الكاتب: محمد الأحيدب

محك جديد لشفافية كورونا

وعدت في مقال الأحد باستكمال الحديث عن خطورة إخفاء كل من جامعة الأميرة نورة ووزارة الصحة ومركز القيادة والتحكم المعني بالتعامل مع مرض كورونا لاسم متعهد النظافة بالجامعة بعد التشخيص والتأكد من إصابة أربع عاملات نظافة من أصل ٣٦ عاملة يسكن في سكن مزدحم مكون من ثلاث غرف فقط!، وإن كان تم منع بقية العاملات المخالطات من دخول الجامعة والعمل فيها، وكنت ركزت على لوم واستغراب عدم شفافية مركز القيادة والتحكم تحديدا كون هذا المركز معنيا بالحد من تفشي المرض بل والوقاية منه وليس مجرد التعامل مع حالاته بإعلان ما سجل منها أو أرقام الوفيات اليومية والأسبوعية، ومن أهم أسس الحد من الانتشار إعلان اسم شركة النظافة والتأكيد على فرض رقابة صارمة عليها من جميع الجهات المعنية لمنعها من الاستفادة من المخالطات في عقودها الأخرى مع جهات لا تعلم أنها الشركة المصابات عاملاتها وهو أمر محتمل جدا إذا أخفي اسمها، والأمر المحتمل أكثر إرسال عاملات مخالطات لمنازل في الرياض أو خارجها لعدم تحذير الناس من الشركة بالاسم. ذلك السلوك من مركز القيادة ووزارة الصحة يضعف كثيرا الآمال في جدية مركز القيادة وقوته وصرامته في الأهم وهو التصدي لانتشار هذا الفيروس المميت دون أي مجاملات أو تردد، وأكرر استغرابي أن تضعف الشفافية كثيرا جدا عندما يتعلق الأمر بالقطاع الخاص أو المقاولين والتجار بسبب الحساسية المفرطة لكلمة (تشهير) والتي أثبت وزير الصناعة والتجارة د. توفيق الربيعة في أكثر من موقف أنها مجرد (وهم) وتردد ومجاملات من بعض الجهات الحكومية نسبة لجرأة وجدية القائم عليها وأن أنظمة الدولة منها براء.
الأمر الذي لا يقل أهمية في هذه القضية هو ما تتداوله بعض وسائل الإعلام والبرامج المتلفزة من تساؤلات مفادها هل الجامعة قد تعلق الدراسة فيها بحكم ثبوت تجوال الفيروس بداخلها (قلت لا فرق بين رئة عاملة وطالبة أو أستاذة) أم أن الأمر لا يستدعي توقف الدراسة؟! وفي نظري أن هذه الأسئلة الوجيهة يجب أن يجيب عليها مركز القيادة والتحكم وقلت في برنامج (الأسبوع في ساعة) يوم السبت الماضي وأقول الآن إن هذه القضية أقوى اختبار لقوة واستقلالية مركز القيادة والتحكم فقرار إيقاف الدراسة في أي جامعة أو مدرسة يجب أن يصدر منه (إذا رأى ضرورته) وليس من الجامعة أو وزارة التعليم وخلاف ذلك فإنه سيكون مجرد مركز شكلي.

إخفاء «كفيل» كورونا!!

في عالم الفيروسات المعدية (على الأقل) لا فرق بين إصابة طالبة أو موظفة أو عاملة فكل من يحمل رئتين مصابتين ويجوب أرجاء نفس المكان أو المجمع يمكن أن ينشر المرض فيه!، وكذلك فإن مرجعية المصاب أو حامل المرض (أو كفيله) لا أهمية له مطلقا إلا في المسؤولية عما يخصه من تقصير يساعد على نشره.

