الكاتب: محمد الأحيدب

تصدير خارجي

كنت ومازلت أطالب بوقف وردع الممارسات غير النظامية لبعض الأطباء السعوديين الموظفين في مستشفيات حكومية برواتب وبدلات عالية لم تكفهم، فعمدوا لدخول مالية إضافية بطرق تتعارض مع أخلاقيات مهنة الطب الإنسانية.
تتراوح الممارسات بين ترك المريض في المستشفى الحكومي والخروج أثناء الدوام ومنذ ساعات الصباح الباكر للعمل في مستشفيات خاصة توفر لهم عيادات غير مشروعة، ثم تطور الأمر بالغياب عن عمليات جراحية مجدولة، وترك المريض لأطباء متدربين، ثم وكعادة التجاوزات تزيد طمع صاحبها فأصبح القرار الطبي يختلف فيرفضون الحاجة لإجراء تدخل جراحي عند زيارة المريض لهم في المستشفى الحكومي وعندما يزورهم المريض نفسه في عيادة المستشفى الخاص يقررون أن العملية عاجلة وضرورية ويحددون مبلغا كبيرا، ثم تتنوع التجاوزات إلى درجة أن أطباء العظام والعمود الفقري يحيلون مرضى الكسور لشراء الأجهزة والداعمات من دكاكين محددة تدفع لهم نسبة وترفع السعر إلى أربعة أضعاف أو يزيد.
الآن بعض المستشفيات الخاصة التي تشغل الأطباء بهذه الطرق غير النظامية افتتحت لها أفرعا خارجية، وطبعا لن تتمكن من تشغيل أطباء المستشفيات الحكومية في تلك الدول في مستشفياتها؛ لأنها تعلم أن الأنظمة صارمة والرقابة أكثر صرامة وسيكشف أمرهم فورا، فعمدت إلى استقطاب الأطباء أنفسهم وهذه المرة بشد الرحال خارجيا بالسفر أثناء الدوام الرسمي (لأن الطبيب لا يسأل عن الحضور والغياب مثل ما يحدث مع الموظف الإداري أو بقية أعضاء الفريق الصحي)، أو اللجوء لأخذ إجازة اضطرارية أو مرضية (بتقرير زميل آخر) والسفر لذلك المستشفى وهجر المرضى في المستشفى الحكومي للوطن الذي علّمه ودربه ومنحه الراتب العالي والبدلات الأعلى.
النتيجة لهذه الممارسات التي تطورت وتم تصديرها خارجيا ستكون فضائح خارجية بعد أن كانت فضائح داخلية ما لم تتداركها الجهات المعنية ووزير الصحة ومديرو القطاعات الصحية الحكومية الأخرى، فما سيحدث (وضعوها في المفضلة) هو حدوث أخطاء طبية واكتشاف أن الطبيب لا يتبع نظاما للمستشفى الخاص الخليجي ولا يرتبط بمريضه قانونا ومن ثم رفع قضايا ومطالبات قانونية تجعل الرائحة النتنة لتجاوزات أطبائنا تنتشر خارجيا.
مثل كل مرة أكرر التحية لرواد طب سعوديين قدموا لهذا الوطن ولهذه المهنة جهودا ونجاحات رائعة ولم يأخذوا إلا أقل من حقهم ماديا وإعلاميا أمثال محمد الفقيه، محمد السبيل، محمد القطان ومحمد المعجل، خالد الربيعان، فالح الفالح، مؤيد الزئبق، هاني نجم، وسعود التركي وغيرهم كثر أجزم أنهم يتألمون لما يحدث لمهنة الطب اليوم.

الشورى ناسي!

ذكرت وزارة الداخلية مجلس الشورى بأن هيئة رد الاعتبار موجودة ومشكلة بقرار من مجلس الوزراء منذ عام ١٤١٦، أي منذ حوالى عشرين سنة، وحسب صحيفة «عكاظ» أمس الاثنين فإن مجلس الشورى الذي يدرس مقترحا يتعلق بمشروع نظام التسجيل الجنائي ورد الاعتبار، تلقى برقية من وزير الداخلية نصت على أن ما يتعلق برد الاعتبار صدرت بشأنه قرارات من مجلس الوزراء كان آخرها عام 1416، تضمنت تشكيل هيئة من مدير التفتيش القضائي بوزارة العدل وعضو قضائي من ديوان المظالم ومستشار شرعي من وزارة الداخلية ومدير الأدلة الجنائية بالأمن العام، للبت في طلبات رد الاعتبار، وأكدت البرقية أن هذه الهيئة قائمة وتمارس أعمالها، كما أنها شارفت على الانتهاء من إعداد لائحة خاصة بتنظيم أعمالها.

