزلاء مراكز التأهيل مسؤوليتكم ولم نر نتائج.

**

** قالت (عكاظ): تعثر إنشاء جسر علوي في جازان لأكثر من ثلاثة أعوام!!.

* قلنا: ثلاثة أعوام فقط؟! هذا في قاموس التعثر وثب عال!.

**

** قالت (عكاظ): مدارس تفتقد السلامة .. ومعلمات في مرمى الخطر.

* قلنا: وهدف مسؤولي السلامة تسلل!!.

**

** قالت (الرياض): عدوى قذف الأحذية تنتقل إلى الأردن.

* قلنا: (بس الأمريكان عندهم باتريوت عجيب يحرفها عن جبهة بوش وهيلاري كلنتون(.

**

** قالوا: مطعم في ليدز البريطانية يستغل الفائض من الأطعمة في إعداد وجباته.

* قلنا: (تعالوا نعطيكم قحشة شيول لحوم حاشي وتريلات رز ودينا خرفان الله لا يعاقبنا(.

**

** قالت (عكاظ): مبتعث سعودي ينقذ عائلة أمريكية من حريق في هيوستن.

* قلنا: العائلة ستشكره والإعلام سيتهمه بإشعاله!!.

**

** قالت (محطة أخيرة) بـ(عكاظ): سعودي ينتج كواشف ومحاليل مخبرية لخدمة الصحة.

* قلنا: (لا يعلمهم إلا بعد تسجيل براءة الاختراع(

**

** قالت وزارة المياه: استهلاك الزراعة للمياه خلال ١٥ عاما يعادل الاستخدام المنزلي في ألف سنة!!.

* قلنا: (والله ما عرفنا لكم، مرة تقولون الاستهلاك المنزلي ومرة الزراعة، بس هدر مواسير الضغط العالي ما تجيبون له طاري(

**

** قالت عمدة أعمال ومال لندن: السعوديون أكثر إقبالا على شراء العقارات في بريطانيا.

* قلنا: منهم المال ومنك الأعمال.

**

** قالت الوكالات: بريطانيا تسهل امتحانات الطلبة المسلمين في رمضان وتضيف درجات لمن تتأثر إجابته بالصيام.

* قلنا: أعرف لك عضو شورى سابق سيعترض في كل قناة ويعتبر هيئة الأمر بالمعروف السبب.

مهرجان وطني لحرق المخدرات

ليس أعظم من الكميات الكبيرة التي يتم محاولة تهريبها للمملكة من المخدرات إلا الجهود الكبيرة لإحباطها، وليس أعجب من حيل طرق المهربين إلا فطنة رجال الجمارك وسلاح الحدود والعيون الساهرة على مكافحة المخدرات في اكتشافها، ولا يعادل حجم فرحتنا بإحباط دخول كمية مخدرات تصل قيمتها لملياري ريال إلا حجم حزن العصابة التي خسرتها وحاولت إدخالها.

لهذه الأسباب، كنت اقترحت منذ أربع سنوات وفي مناسبة زهو وفرحة مماثلة بإحباط تهريب كمية كبيرة مشابهة أن نحتفل وطنيا بحرق تلك الكمية بطريقة لا تلوث البيئة، وفي حفل بهيج ينقل للعالم، لنفخر بما نجحنا به، ونشفي صدور قوم محبين، وندخل الحزن واليأس في صدور قوم حاقدين يحاولون ويحاولون ويمكرون وينقلب مكرهم غلا في قلوبهم.

إن حرق تلك الكميات المهولة أمام أعين التائبين والمدمنين والمتضررين والأسر التي تعاني من ويل هذه المخدرات هو خير وسيلة لشفاء صدورهم، وأكثر الصور بقاء في المخيلة، مخيلة الأطفال والشباب والكبار، وهي من أكثر الصور قهرا وردعا لمن صدر هذه الكميات، فالحرق يرمز بقوة للنهاية الأبدية، ففي الحقائق العلمية أن المادة لا تفنى ولا تستحدث، لكن احتراقها يحولها إلى هباء أشبه بالفناء، كما أن احتفالية حرق أطنان وكتل من المخدرات سوف يستهوي قنوات الفضاء لتصوير الحدث، فتسهم المملكة في إسعاد محبي الخير وقهر دعاة الفساد والإفساد.