بيان جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن ركز على أنه لا إصابات بين طالبات الجامعة أو موظفاتها بالكورونا، وأن الحالات التي تم تشخيصها والتأكد من إصابتها بالمرض هي فقط أربع حالات لعاملات نظافة تابعات (لإحدى) الشركات المتعاقدة مع الجامعة وأن سكنهن خارج الحرم الجامعي وأنه تم التعامل مع الحالات كما ورد في البيان من إحالتهن لمستشفى وعزل العاملات المخالطات لهن في السكن ومنع دخولهن الجامعة…الخ.

دعنا نتجاوز التركيز على أن المصابات عاملات (فقط) وأن الطالبات والموظفات لم يتم تشخيص حالات إصابة بينهن والتأكد منها مثل ما حدث مع العاملات، مع أنه لا فرق فلو شخص إصابة طالبات أو موظفات فسيتم إحالتهن للمستشفى ومنعهن ومخالطاتهن من دخول الجامعة! أو هذا ما يفترض حدوثه.

دعنا نركز على الأهم وهو أن بيان الجامعة وكذا التصريحات المنسوبة لوزارة الصحة أخفت اسم الشركة المتعهدة بالنظافة تماما وهذا معناه أن الشركة يمكن أن ترسل عاملات نظافة مخالطات للمصابات لدائرة أخرى سواء حكومية أو خاصة!، بل ربما تؤجرهن لمنازل لا تعلم بأنهن عاملات مخالطات لمصابات بكورونا في سكن شركة ضيق (٣٦ عاملة في ثلاث غرف أي ١٢ عاملة في كل غرفة).

لا غرابة في أن تخفي الجامعة اسم شركة النظافة!، إذا كانت وزارة الصحة نفسها بل مركز القيادة والتحكم المخصص لمكافحة كورونا أخفى اسم شركة النظافة وهو يعلم أن عاملاتها مصابات أو مخالطات لمصابات!!، وهذا معناه أننا لا نعمل جديا كعمال نظافة لتنظيف الوطن من الكورونا، وأن شفافيتنا عندما يتعلق الأمر بالتجار والشركات والقطاع الخاص مصابة بمرض متلازمة الشرق الأوسط الـ(لا تنفسية).

وكالعادة المساحة لا تكفي، نفضح المزيد في مقال الثلاثاء.


مستوصفات بلا حراسة

أكثر من حادثة تعرضت فيها موظفة مستوصف خاص للاعتداء بسبب أن مالك المستوصف، الذي يلهف من المرضى أضعاف ما يستحق ويدفع للموظفين ربع ما يستحقون، لا يكلف نفسه توفير الحماية للموظفات والموظفين باستئجار عدد كاف من الحراسة.
لا نتعلم من الدروس فسبق أن قتلت موظفة استقبال على يد طليقها الذي سبق أن هددها، وضربت ممرضة، وسلبت مراجعة، وجميع ذلك حدث في مستوصفات أهلية وخاصة ولم يتم بعد فرض إجراءات أمنية كافية كان لا بد أن يوفرها مقر العمل لموظفيه ومراجعيه.
أحدث شكوى وصلتني في هذا الخصوص من موظفة استقبال سعودية في مستوصف خاص تحضر باكرا بحكم طبيعة عملها، فداهم مكتبها أحد المدمنين على المخدرات وكاد أن ينال منها لولا (فزعة) المارة وتخليصها منه مما أدى بها للاستقالة رغم حاجتها الماسة للراتب لفقرها ورعايتها لأسرتها ماديا.
لسنا ببعيد من الهجوم على أحد المصارف بالسلاح، وقد تتكرر مثل هذه الحوادث مع أن الوقاية منها تقع على عاتق رب العمل في شكل صرف على الحراسة وتأمين بيئة العمل بتخصيص مبالغ كبيرة للحراسة تليق بمستوى الخطر الذي يتعرض له الموظفون.
وعندما يقصر المالك ويحاول تقليل المصروفات على حساب سلامة الموظفين والمراجعين فإن الجهات الرقابية المسؤولة يجب أن تجبره على توفير حد أدنى من الاحتياطات الأمنية تحدده الجهة المختصة، وإلا فإن تزامن توفر التأمين على الخسائر مع الجشع والحرص على تقليص المصروفات سيعرضان الموظفين لحوادث وخسائر أرواح كان بالإمكان إنقاذها بحفنة من الريالات.