هذا النسيان (مجاملة) أو عدم العلم (صراحة) لا يليق بطالب دراسات عليا أو طالب يعد مشروعا بحثيا، بل ولا حتى طالب مرحلة ثانوية كلف بإعداد مادة بحثية!، فكيف بمجلس شورى متفرغ وبه لجان متخصصة وسكرتارية ويفترض به أن يركز في بحث وتقصي كل مشروع نظام يزمع إصدار مقترح حوله؟!.

يبدو جليا أن مجلس الشورى في الدورة الحالية أو منذ ثلاث سنوات تقريبا يتخبط كثيرا، ولا يؤدي أعضاؤه واجباتهم (there home work) جيدا وهذا محبط، فحري بمجلس الشورى أن يتقصى الأنظمة والقرارات السابقة وقرارات مجلس الوزراء حول القضية مثار البحث، ويستفاد منه لا أن يفاد ويذكر وهو ينسى أو يفوت!.

الطريف أن خبر «عكاظ» عن تذكير الداخلية لمجلس الشورى تزامن مع خبر (جريدة واحدة لكل عضو شورى) والذي خفضت من خلاله الأمانة العامة للمجلس خيارات الصحف للأعضاء إلى صحيفة واحدة فقط فجال في خاطري هاجس مفاده (هذا والأعضاء كانت تصلهم كل الصحف فكيف وقد أصبحت واحدة؟!).


(مهايطية) سفهاء..عالجوهم بمواقفكم

هذا يضع مائدة من عشرين حاشيا وأطنان من الأرز، وذلك يضع ذبيحة لكل فرد يجلس على صحنها منفردا، وآخر يغسل أيادي الضيوف بدهن العود النفيس… الخ من أشكال مرض الشعور بالنقص الذي يعوضه المريض بما يظنه تميزا وانفرادا ولفتا لأنظار ما كانت لتلتفت إليه بسبب نقصه (أو هكذا يشعر).

لم يكن ذلك السلوك مقبولا في أي زمان ولا مكان قط، فهو من التبذير والإسراف واستفزاز الجياع والفقراء والمعدمين وقهرهم وحملهم على الحقد على الوطن وأهله والأبرياء من ميسوري الحال ممن لا يبذرون ولا يسرفون ويتصدقون ويعطفون على المحتاج، وهم الغالبية ولله الحمد والمنة.

أقول لم يكن ذلك السلوك مقبولا في أي زمان ولا مكان أبدا، لكنه اليوم أكثر خطورة من ذي قبل وأحرى بالرفض والمحاربة والردع، ذلك أن ظروف انتشار الجوع والفقر والحصارات لا تحتمل مزيدا من الاستفزاز، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي وسرعة انتقال الصورة والمشهد وانتشارهما باتت أكبر وأوسع وأسرع وقهرها أكبر!.

أولئك القلة من السفهاء يجب أولا تذكيرهم بشكر النعم ومن شكرها احترامها واحترام مشاعر المحروم منها وعدم الإسراف والتبذير، وهذا التذكير دور أهل العلم وخطباء المساجد والدعاة ويجب أن يكثف هذا الدور ويركز عليه بشفافية عالية لا تخلو من الأمثلة.

وثانيا على الدولة أعزها الله أن توجه توجيها صريحا بوجوب فرض القدوة الحسنة في هذا الشأن الخطير (وكل شأن) ومن ذلك توجيه الوزارات وإمارات المناطق والمؤسسات باتخاذ أقصى درجات التوفير والقصد في الحفلات والمناسبات وجعلها مبسطة جدا أيا كان الضيف أو كانت أهمية المناسبة، فتلغى الولائم الكبيرة وتبسط ويحث على هذا النهج.

كما يجب عدم الاستجابة للدعوات والاحتفالات والمناسبات من قبل أمراء المناطق والمسؤولين والوزراء إلا بعد اشتراط قائمة طعام وتقديم محددة مبسطة، وكلما كان الضيف أهم وكانت الوليمة أبسط انتشر المفهوم وسادت القدوة الحسنة وعلم (المهايطية) أن إسرافهم يؤخر ولا يقدم.