أتمنى أن تتم هذه الاحتفالية في أجواء انتصار كبير وإجراءات تليق بالمناسبة، ويجرى خلالها تكريم رموز هذا الإنجاز وما سبقه تكريما لا يخل بالسرية التي يستدعيها استمرار نجاحهم، ولا يقل عن ما يستحقونه كأبطال حقيقيين يستحقون أن يفخر بهم وطن تعود على تكريم أبنائه في مجالات عدة تكريما سخيا، ولا أعتقد أن مجالا آخر، سواء كان طبيا أو هندسيا أو رياضيا، يمكن أن يقارن بما ينجزه رجال الأمن على كل صعيد، حفظهم الله وحفظ وطننا بشريعته والتزامه وصدق نواياه.

في شوارعنا ٢٠ وفاة يومياً

الإعلام وحده لا يحقق إنجازا، وعلى سبيل المثال فما تفاخر به الإدارة العامة للمرور من إنجازات هي في حقيقة الأمر تطوير إلكتروني وثورة حاسوبية حققتها وزارة الداخلية في كامل هيكلها واستفادت منها جميع الإدارات التابعة لها بما فيها الإدارة العامة للمرور بتطبيق تقنية (ساهر).

أين الدور الحقيقي المطلوب والمتوقع لو كان في جهاز المرور عمل ميداني جاد للتقليص من الحوادث وليس لمراقبة تجاوز السرعة أو حتى التخفيف منها عن طريق التخويف بكاميرات ساهر؟!

لا أثر للإنجاز المروري أو تطويره طالما أن حوادث المرور الناجمة عن المخالفات في تزايد مستمر رغم (ساهر) وطالما أن معدل الوفيات اليومي بسبب حوادث المرور بلغ ٢٠ وفاة يوميا!!.

علينا أن لا نجامل مدير عام إدارة المرور فصديقك من صدقك وليس من صدقك وهو صديق لكثير من الإعلاميين وقد حاول كثيرا وعبر برامج تلفزيونية وإذاعية وعبر صحف ومجلات أن يقنعنا بأن المرور يراقب ويعمل ميدانيا لكن الأرقام تقول عكس ذلك، ومسببات الحوادث تجسد غيابا ميدانيا غير مسبوق للرقابة المرورية الميدانية وافتقادا للروح في العمل الميداني تجعل المسرع في غير مواقع (كاميرات) ساهر ومعاكس اتجاه السير ومن يرمي بسيارته على المركبة المجاورة ومن يتجاوز الإشارة غير المزودة بكاميرا ومن ينحرف يمنة ويسرة لأنه مخمور يمارسون تلك المخالفات على مرأى من دورية المرور ولا تحرك ساكنا!!.

أي استهانة برقابة المرور الميدانية أكبر من قيادة المخمور أو أن يقذف قائد مركبة بأخرى من فوق جسر في وسط المدينة؟!، فلو كان قائد المركبة يستشعر برقابة مرورية ميدانية جادة لغير سلوكه مثلما يفعل عندما يسافر لدول يوقف مرورها المركبة المخالفة من أول زلة وقبل أن تعرض حياة الآخرين للخطر.

الممثل المالي يا وزير المالية

يخطئ كثيرا من يعتقد أن الفساد المالي إذا كبر وكبرت لقمته، فإن علينا أن نحبط فلا نهتم بالصغير منه أو فروعه، ذلك أن للفساد المالي نتائج أخرى خطيرة غير ضياع المال العام ومن أهمها إحباط عدد هائل من الموظفين، خاصة إذا تمثل الفساد في الرواتب والبدلات لموظفين دون غيرهم!!، وإحباط السواد العام من موظفي المؤسسة أو الوزارة يعني توقف الإنجاز وهذا أخطر بكثير من ضياع المال العام.

مشكلتنا الأزلية الموغلة في القدم أننا لا نقف في الوسط، فإما أن نتشدد كثيرا ونغلق كل سبل المرونة أو نفتح الأبواب على مصراعيها و(نترك الدرعى ترعى) كما يقول المثل الشعبي الشهير.

وحتى لا أتهم بالحديث دون أدلة وأمثلة، أستشهد بمثالين: الأول يتعلق باستثمار الجهات الحكومية لإمكاناتها وطاقاتها بما يعود على الجهة الحكومية بدخل إضافي تدعم به أنشطتها ومشاريعها، هذا الباب كان مقفلا تماما، فكل دخل للوزارة أو مؤسسة من نشاط أبدعت فيه لا بد أن يدخل لوزارة المالية ولا تستفيد منه الجهة، وبذلك فإن الوضع لا يشجع على استثمار الجهات لطاقاتها، وأذكر أنني وغيري من الزملاء طالبنا بالمرونة في هذا الخصوص، وهي أكثر مطالبة صحفية ندمت عليها في حياتي، فقد فتح الباب على مصراعيه وأصبحت الدخول المالية للمؤسسات والوزارات تسير دون أدنى تدقيق ورقابة فأصبحت الأموال تبذر وتستخدم في بدلات ورواتب فلكية غير نظامية ولا شاملة للجميع، خصوصا وقد صادف هذا التساهل تطبيق التشغيل الذاتي لبعض المؤسسات، ولعل أقل الصور فسادا تأثيث المكاتب بمبالغ خيالية وبشكل فيه الكثير من التباهي والإسراف غير المسبوق.