شفافية «مقرفة» لكنها رائعة

مثلما أن من الحب ما قتل، فإن من الشفافية ما يخيف ومنها ما (يقرف) ويسبب الاشمئزاز، ومع ذلك فإن الشفافية جميلة رائعة وإن أرعبت تماما مثل الحب الذي هو متعة من متع الحياة وإن قتل في النهاية فإنه قتل من شدة الاستمتاع.
شفافية وزارة الشؤون البلدية تقول في خبر نشرته صحيفة (مكة) منتصف الشهر الماضي أن ٤٣% من عمال المطاعم الذين تمت إحالتهم للفحص الطبي وجد أن لديهم أمراضا خطيرة ومعدية تتراوح بين فطريات في الأصابع وسعال وزكام وجروح في اليدين والأصابع، وذهبت شفافية تقرير الوزارة إلى أبعد من ذلك (قرفا) فأوضح التقرير أن غالبية جروح وقروح الأصابع وفطريات الأصابع ظهرت في من يعدون الطعام والخبازين وهذا معناه إمكانية انتقال فيروسات الكبد للمستهلك عبر طعام تلوث بدم العامل (كصيدلي أقول لكم إن طريقة انتقال الفيروسات بهذا التلويث تحتاج لتفصيل يطول وأنا حددت نفسي بـ ٣٠٠ كلمة، والمهم أن دما يختلط بطعامك عزيزي مدمن المطاعم وكفى).
وذكر التقرير في معرض صراحته وشفافيته أن العمال المصابين بفطريات الأصابع من الخبازين وأغلبهم لا يرتدون القفازات مذكَرا قراءَه أن العجن لا يخلو من فطريات! وتلوث من إفرازات قروح.
وذهب التقرير إلى أبعد من ذلك حين قال إن الإصابات بالكحة والزكام تعني احتمال أن يسعل العامل أو يعطس أمام طعام يعده!.
شخصيا، لا يقرفني التقرير إطلاقا لأنني ومنذ مشاركتي كمراقب متطوع في أمانة مدينة الرياض منذ أيام الأمين عبدالله النعيم ورؤيتي ما رأيت لم أعد آكل ذرة طعام أو حلوى تعد في الخارج وكنت أكتفي قبل زواجي بما تطبخ أمي، تغمدها الله بواسع رحمته، ثم حاليا ما تطبخه أم مهند أو إحدى بناتي -حفظهن الله- (ليس لدينا شغالة وحين كان لدينا فهي لا تقرب الطعام إلا لتأكل أعني أننا نطبخ لها)، وأنصحكم لوجه الله أن تقطعوا عادة الأكل من المطاعم أو من طبخ الشغالات والحديث هنا يطول أيضا.
أحبتي في وزارة البلديات الرقابة اللاحقة ضرورة ورفع رواتب وأعداد المراقبين أساسي لتكثيفها والغرامات (٢٠٠ إلى ٢٠٠٠ ريال) لا تعادل علاج جرح أو فطر لعامل واحد! وعليكم فرض عقوبات رادعة لأن النتائج خطيرة وعلاجها مكلف إن وجد علاج وإلا الموت وكفى بالموت واعظا.

شلل رباعي بأطراف التعليم

أتابع بحرص وقلق أخبار وزارة التعليم، أبحث عن خطوة جديدة تبعث أملا في انتشال جسد البنية التحتية للتعليم العام (ابتدائي، متوسط، ثانوي) للجنسين من حالة الإعاقة التي تعاني منها أطرافه مثل النقل المدرسي للطلاب والطالبات ونقل المعلمات اللاتي يمتن على الطرق النائية والبيئة المدرسية المتخلفة منذ سنوات ووسائل التعليم التي وعدنا منذ عشرات السنين بأنها ستكون حاسوبا لكل طالب ولا زالت (خمسون طالب حول واحد حبة حاسوب)، فلم أجد أي خبر عن علاج لشلل تلك الأطراف، بل ولا بصيص أمل في تركيب أطراف صناعية مؤقتة (كعادتنا في الحلول الوقتية) يساعد تلك الأطراف على الحركة.