غني عن القول إن أصحاب الثراء والمال والجاه كلما اقتصدوا في حفلاتهم ومناسباتهم وزواجاتهم وجعلوها بسيطة مبسطة سنوا سنة حسنة واقتدى بهم الغير وأصبحت البساطة هي السائدة ولم تعد المبالغات وسباق الإسراف ميدانا للتنافس.


نصيحة للوزير الفالح

سبب تدني الخدمات وعدم رضا ٧٠% من المواطنين على الصحة، وشيوع الأخطاء الطبية وتكرار حدوثها، ليس في الأجهزة والتجهيز ومستوى المستشفيات بل في تسيب الأطباء وعدم التزامهم بالدوام والعيادات وإجراء العمليات في مستشفياتهم الحكومية وانشغالهم عن مرضاهم بالخروج أثناء الدوام الرسمي الحكومي للعمل في مستشفيات خاصة وأهلية!، والدليل أن المشكلة عامة في كل القطاعات الصحية ذات المستشفيات المتطورة وليست في مستشفيات وزارة الصحة فقط.

المشكلة أن الأطباء المتعصبين لأنفسهم ممن لا يتحلون بأخلاق ومواثيق شرف المهنة ويمارسون شتى أشكال الفساد المهني، هم أنفسهم من كانوا يرون أن الطبيب هو أساس الرعاية الصحية و(الكل في الكل) ويستهينون بدور غيرهم من الفريق الصحي، لكن عندما نقول بأن سبب تدني الرعاية الصحية هو سوء سلوك ذلك العضو من الفريق الصحي، وهو الطبيب، فإنهم يعترضون!، وعجبا كيف يرضون أن يكون أساسا في النجاح وثانويا في الفشل.

على الجانب الآخر فإن الأطباء الناجحين، الملتزمين بأخلاق ومواثيق مهنة الطب، يجمعون على أن ممارسات الجشع الحالية، غير الأخلاقية، لكثير من الأطباء الحكوميين، هي أهم أسباب ما نعانيه من كوارث صحية، والأمثلة كثيرة من هؤلاء الأطباء المثاليين، ولنأخذ منهم مثالا اليوم الطبيب جاسر الحربش وهو طبيب عصامي أدى واجبه الحكومي على الوجه الأكمل وعندما أدى ما عليه حكوميا لم يتحول للقطاع الخاص جزئيا، بل تقاعد وفتح عيادته الخاصة وعمل فيها بما يرضي الله، ويعلق جاسر الحربش على نتيجة الدراسة قائلا كان يفترض أن يتم تقييم الرضا من داخل المؤسسات الصحية أولا وركز على سؤال أعضاء الفريق الصحي وصغار الأطباء عن رضاهم على كبار الأطباء من حيث الالتزام والتواجد وإعطاء التدريب حقه!، وأردف مقترحا أن لا يسمح للقطاع الخاص بخطف الكوادر الطبية إلا بعد أن يدفع للدولة نسبة لا تقل عن نصف الراتب المحدد للطبيب شهريا كبدل تعليم وتدريب واكتساب خبرة وشهرة.

اقتراح الدكتور الحربش رائع جدا وينم عن إحساس بما أشرنا إليه من خجل الأطباء الغيورين على المهنة من واقع الجشع المادي المرير لكثير من أطباء اليوم، أما أنا فأقترح أن يعاقب كل من الطبيب الحكومي المخالف والمستشفى الخاص، الذي يشغله بطريقة مخالفة وغير أخلاقية، عقابا مجزيا للطرفين يعادل أضعاف دخل المخالفات مجتمعة، وإذا أراد المستشفى الخاص استقطاب طبيب حكومي متميز فليدفع مهره، ويطلب انتقاله إليه رسميا، ويدفع راتبه كاملا، على أن تستمر عياداته وعملياته في المستشفى الحكومي بمعدل لا يقل عن مرتين أسبوعيا لمدة لا تقل عن زمن الدراسة والابتعاث، وبذلك لا يحرم منه مريض المستشفى الحكومي ولا الخاص وتعوض الحكومة عن إعداده، ولا يحصل عليه التاجر دون عناء وعلى طريقة (باردة مبردة).


هدف صندوق الموارد تسلل!!