المثال الثاني هو الممثل المالي، فهذا الموظف المستقل عن الوزارة أو المؤسسة الحكومية كانت له هيبة كبيرة كونه يتبع مباشرة لوزارة المالية، فكان لا يتم التعاقد لشراء قلم أو علبة حبر أو الموافقة على مشروع كبر أم صغر إلا بعد تدقيقه وموافقته، ولا أخفي عليكم فإن عدم استيعاب الممثل المالي لبعض احتياجات ومتطلبات بعض الجهات كان يعيق (فيما ندر) تحركها نحو الأفضل، لكن مقارنة بما يحدث الآن من تسيب في الرواتب الإضافية والبدلات غير المنطقية والترقيات المتعددة والانتدابات لأشخاص دون غيرهم والمبالغة في الصرف غير المبرر وهدر المال العام بطريقة جائرة، أستطيع القول (رحم الله زمن الممثل المالي الشديد المتشدد) وبالمناسبة أين ذلك الممثل الذي يهابه كل مدير ومحافظ ووزير؟!.

قالوا وقلنا

** قال صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز: البنوك مناشير.

* قلنا: ومؤسسة النقد أسنانها!!

**

** قال مجمع الأمل ردا على اتهامات (نزاهة) له بمظاهر فساد: نرحب بتحقيق محايد.

* قلنا: (إتهام لنزاهة بعدم الحياد ماباقي إلا يطلبون حكم أجنبي!!).

**

** قالت(عكاظ): معلم يرتدي زيا عماليا ويشارك في نظافة مدرسته.

* قلنا:( المعلمات ينظفن المدارس بدون مشاركة أحد وبزي التدريس من ٣٠ سنة ولا أحد قدرهن).

**

** قالت (مكة): الأقطار العربية تتصدر العالم بنسب الإصابة بالسكري.

* قلنا: حكومات تجيب الضغط والسكر

**

** قالت (ديلي ستار):سيدة بريطانية غريبة الأطوار تدعي أنها مخلوق فضائي تتواصل مع مخلوقات غريبة وأن مدرب أرسنال فينغرخطبها في القرن الخامس عشر ميلادي!!.

* قلنا: (ستلقب نفسها بخطيبة القرن)

**

** قالت وزارة الصحة: وضع كورونا مطمئن!!.

* قلنا: قصدهم عشرات الأنفس المطمئنة رجعت إلى ربها راضية مرضية.

**

** قال مساعد العولا ل(مكة):أطفال متلازمة داون يستغلون جنسيا في المدارس ومديرالتعليم الخاص يعترف بحدوثه في مدارس البنين والبنات.

* قلنا: الحل في تفعيل وتكثيف دور الأخصائي والأخصائية الإجتماعية.

**

** قالت(عكاظ): تعريف عاملات السجون بحقوق وواجبات النزيلات.

* قلنا: وعرفوا النزيلات بعدم (تنتيف) شعر رؤوس العاملات!!.

**

** قالت الصحة ل(عكاظ): إجراءات وقائية للفئات الأكثر عرضة لعدوى كورونا.

* قلنا: (مافيه أكثر عرضة من الممرض ومع ذلك مات).

**

** قالت الوكالات: لصوص يعتدون باقتحام غرفة ثلاث إماراتيات في فندق فخم وضربهن بمطرقة حديد.

* قلنا : هل سمحتم لهن بالدخول دون تأشيرة لتسمحوا  للص بالدخول عليهن بمطرقة دون رقابة؟!.

**

** قالت(مكة):معارض الكتب تتحول لمحلات أبو ريالين و الإقبال أصبح ضعيفا!!.

* قلنا: دليل على أن الإقبال كان عنادا للمحتسبين!! أعيدوهم يعود الإقبال!!

**

** قالت (ي ب أ): ببغاء صيني يخضع لعلاج نفسي بعد أن نتف ريشه بنفسه بسبب شعوره بالإهمال!!.

* قلنا: (ببغاء يعالج نفسيا!!، لو إنه عندنا كان يدور في السويدي ويسمونه ببغاء أبو منتفه).