أطراف جسد التعليم ليست الأجزاء الوحيدة التي تعاني شللا رباعيا مزمنا بلغتنا نحن أهل الصحة فالجسد برمته مريض ومنهك كما كان ولم أجد خطوة فعلية لعلاجه ولو بعلاج طبيعي أو (مساج) أو تدليك يعيد له الحيوية، فالمباني المدرسية تتقادم وأسقفها تسقط على الطلاب والطالبات، ودورات المياه لا تزال غير صالحة للاستخدام الآدمي وسبب في عزوف الطلاب عن الذهاب للمدرسة، ولا يزال التكييف بدائيا ويتعطل وإصلاحه في مدارس الذكور مستحيل وفي مدارس البنات قائم على نظام (القطة) من معلمات سعوديات شعارهن (الراتب لك أو لأخيك أو للذئب وبدلا من أن يلهفه زوج نائم نساهم به في إصلاح مكيف).

أبحث في الأخبار الجديدة لوزارة التعليم فلا أجد غير (وقعنا اليوم اتفاقية أو مذكرة تفاهم مع وزارة أو مؤسسة تحلية أو قطارات أرضية أغلبها تتعلق ببعثتك ووظيفتك)، مع أن التنسيق بين الوزارات والمؤسسات جزء من استراتيجيات عامة لا يحتاج إلى توقيع اتفاقيات منفردة وطاولة وصور وفلاشات، ومع ذلك وقعوا كما تشاؤون ولكن دعونا نرى العمل الأهم وهو توقيع اتفاقية مع نواب الوزارة ووكلائها وكبار موظفيها ومهندسيها على إنعاش جسد التعليم وعلاج أطرافه.


سؤال مخادع ماكر

تبلغ الخطورة ذروتها عندما يستفرد بائع المواد الضارة بفريسته في معزل عن التوعية والحماية!، وهذا ما يجعلنا أكثر عرضة لخطورة الترويج لمواد ضارة من أي بلد متقدم آخر في العالم!، فالبعض (خاصة المتاجرين بمواد ضارة من وكلاء ومصنعين ومستوردين) يحتجون بحجة خبيثة مفادها أن تلك المواد تباع في أمريكا وأوروبا فلماذا تطالبون بمنعها عندنا وتلك الدول التي سبقتنا في مجالات عدة تسمح بها؟!.
هذا السؤال الخبيث والحجة الماكرة تنطلي للأسف على بعض البسطاء لدينا!، بل حتى على بعض المسؤولين والمتعلمين والمثقفين عندما يغيب عن ذهن أحدهم أن تلك الدول المتقدمة، أو التي سبقتنا، تقدمت علينا أيضا وسبقتنا في مجال التوعية والتحذير والتثقيف!، وسبقتنا أيضا في فرض عقوبات وغرامات وتعويضات مليونية عند حدوث الضرر!، وهنا فإن المقارنة بهم غير عادلة ولا منطقية ولا منصفة، وعلينا أن نتعامل مع المواد الخطرة والضارة بما يتناسب مع واقعنا في التوعية والتثقيف والرقابة والغرامات والتعويضات، وليس بناء على ما لدى غيرنا ممن لديهم غير ما لدينا من إمكانات!. هذا الطرح قلته حول أكثر من عنصر خطر يعاني منه المواطن، وفي أكثر من مناسبة، قلته حول خطورة ما يسمى تدليسا بمشروبات الطاقة وهي مشروبات هدم، عندما احتجوا بأنها تباع في أمريكا، وقلته عندما حاول بعض مسؤولي الصحة التحجج وخداع الناس بالقول إن أرقام الأخطاء الطبية عندنا قريبة من أرقامها في أمريكا!، وعندها أضفت سؤالا محرجا (كم عدد التدخلات الطبية عندك مقارنة بما عندهم؟!) لا شيء طبعا فالحكم هنا للنسبة والتناسب وليس العدد!، و(كم مبالغ التعويضات عندهم مقارنة بما عندك؟!)، أضعاف مليونية طبعا وكف يد وعقوبات! ومن يمثل المريض عندهم من المحامين ومن يمثله عندك؟. نفس الشيء نقوله اليوم وقلته في مقال الثلاثاء حول المواد الضارة والمسرطنة التي يتعرضن لها الفتيات عندنا اليوم من حشوات وتنفيخ شفايف وتكبير الصدور بمواد ضارة وخطرة ومسرطنة وعمليات تجميل يروج لها تجار الطب في مستوصفات أقرب للدكاكين منها للطب، فثمة فارق بيننا وبين من يمارسها في دول أخرى تفرض رقابة صارمة وغرامات وتعويضات. ونفس الشيء ينطبق على الخطر القادم والمتمثل في تدخين الفتيات للشيشة والسجائر خارجيا وداخليا فهذا السلوك يتم بمعزل عن التوعية وفي غياب تام للأبحاث حول نسب تدخين الفتيات بالرغم من أن لدينا أكثر كراسي البحث في جامعة واحدة في العالم، لكن أكثرها كراسي مبالغ مليونية راكدة فارغة لا يستفيد المجتمع منها شيئا.