أخيرا اعترف مدير عام صندوق الموارد البشرية إبراهيم المعيقل لبرنامج (ياهلا) أن (هدف) كان ومازال يصرف دعم التوطين للشركات دون رقابة كافية تضمن عدم سوء الاستخدام.
وكان المعيقل ومازال يغضب حين نقول إن دعم صندوق الموارد البشرية بدفع نصف الراتب للقطاع الخاص الذي يوظف سعوديا يتم استغلاله أسوأ استغلال خاصة من طرف رجال الأعمال والشركات التي استغلت «هدف» ولم تحقق إلا أهدافها غير النزيهة، بل أثبتنا بالأمثلة أن ذلك الدعم أصبح يعلم أبناءنا التحايل والكذب مجبرين فيوقع على راتب ويستلم نصفه وهو ما يدفعه الصندوق كدعم للمؤسسة المحتالة.
الزميل الهادئ جدا خالد العقيلي والمحامي القدير فيصل الطايع حشروا الصديق العزيز إبراهيم المعيقل في الزاوية عندما حاول المزايدة على الوطنية أمام المواجهة بأن ٥٠٠ سيدة يعملن في منشأة يدعمها الصندوق وليس لديها مقر نسوي أو بيئة عمل نسائية! فأين الرقابة؟!، فرد قائلا: يا فيصل أعطني اسم المنشأة تحت الهواء ولن يأتي يوم الأحد إلا وجميع المراقبين يحيطون بالشركة!، قلت أين رقابتك على ٥٠٠ موظف في منشأة مدعومة قبل الشكوى؟!، وإلى متى ننتظر البلاغات ولا نستبقها مثلما نتسابق لنفي التهم؟!.
وقال مدير الصندوق: إذا حدث تواطؤ بين الموظف والمنشأة فكيف للصندوق أن يعلم؟! فعجبت لماذا لا يشارك الصندوق في صياغة العقد ليحمي الشباب من جور الشركات بإجبارهم على التوقيع بوعود كاذبة؟!، خصوصا أن الصندوق طرف يدفع نصف الراتب!، فلماذا لا يكتب صيغة الاتفاق ويصادقها؟!.
الأهم من هذا كله أن مدير عام الصندوق بعد الاعتراف بأنه لا يستطيع تفتيش ١٠٠ ألف منشأة مستفيدة من الصندوق، بالتواجد الجسدي، تفتيشا أسماه التفتيش العادي في الوقت الحاضر، (لعله يقصد التأكد من عنصر واحد هو عدم وهمية التوظيف)، وعد وعدا غريبا هو الأصعب، فقد قال: الدعم الحالي سيتغير وسيكون الدعم أجزاء يعتمد كل جزء على إتمام خطوة فلتوظيف السعودي يصرف من الدعم جزء، ثم لرفع راتبه جزء ثم لاستمراريته عندك جزء ثم جزء لتدريبه تدريبا جيدا موثقا بشهادات ثم جزء لتوفير بيئة نسائية وآخر لتوفير بيئة لذوي الإعاقة!.
بالله عليكم إذا كان الصندوق اعترف بعجزه عن مراقبة ١٠٠ ألف منشأة في عنصر واحد فقط هو (حقيقة التوظيف)، فكيف سيراقب نصف درزن من العناصر المتغيرة التي تحتاج تواجدا جسديا؟!.
يجب أن يعترف (هدف) أنه لم يحقق إلا هدفا واحدا هو (تدليع) التاجر وعدا ذلك فإن أهدافه كلها كانت تسللا.

شاطرين على «السكيورتي»

لن أدافع عن رجل الحراسات الأمنية الصناعية المشهور بـ(السكيوريتي) الذي دفع خمسينيا فأوقعه من فوق مدخل أحد البنوك في مقطع أثار تعاطف مواقع التواصل الاجتماعي، فحاشا لله أن أدافع عن مثل ذلك الفعل المشين في حق شخص مسن، وهذا التعاطف المستحق وصل حد اعتبار فعل رجل (السكيوريتي) البدين فعلا مع أن الواقع أنه ردة فعل لفعل سابق لم نشاهد منه إلا اندفاع المسن نحوه مرددا (لا تتكلم علي كذا.. ما نيب أصغر عيالك).

الذي أريد أن (أدفع به) غير (مدافع عن الفعل المشين) هو سرعة تجاوب وتفاعل كل الجهات المعنية و(غير المعنية) بمعاقبة رجل (السكيورتي) في إنزال أشد العقوبات به، بل أقصاها وهو الفصل من الخدمة دون محاكمة عادلة، بل دون البداية في المقاضاة أصلا!!.