طارق لندن لم يطرق بخير !!

بكر كثيرا هذه السنة، فجاء قبل الإجازة الصيفية بأشهر لينذر بخطر كبير قادم في إجازة الصيف، وعاد لاستخدام طريقة بدائية تعود للعصور الوسطى ليثبت أن العواصم الأوربية مخترقة رغم مراقبة شوارعها بالكاميرات ودقة متابعة القائمين عليها، ورغم تسخير أجهزة الرقابة في مداخل وعنابر فنادقها الفخمة، فأصر على أن يعيدها أربعين سنة للوراء أو تزيد!!.

كان ذكيا جدا، فاستخدم ذات أسلوب وأدوات المرحلة القديمة؛ لأنه لاحظ أن كلا من فريسته والرقيب عليها يمارسون ذات سلوكيات الزمن القديم!!، فالفريسة تستخدم النقد بسخاء ووفرة وربما استعراض بدلا من استخدام بطاقة صراف بنكية أو بطاقة ائتمانية!!، والرقيب فتح الدخول إلى أوروبا دون تأشيرة كما كانت في سالف الزمن!!.

مشكلة كبيرة، بل مصيبة إذا كنت ستفتح لي أبوابك للدخول إلى بلدك دون تأشيرة، وتسمح لحامل مطرقة حديدية ثقيلة أن يعبر من بوابة فندق كبير فخم ويصعد السلالم ويطرق باب الغرفة، ليجد سائحة مسالمة (بعيدة شر) لم تحذر من فتح الباب لكل طارق، ولم تعلم بأن عليها أن تنظر من فتحة صغيرة في الباب بها عدسة مكبرة لتعرف من الطارق فلا تفتح لكل من طرق!!.

هذا بالضبط (سيناريو) وتفسير ما حدث لثلاث سيدات بريئات من دولة الإمارات الشقيقة (أسأل الله لهن الشفاء والسلامة والنجاة من وضعهن الطبي الحرج)، كن يتسوقن بالنقد (الكاش) الوفير في لندن، فتابعهن لص في كل مسارهن في الطريق، دون أن يثير انتباه كاميرات الشوارع، ودخل معهن مصعد الفندق ذي الخمس نجوم وعرف الغرفة، ليعود ليلا ويطرق الباب، فتفتح له السائحة البريئة، لتجده يحمل مطرقة حديدية ثقيلة يهشم بها رأسها، ثم يهشم رأس شقيقتيها الواحدة تلو الأخرى، ويسرق كل ما معهن ويخرج بسلام كما دخل!!.

حدث هذا، وبهذا (السيناريو) الموغل في القدم، في لندن وليس في الصومال، وفي عام ٢٠١٤م وليس قبل خمسين سنة!!.

الشيء الوحيد الذي يدل على رقي وتطور وتقنية حديثة، هو أن استنجاد شقيقتهن تم عبر تغريدة تويتر (تويتة)، لتجد على الفور أن سفارة الإمارات في لندن تحضر بكامل إمكاناتها وأقصى تجاوب وتنقلهن إلى فندق آخر حسب رغبتهن وتدعمهن في العلاج والحراسة والمعيشة وتسهر على راحتهن!!.

تتويج أنصف الأيتام وقناة الوطن

عندما غضبنا وبشدة وتألمنا لما تعرض له أطفال أيتام إنسان بمنعهم من تحقيق أمنيتهم بالدخول مع اللاعبين في مباراة النصر والأهلي، لم نغضب لأن دخولهم سيدعم فريقا على آخر، ولكن لأن منعهم كان يعكس مشاعر جامدة وانعدام إحساس يؤسفنا وجوده، خصوصا نحو اليتيم وقد عوض الله أطفال (أيتام إنسان) بخير مما حرموا منه، فقد تواجدوا في حدث أهم وأكبر وأكثر متعة وهو اللقاء الختامي بين التعاون والنصر، والذي شهد تتويج النصر في حدث تاريخي وكرنفال ممتع وأكثر جماهيرية وفي ذات الملعب، وهنا لا بد من التذكير بضرورة تلافي مثل تلك التصرفات البيروقراطية المقيتة، خصوصا في حضور الحس الإنساني، وتحديدا مع الأيتام.

وعندما انتقدنا القناة الرياضية السعودية في عدم حياديتها، خصوصا في الإخراج والبرامج والتعليق، فإنما كان تركيزنا وما يهمنا هو أن تكون كل مؤسسة أو أداة مملوكة للدولة متاحة للجميع وتقف على مسافة واحدة من الجميع بصرف النظر عن ميول ورغبة من يسخر إمكاناتها؛ لأن هذا السلوك إذا شاع فإن أي مؤتمن على (حلال حكومة) سيسخره لأهوائه.