بناتنا وشفط الأرجيلة

يجب أن نكون أكثر صراحة مع أنفسنا ونتحدث عن واقعنا بشفافية واعتراف وإلا فإن مآسينا مع مخدرات الشباب و(إيدز) الشياب سوف تتكرر، والصراحة تستوجب القول إن بعض النساء والفتيات السعوديات وقعن في ممارسة خطيرة نتائجها بدأت وخيمة وستكون أكثر مأساوية بعد سنوات، إنها ممارسة تدخين (الأرجيلة) في السفر أو قل السفر من أجل (الأرجيلة) وهيا بنا (نشيش) وهو أمر ملحوظ مؤخرا وتراه عيانا بيانا ليلا ونهارا عندما تسافر لتركيا أو دبي أو بعض الدول المجاورة، بل إن كثيرا من الدول الأوروبية السياحية المتقدمة أصبحت مقاهيها تقدم الأرجيلة أو الشيشة كوسيلة إغراء للخليجيات (والخليجيين طبعا) مع أن هذه الدول تشهد ثورة وعي عارمة ضد التدخين سواء بين سكانها أو في قوانينها وأنظمتها إلا أن (كافيهات العرب) أو مراكز تجمعات (شفني وأشوفك) ومقاهي استعراض الملابس والسيارات أصبحت تعتبر (الشيشة) في أعلى أولويات قائمة ما تقدم لزبائنها الخليجيين حتى وإن هجرها السكان المحليون! دعونا في الأهم من سلوك مقاهي العالم السياحية واصطياد رغباتنا، وهو سلوك فتياتنا باتخاذ (تدخين الشيشة) موضة جديدة، وبناتنا يحترمن الموضة كثيرا حتى لو كانت في شأن لا يحترم صحتهن ولا سلامة أجسادهن ولنا في نفخ الشفايف والشد ونفخ بعض أجزاء الجسد بمواد مسرطنة، عبرة!، لكن تدخين التبغ وما يخلط معه من مواد قاتلة أمر لن تتحمله الصدور الناعمة ولا تتحمله أشد الصدور وسرطان الرئة والفم والدم ارتفعت أرقامه إلى أرقام مخيفة بسبب تأخرنا في التوعية بأضرار التدخين وتأخرنا في منع بيع السجائر للصغار وتأخرنا في فرض ضرائب عالية على السجائر وسائر منتجات التبغ! فهل تريدون مني أن أتأخر أيضا في التنبيه لأمر قارب أن يكون ظاهرة بين نسائنا، وأصبحت واضحة في السفر ومن المؤكد عند وصول مرحلة الإدمان على الشيشة أن تدخلها المرأة لمنزلها ويصبح رأس الشيشة ولي الأرجيلة وزجاجتها على قائمة (المواعين) بل ويصبح تقديم الأرجيلة من (الإيتكيت) في الزيارات النسائية يسبق التمر والقهوة!، فربعنا إذا (طاحوا) في شيء (طاحوا طيحة شينة) وواجبنا الوطني يستدعي تدارك الوضع بالتوعية بالمخاطر. وللحديث بقية.