تخيل، حتى البنك، الذي هو أصلا مستأجر لخدمة الحراسة من شركة متعهدة بالخدمة أعلن على الفور فصل موظف الحراسة الذي لا يتبع له أصلا!!، وكل من له علاقة، ومن ليس له علاقة بذلك الموظف (الذي لا أدافع عنه) أعلن فصله! وأعلن معاقبته! وإيقافه! كل حسب العقوبة التي يتمناها بصرف النظر هل يملك حق تنفيذها أم لا!!، ناهيك عن عدم بدء محاكمة عادلة للموظف!.

صراحة فإن تسارع إعلان العقوبات ضد موظف (السكيوريتي) لم أجد وصفا له أبلغ من وصف عادل إمام لحالته عندما لم يدفع أجرة (الأوتوبيس) في مسرحية (شاهد ما شاف حاجة) حين قال: (الكومسري يضرب والرجالة تضرب والستات تضرب وعيال صغيرة تعمل حاجات غريبة وتضرب!).

لماذا يا جماعة أجمعتم هذه المرة (وأقصد الجهات المعنية وغير المعنية) على سرعة عقاب الموظف؟!، هل فقط لأنه (سكيورتي) ضعيف؟!، لقد نقلت لنا مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية والورقية حوادث ضرب، أذكر منها: طبيب كسر أسنان خمسيني وأدخله العناية المركزة ونشرته (سبق) موثقا، و لايزال يحرر صفحة طبية، وموظف الخطوط السعودية الشهير الذي ضرب راكبا وسبه، وصاحب (رح اشتر)، والطفل المشجع حامل القميص النصراوي الشهير الذي جلد جلدا بسبب قميص، وفي كل تلك الحالات كان المعتدي موظفا ولم يفصله أحد!!.

أكرر، لا أدافع عن ردة فعل رجل (السكيورتي) لكن يسوؤني جدا الاستقواء عليه من كل الجهات رغم أن مشكلات هذه الفئة من الموظفين السعوديين مع الشركات الأمنية ومع صندوق الموارد البشرية ومع التأمينات الاجتماعية ووزارة العمل ومع الشباب والمجتمع بأسره تطرح منذ سنوات ولم يفصل أحد!!.


ملف مفقود من حقيبة وزير!

يأتي التعليم بعد الصحة مباشرة في ترتيب الوزارات التي شهدت تغييرات وزارية متتالية، ومن المؤكد أنه يأتي بعد الصحة أيضا في الأهمية البالغة كخدمة تقدمها الدولة.
رغم تغير حملة حقيبة التعليم من الوزراء في العشر سنوات الماضية، إلا أن محتويات الحقائب المتغيرة كانت واحدة أو متقاربة بشكل كبير، وأقصد هنا اهتمامات وتركيز الوزير الجديد في كل تغيير، فالاهتمامات كانت منصبة على أمور ليست ذات الأولوية، بل إن بعضها لم يكن أساسيا إطلاقا، مثل موضوع (تعليق الدراسة) والذي يعتبر موضوعا استثنائيا وليس من الأساسيات، حتى إحداث تغيير في المناهج لم يكن موضوعا أساسيا قياسا بالفشل في إيجاد ما يستدعي التغيير، فالموضوع برمته لا يعدو كونه وسيلة لتشفي فئة من أخرى.
لمنجد بعد وزير تعليم جاء متحمسا لإحداث تغيير في البيئة المدرسية بأكملها وهي الأساس، بدءا من المبنى المدرسي الحكومي الحديث غير المؤقت ولا المستأجر والذي يوفر ما يحتاج كل من الطالب والمعلم من تكييف ووسائل إيضاح ومعامل ومختبرات بحث وحاسوب شخصي وملاعب رياضية ودورات مياه صالحة للاستخدام الآدمي وتحقق النظافة والوقاية والتعويد على الرقي في التعاطي مع الحاجات الإنسانية، ومثل هذا المبنى المدرسي النموذجي الحلم كفيل بجعل الطالب يذهب للمدرسة بنفس مفتوحة ورغبة تكره أكثر ما تكره (تعليق الدراسة)، (أرأيتم كيف أن الأساسيات إذا وجدت الاهتمام جلبت معها آليا علاج الثانويات!!.
لم نجد بعد وزير تعليم جاء متحمسا لإحداث تغيير في الأمن المدرسي رغم شيوع التنمر (أهم أسباب النفور من المدرسة) ورغم تكرار الحوادث الجنائية (مضاربات بين طلاب وطلاب أو طلاب ومعلمين أو أقارب وأولياء أمور وشلل فزعات قد تصل لاستخدام السلاحين الأبيض والأسود).
الغريب أن تجد الأمور الثانوية التركيز الأعظم والأسرع فتكون هي الملف الأكبر في حقيبة التعليم الوزارية، بل هي سمة لوزير على حساب العمل الأكبر، بينما لو وجدت الأساسيات الاهتمام المطلوب لتحقق الأساسي والثانوي دون صراعات ولا مناكفات.