ومثلما انتقدنا الاعوجاج، فإننا لا نتردد إطلاقا في الإشادة باعتدال الميل، ففي ذات حفل التتويج كانت قناة الوطن الرياضية حاضرة بإنصاف ومهنية، فقامت قبل وأثناء وبعد الحفل بجهد كبير في التغطية والإخراج والنقل، فنقلت بإجادة وإخلاص عروضا جماهيرية رائعة سطرها جمهور النصر أبهرت العالم، ومن حق الوطن أن يفاخر بها في هذا المجال الرياضي تحديدا، وإن كنا نأمل بالتفاخر في مجالات أخرى أهم إضافة إلى الرياضة، لكن البهجة والتفاعل وإجادة الاحتفاليات المباحة المنظمة وإتقان أكثر من ستين ألف متفرج لها في وقت واحد، بتناغم غير مسبوق، أمر يدل على مجتمع واعٍ سعيد ويستحق تسليط الضوء والتوثيق، وبالمناسبة فإن من حق جمهور النصر توثيق وتسجيل إنجاز غير مسبوق في موسوعة جينيس للأرقام القياسية بأطول حركة أمواج دارت كامل الملعب من جمهور واحد لعدة دقائق دون توقف.

تعويض الأيتام عما حرموا منه بأفضل منه، والجهد الكبير المشكور الذي بذلته قناة الوطن الرياضية، ينطبق عليه المثل الشعبي النبيل المتسامح (من رد ما كنه شرد)، فشكرا لكل من أسهم في التصحيح دون ذكر للأسماء، فالاسم للوطن.

«تكفى» .. يا وزير التربية

حمدا لله فقد بدأ التعليم في الانتعاش والتحرك بعد فترة بيات ظنناه فيها، بلغة الطب، قد دخل في غيبوبة، فلم يكن يتحرك ولا يتكلم ولا يستجيب لمقترح أو نداء.

هي عادة خالد الفيصل، حينما يتولى ملفا ينعشه بحراك سريع، كما حدث في عسير ثم مكة والآن يبدو أن التعليم عاد للحركة والانتعاش، وهنا يكون علينا أن ننتعش ونتجاوب بالرأي والمقترح الذي لايخلو من اجتهاد إن أصاب فلنا أجران وإن أخطأ فواحد عن المحاولة.

ثمة أخبار عن عودة توزيع الوجبة المدرسية التي سبق أن وزعت ونحن في مراحل الدراسة، وآنذاك كان لها ذكريات جميلة ثم دار حولها لغط، وعلى كل حال هي تحتاج إلى عناصر تكامل لتنجح منها ما يتعلق بالنوع والكم والعناصر ومنها ما يتعلق بالرقابة والتدقيق وأقلها أن تتوفر إمكانية التخلص من علبها وأكياسها عن طريق نظافة مدرسية دائمة ومستمرة.

وما دام التعليم أفاق من غيبوبة عدم التحرك والتجاوب أود أن أقترح على وزير التربية والتعليم ومساعديه ما هو في ظني أهم من الوجبة بالنسبة لطالب أو طالبة محتاج على وجه العموم، وهو تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي والأخصائية الاجتماعية ومضاعفة أعدادهم وتركيز أدوارهم على دراسة الحالة الاجتماعية للطالب والطالبة والتي من خلالها يمكن معرفة احتياجاته ونواقصه ومشاكله الأسرية، فيسعى المجتمع وليس وزارة الشؤون الاجتماعية لحلها، لأن وزارة الشؤون الاجتماعية يا سمو الوزير لاتزال، مثل التعليم في أزمنة سابقة، في سبات عميق، ويمكن عن طريق المدرسة اكتشاف أشياء كثيرة يعاني منها الطلاب بسبب وضعهم الأسري والاجتماعي.

تكفى يا وزير التربية والتعليم وأنا أعلم أن تكفى لا تهز إلا الرجاجيل، وأعلم جيدا أن من بين الطلاب والطالبات من يدخل الفصل الدراسي وهو يحمل هما أسريا ثقيلا يجعله إما يبكي ويصرخ (أروح ام بيت واتعلم واجيك) وهو يدرك أن مشكلته الكبرى في البيت!!، أو لا يبكي ويبكي غيره من زملائه، أو يتحمل ثم ينفجر في مجتمعه بجريمة!!.