يا رواد الطب أنقذوا المهنة

في مقال الخميس الماضي تناولت بالأسماء أعلاما من الأطباء السعوديين رفعوا اسم مهنة الطب واسم المملكة عاليا بإخلاصهم وتميزهم ولا بد أنني نسيت منهم أسماء لا تنسى مثل جراح القلب الأشهر محمد بن راشد الفقيه وإن كنت قد كتبت عنه سابقا مقالات خاصة ولابد أنني نسيت كثيرا غيره فمنهم العذر.

منذ سنوات سألني طالب طب في المراحل الأولى معاتبا فقال ألا تعتقد أنك بمقالاتك عن الأطباء الفاسدين تبالغ في الظاهرة بما يسيء إلى مهنة الطب؟! قلت له عندما تتقدم في مراحل دراسة الطب وتبدأ في الاحتكاك بالاستشاريين وتحتاج لهم في التعلم التطبيقي ستدرك أنني لم أبالغ فالناس شهود الله في الأرض وأصبحوا يشتكون ويصرخون من ألم الإهمال، ووصلت ممارسات الأطباء الفاسدين حدا يشوه المهنة ويشوه حتى جهود المخلصين.

قلت له كان الناس يشتكون من غياب الأطباء الاستشاريين عن عياداتهم المجدولة أسبوعيا رغم قلتها، ويشتكي طلاب الطب من عدم تواجد الاستشاري في الجولات على المرضى والتي يستفيد منها طلاب الطب في اكتساب الخبرات، وكنا في زمن عمداء الطب د.فهد العبدالجبار ود.فالح الفالح نخشى على المريض من الهلع من كثرة من يدخلون عليه في الجولة بين استشاري ومساعدين وأطباء مقيمين وطلاب طب جميعهم يستفيدون من الاستشاري الهارب اليوم لفساده!.

اليوم أصبح الناس لا يشتكون من الغياب عن العيادات وحسب بل حتى عن العمليات المجدولة وعن المناوبات مدفوعة الثمن! بل إن الطبيب الاستشاري المجدول كطبيب تحت الطلب بأجر كبير يرد على الجوال من مستشفى خاص ويرفض الحضور لحالة طارئة، مثل ما قد سبق أن كتبت عن استشاري عظام فاسد رفض الحضور لمباشرة حادث سيارات مليء بحالات كسور لعدد من المصابين!.

أصبح الناس يشتكون من أطباء يقررون عدم الحاجة لعملية عندما تزورهم في المستشفى الحكومي وعندما تزور نفس الطبيب بنفس العرض في المستشفى الخاص يلح عليك بضرورة إجراء العملية!، وهذا من أعلى درجات الفساد وعدم الأمانة، وأعرف جراح عمود فقري شهيرا يحيلك لشراء الأحزمة والساندات الطبية من محل محدد لا يقبل غيره لأنه يبيع ذات الحزام بأربعة أضعاف سعره ويدفع نسبة للطبيب.