عن أي إنسان يدافعون؟!

منذ وجد الإنسان على أرض المعمورة ومنذ هابيل وقابيل والجريمة تقع بين إنسانين قاتل ومقتول، قاتل بسط يده لقتل أخيه وأخ قال (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك)، فأيهما أحق بالعقوبة وأيهما أحق بالحماية؟!.
عجبا لمن يدعون حماية حقوق الإنسان كيف يركزون على حماية الإنسان المجرم ويتهاونون في حماية حق الإنسان البريء والشواهد كثيرة والأمثلة متعددة والنتائج وخيمة وتصب جميعها في حرمان البريء من الحياة بقتله بدم بارد وربما يسبق القتل تعذيب ويعقبه تنكيل ومع ذلك تخرج قوانينهم الوضعية المجرم القاتل من الجريمة بأقل عقوبة، وكل عقوبة لا تصل حد القصاص قليلة، ولا تشجع على حياة الأبرياء (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون).
كل الدول والولايات التي ألغت عقوبة الإعدام ندمت واختل فيها نظام الحياة وبعضها عاد والآخر تعيش شعوبه رعبا وتتمنى العودة، وكل ذلك أمر لا خلاف عليه ولا غرابة فيه، إنما الغريب جدا أن تتفانى هيئات وجمعيات وأفراد في الانتصار للمجرم القاتل على حساب البريء المقتول، بل ولا تخرج وتتحدث وتعترض إلا عندما يتعلق الأمر بقتل مجرم بعد محاكمة عادلة وقبلها تحذير ومناصحة، بينما يتناسون تماما من قتل غيلة ودون ذنب بتفجير مبنى حكومي أو سكن أو القفز على منزل معاهد!، ويتناسون تماما أن من قتل عدوانا وغدرا خلفه أبناء و آباء وأمهات ومحبون من حقهم أن تشفى صدورهم بالقصاص من قاتله.
ويبطل العجب إذا علمت أن لتلك الهيئات والجمعيات أجندات سياسية ودينية موجهة ضد المملكة العربية السعودية، البلد الوحيد الذي يطبق شرع الله دون هوادة ولا تردد، وتلك الهيئات والجمعيات تستهدف شرع الله لا حق الإنسان فعلا وإلا فإن الأطفال والنساء والعزل في سوريا والعراق وفلسطين أحق بالحماية، بل إن راشيل كوري التي سحقتها دبابة إسرائيلية أمام عدسات المصورين كانت أحق بالنواح واللطم من مجرم قاتل حقير.
الأمر الأكثر عجبا والأحرى بوقفة وطنية حازمة هي تلك التغريدات الداخلية لمعرفات معروفة بمواقفها المعادية لكل حكم شرعي والموالية لعداوات غربية معروفة الأهداف والتي بدأت تنعق بأسماء نساء ورجال، تحملنا كثيرا تمردهن وتمردهم على تطبيق أحكام شرع الله في أوقات الرخاء ويجب أن لا نتحمل المزيد في أوقات الشدة فهؤلاء يحتاجون لردع يعيدهم للصواب أو يخرجهم من أوسع باب.

عضو شورى مستفز

من يعترض على مقدار الزيادة في أسعار الوقود مصرحا بأنها قليلة ويفترض أن تكون أكثر لا يقل ضررا بل يزيد، بل يزيد وأكررها بل يزيد ضررا على من يعترض على مقدار الزيادة بأنه كبير ومرهق، فكلاهما يثير استفزازا في نفوس العامة ليس هذا وقته ولسنا بحاجة له، لكن عضو الشورى الذي يطالب بمضاعفة زيادة سعر البنزين إلى المستويات العالمية (١٨٠ هللة) أكثر استفزازا وضررا من حيث لا يعلم أو جعلته (مجاملته) لا يعلم ولا يحسن التوقيت والأدوات، خصوصا أن أحدا لم يطلب منه هذه المشورة على مستوى القرار، وقديما قال المثل الشعبي (شور من لا يستشار مثل السراج في النهار!!).