ذات الطالب بعد سنتين اتصل بي معتذرا وقال فعلا تبقى مقصرا في فضح ما عايشت من فساد طبي.على العقلاء من رواد الطب في وطني إنقاذ المهنة من التشويه، وكنت سابقا أكرر أن بعض الوزراء الأطباء يجاملون الأطباء المخالفين لأن لديهم روح نقابة عالية كما ذكرها المرحوم بإذن الله غازي القصيبي في كتابه (حياة في الإدارة) حتى نبهني أحد رواد التعليم الطبي د.فهد العبدالجبار فقال: روح النقابة العالية تكون بالتعصب للمهنة وليس للممتهن ومن يتساهل مع طبيب مخالف هو متعصب للممتهن ومسيء للمهنة! فالواجب على الغيور على مهنة الطب أن يعاقب من يشوهها بالفساد كائنا من كان.


أطباء سعوديون «عالميون» خالدون

بمثل ما أنتقد وأعري الفاسدين من الأطباء في مقال أول أمس الثلاثاء وغيره منذ سنوات، كنت وما زلت وفي نفس الفترة الزمنية وربما أطول أكتب كثيرا عن أطباء سعوديين قدموا للوطن جهودا هو جدير بها وهي من صميم واجباتهم لكنهم قدموها بإخلاص وتفان أصبح نادرا اليوم، ولم يأخذوا ربع ما أخذه غيرهم من المميزات، منهم الدكتور محمد المعجل، رحمه الله، الذي إبان توليه للشؤون الصحية بمنطقة الرياض وصلت رقما غير مسبوق في الخدمات الصحية وتحديدا في الرقابة على مستشفيات القطاع الخاص فكان ينتدب أطباء للمستشفيات الخاصة ليس للعمل في عيادات غير مشروعة نظاما، ولكن لمراقبة أسعار ما يقدمونه من أدوية ومحاليل وتحاليل طبية ومدى ضرورتها للمريض والتأكد من أن ما يدفعه المريض أو تدفعه عنه الوزارة مستحقا فعلا!، وهو ما لم يتكرر بعده!.
ومنهم الدكتور محمد المفرح الذي عمل مديرا لمستشفى الشميسي آنذاك ثم في عدة وظائف صحية بمنتهى الإخلاص وبالمناسبة كل منهما ما أن أنهى رده لجميل الدولة استقال ليفتح عيادة خاصة متفرغا لا مخالفا!، ومن الأطباء معالي الدكتور أسامة شبكشي الذي تولى وزارة الصحة في أحلك الظروف الاقتصادية وقادها بقوة النظام والحزم لبر أمان لم تشهده بعده في سنوات الرخاء المادي، ولا أنسى لهذا الرجل موقفا قويا صارما في أحد اجتماعات صناع الدواء السعوديين وحضرته بصفتي مديرا لمصنع الأمصال، وفي الاجتماع وجه لوما ساخنا لأحد رؤساء مجلس إدارة شركة دوائية وطنية تخاذلت في إمداد الوطن بمضاد حيوي لالتهاب السحايا أثناء الحج بحجة مستحقات متأخرة من أزمة الخليج، وحاول رئيسها في الاجتماع (التفلسف) باسم الوطنية فذكره بموقفه المخجل تذكيرا جعله لا يرفع رأسه حتى نهاية الاجتماع مكررا (أنت تتكلم باسم الوطنية؟! أين وطنيتك عندما اضطررتنا للجوء لشركات أجنبية وكنا نظن شركتك مصدر أمن دوائي؟!).
وكتبت كثيرا عن معالي الدكتور عبدالله الربيعة رائد جراحة فصل التوائم ومفخرة الوطن في هذا المجال النادر، والدكتور محمد السبيل رائد الجراحة السعودي الذي زرع ولا يزال يزرع آلاف الأكباد بنجاح غير مسبوق، ولم يزرع اسمه في وسائل الإعلام إلا مجبرا، والدكتور مؤيد الزيبق طبيب القلب المخلص الذي لم يغادر عيادته في مراكز القلب التي عمل بها إلا في إجازة مرضية عندما تعرض للكورونا وسلم بحمد الله، والدكتور هاني نجم جراحة القلب الشهير والدكتور سعود الجدعان جراح الأطفال البارع البعيد عن الأضواء والدكتور خالد بن علي الربيعان الذي أفنى عمره في خدمة مرضى السكر في المستشفيات الجامعية، والدكتور أحمد الفريان والدكتور محمد الوهيبي والدكتور علي بن سلمة أبطال جراحة فصل توأم التقاء الرأس، والجراح الأشهر عالميا في جراحة اليد والأطراف والجراحات الدقيقة الدكتور محمد مناع القطان، وجراح الأوعية الدموية الدكتور سعود التركي وهذان تحديدا بلغت شهرتهما العالمية عنان السماء دون ذكر لهما في الإعلام المحلي، وللموضوع شجون أكملها في مقال قادم.