الدولة أعزها الله درست الزيادة بعناية بحيث تتناسب مع مجمل ظروف اقتصادية من بينها انخفاض في سعر البترول، وهي ذات الدولة أعزها الله التي خفضت سعر الوقود إلى معدلات ميسرة جدا عندما كانت الظروف تسمح، والدولة ممثلة في مجلس الوزراء وهيئة الخبراء ومستشاريها لا تنظر للأسعار بعين الغني المستغني ميسور الحال الذي أوسع الله له في الرزق بسبب تجارة رابحة أو إرث كبير من أب أو أم، بل تحسب حسابا لمستور الحال والفقير والجائع والمعتر، وتدرس الأمور من هذا المنطلق الحكيم، بينما عضو الشورى الذي أشار دون أن يستشار ينظر لسعر البنزين مثل نظرة الطفل الفرنسي التي تريد من طفل أفريقي جائع لم يجد قطعة خبز أن يأكل كيكا!.

ثم يفترض من عضو شورى ينشد التجديد أن يجدد في دراساته المقارنة ففي دول العالم، التي يريد رفع السعر لسعرها، تتوفر بدائل نقل لا توجد لدينا، وكان الأجدر به أن يطالب باسم المواطن أن تطور تلك البدائل ويسرع بتوفيرها في كل مدينة وقرية حتى لا تخنقه رائحة التلوث من زيادة استهلاك وحرق البنزين، وإلا فإن الناس ستلجأ لسيارات الديزل الأرخص وتكتم أنفاس السيد العضو فلا يجدد له بسبب الحالة الصحية!


الهيئة.. وكيف زل الشورى؟!

أن يحجب هوى النفس بصيرة فرد أو اثنين فيطالب أو يطالبان بإلغاء جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واستبداله بجهاز مشابه تماما هو (بوليس الأداب)، لا يختلف عنه في شيء إلا إبعاد الإطار الشرعي لجهاز الهيئة، وتماما كما ذكر الشيخ بدر العامر في برنامج «الأسبوع في ساعة» على قناة روتانا خليجية أن لدى هؤلاء حساسية للإطار الشرعي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا سبب تلك المطالبة الغريبة.
ارتكاب موظف جهاز لخطأ لا يبرر المطالبة بإلغاء الجهاز بأكمله، ولا يطالب بها عاقل وإلا لألغينا جهاز وزارة الصحة مع أول خطأ طبي! كما أن تشابه المهام بين الشرطة والهيئة لا يبرر المطالبة بإلغاء أحدهما، لأن تفاصيل الأدوار والتخصص وطبيعة العمل تختلف رغم تشابه المهام، فتشابه وزارة التجارة مع هيئة المواصفات لا يبرر إلغاء هيئة المواصفات، ولا تزال مهام وزارة الصحة تتشابه بل تتقاطع مع هيئة الغذاء والدواء ومع ذلك تلقى هذه الهيئة دعما متزايدا لا مطالبة إلغاء.
إذًا، هي الأهواء من تحجب عقلانية الرؤية وإضعاف البصيرة لفرد أو آخر، لكن الغريب أن تصيب الغشاوة رؤية ١٥٠ عضوا في مجلس الشورى أو على الأصح غالبيتهم، فيؤيدون توصية بأن تحدد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، المنكرات، وهم يعلمون أنها هيئة تنفيذية لا تشريعية، وأن التشريع منوط بجهات تشريعية أخرى، وأن مثل هذا التحديد للمنكرات، إذا كانت غير معروفة، أو على أساس أن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات هو من اختصاص هيئة كبار العلماء، ويفترض أن تحدد المنكرات للهيئة لا أن تطالب بتحديدها!.
كيف فات هذا الأمر على جماعة يشكلون مجلسا يصوت فيه ١٥٠ عضوا ويؤخذ فيه بالغالبية؟! أمر جد محير، ولا تفسير له في رأيي الشخصي إلا أن المجلس افتقد للتركيز لأن تركيزه كان منصبا على الإسراع في خروج توصية بتحديد المنكرات ففات عليه أن تكون مستنكرة.