من حسنات الكورونا

أكد مرض الكورونا جدية وخطورة الممارسة المنافية للأخلاق المهنية التي نبهنا عليها منذ سنوات ولا زالت مستشرية ومنتشرة وتتزايد لأن أحدا لم يحسمها بعد بقرار حازم يوقفها ويحمي المرضى المساكين من نتائجها الخطرة، ألا وهي ظاهرة ترك بعض أطباء المستشفيات الحكومية مواقع عملهم أثناء الدوام وترك مرضاهم والخروج لعمل غير مشروع في المستشفيات الخاصة والأهلية نهارا جهارا ضاربين بالأنظمة عرض الحائط التي تمنع هذه الممارسة الدنيئة ومتنكرين لما تدفعه لهم الدولة من أجور سخية وبدلات عديدة يفترض أن تغنيهم عن مجرد التفكير في التخاذل ومخالفة التعليمات لمزيد من كسب غير مشروع على حساب مريض المستشفى الحكومي الذي يتركونه فريسة للمتعلمين من الطلبة والمتدربين من أطباء الامتياز الذين لا حول لهم ولا قوة، عندما يهرب الاستشاري تاركا إياهم أمام حالات لم تمر بهم من قبل، فيحدث الخطأ الطبي.
كثير من الأطباء الاستشاريين الذين يمارسون هذه الممارسات المنافية لأخلاق الطب وللأنظمة وحتى لتعاليم الدين الحاث على الأمانة والإخلاص والذين أسميهم (أطباء فاسدون)، كانوا يدافعون عن هذا السلوك المشين ويحاولون تبريره بمغالطات الطماع الذي أعماه الجشع، وكانت المستشفيات الخاصة التي تستخدمهم لجلب زبائنها تلتزم الصمت والخوف من تطبيق القرارات والتوجيهات التي صدرت يوما ما بحزم وعزم قريب، وفي ذات الوقت كانت تلك المستشفيات لا تحترمهم لعلمها بمخالفاتهم، والفاسد لا يحترم حتى من قبل المستفيد منه!.
لم تطبق القرارات كما ينبغي بعد، لكن شاء الله أن تأتي كارثة الكورونا وتصيب كثيرا من المستشفيات الحكومية التي جاء منها هؤلاء الأطباء، لتضع الكورونا المستشفيات الخاصة أمام نارين، إما إيقاف عيادات هؤلاء الأطباء فيها أو تعرض المستشفى الخاص لنقل المرض عن طريقهم!! وطبيعي أن كان خيار العقلاء من تجار العلاج أن أبعدوهم دون احترام، فوقعت الفوضى في وقف بعض العيادات وتساؤل المرضى عن الأسباب!، مع أن كثيرا من المرضى كان أذكى من الطرفين ومدرك للعبة أصلا فكان يقول لأقاربه (ابتعدوا عن هذا المستشفى الخاص فهو يستخدم أطباء من مستشفى به الكورونا!!).
هذا مع قناعتي التامة أن كل مستشفى دخلته الكورونا بطريقة أو أخرى والفرق في الشفافية لكن المحصلة أن للكورونا حسنة فقد فضحت كثيرا من القصور ونقص الشفافية منذ عصور!.